هذه الترجمة قد لا تعكس التغييرات التي تم إدخالها منذ 2016-11-09 على النسخة الإنجليزية اﻷصلية.
من المستحسن أن تلقي نظرة على هذه التغييرات. من فضلك، راجع تعليمات الترجمة للحصول على المعلومات المتعلقة بتسليم وتنسيق ترجمات هذه المقالة.
أقلت ”ملكية فكرية“؟ إنها سراب كاذب
بقلم ريتشارد إم. ستالمن
لقد صار من المألوف أن توضع حقوق النشر وبراءات الاختراع والعلامات التجارية (وهي ثلاثة كيانات مختلفة ومنفصلة لها ثلاثة قوانين مختلفة ومنفصلة كذلك) وإثنا عشر قانونًا آخرًا في طبق واحد وأن تُسمى ”ملكية فكرية“. إن هذا المصطلح المضلل والمشوش لم ينتج عن مصادفة محضة، فقد روجته الشركات المستفيدة من اللغط، وأفضل وسيلة للتخلص منه تكمن في رفض المصطلح جملة وتفصيلاً.
يقول الأستاذ Mark Lemley، أستاذ كلية القانون في ستاندفورد، أن انتشار مصطلح ”ملكية فكرية“ ناتج عن عادة عقبت عام 1967 الذي تأسست فيه منظمة ”الملكية الفكرية“ العالمية (WIPO)، وأصبح شائعًا جدًا في السنوات القليلة الماضية فقط. (تعد WIPO رسميًا منظمة تابعة للأمم المتحدة، لكنها في الحقيقة تمثل حاملي حقوق النشر وبراءات الاختراع والعلامات التجارية.) ويعود الاستخدام الواسع للفظ إلى حوالي عام 1990 (نسخة محلية للصورة).
إن المصطلح يحمل خلطًا ليس من الصعب ملاحظته، فهو يشبه حقوق النشر وبراءات الاختراع والعلامات التجارية بحقوق ملكية الأجسام المحسوسة. (إن هذا التشبيه يتعارض مع الفلسفة القانونية لقانون حقوق النشر وقانون براءات الاختراع وقانون العلامات التجارية، لكن المتخصصين وحدهم يعرفون ذلك.) هذه القوانين في الحقيقة لا تشبه قانون الملكية المحسوسة، لكن استخدام المصطلح يجعل المشرعين يغيرونها لتشبهه، وبما أن هذا التغيير يعكس طموح الشركات التي تستفيد من قوى حقوق النشر وبراءات الاختراع والعلامات التجارية، فإن الخلط الناتج عن مصطلح ”الملكية الفكرية“ يروق لهم.
إن الخلط يعد سببًا كافيًا لرفض المصطلح، ولقد طلب مني الناس مرارًا أن أقترح أسماءً أخرى لها معًا، كما اقترح البعض بدائل من عندهم (بعضها على سبيل الطرافة). من الأسماء المقترحة IMPs (Imposed Monopoly Privileges) الصلاحيات الاحتكارية المفروضة، و GOLEMs (Government-Originated Legally Enforced Monopolies) الاحتكارات التي تنظم الحكومة فرضها قانونيًا. اقترح البعض ”أنظمة الحقوق الحصرية“ لكن تسمية القيود ”حقوقًا“ خلط أيضًا.
قد يكون من اﻷفضل استخدام بعض تلك الأسماء، لكن من الخطأ تعويض ”الملكية الفكرية“ بأي لفظ آخر، لأن أي لفظ آخر لن يعالج المشكلة الأساسية، ألا وهي المبالغة في التعميم. لا يوجد شيء واحد اسمه ”ملكية فكرية“، بل هو سراب. إن الانتشار الواسع لاستخدام المصطلح هو الأمر الوحيد الذي يجعل الناس يظنون أنه تصنيف ملائم.
أفضل ما يقال عن مصطلح ”الملكية الفكرية“ أنه تجميع لقوانين متفرقة. إن غير المحامين يفترضون أن تلك القوانين المختلفة أساسها واحد وعملها متشابه عندما يسمعون ذلك المصطلح.
لا شيء أبعد من هذا الافتراض. تلك القوانين ذات أصول مختلفة، ويُتعامل معها على أساس مختلف، وتغطي نشاطات مختلفة، ولها قواعد مختلفة، وتؤثر على العموم من جهات مختلفة.
صُمّم قانون حقوق النشر لتشجيع التأليف والفن، وهو يغطي تفاصيل العمل؛ وأُريدَ بقانون براءات الاختراع تشجيعُ نشر الأفكار المفيدة، مقابل إعطاء من ينشر فكرة احتكارًا مؤقتًا لها، وهو ثمن يستحق الدفع في بعض المجالات ولا يستحق في غيرها.
أما قانون العلامات التجارية، فعلى العكس، لم يُرَد به تشجيع أي تصرف معين، بل تمكين المشترين من تمييز ما يشترونه؛ لكن المشرعين تحت تأثير ”الملكية الفكرية“ حولوه إلى قانون يشجع الإعلان.
وبما أن تلك القوانين قد نشأت بشكل مستقل، فهي تختلف في كل تفاصيلها، هذا بالإضافة إلى أهدافها ووسائلها الأساسية؛ ولذا إن عرفت شيئًا عن قانون حقوق النشر، فمن الحكمة أن تفترض أن قانون براءات الاختراع يخالفه. نادرًا ما ستخطئ!
عملياً، فإن معظم التصريحات العامة المُصاغَة باستخدام مصطلح ”الملكية الفكرية“ خاطئة. فعلى سبيل المثال، فإنك ستجد تصريحات تزعم بأن الهدف ”منها“ هو ”تحفيز الابتكار“، لكن مثل هذه التصريحات لا تتناسب إلا مع قانون براءات الاختراع أو ربما مع الاحتكارات المرتبطة باﻷصناف النباتية. قانون الملكية الفكرية لا يولي أهمية تذكر للابتكار، فأغنية البوب أو الرواية محمية بقوانين الملكية الفكرية حتى وإن كانت تخلو كلياً من حس الابتكار. وقانون العلامات التجارية لا يهتم بالابتكار، لأني إن فتحت متجراً لبيع الشاي وسميته ”rms tea“، فإن علامتي التجارية قد تصبح علامة قوية حتى إن قمت ببيع نفس أصناف الشاي بنفس الطريقة كباقي المتاجر اﻷخرى. وقانون السر التجاري لا يهتم بالابتكار، وغالباً ما يبقى دوره هامشياً في هذا المجال. قائمة الزبائن الذين يقتنون الشاي من متجري قد تكون سراً تجارياً رغم انعدام أي علاقة لها بالابتكار.
هناك أيضاً تصريحات تؤكد على أن ”الملكية الفكرية“ تهتم ”بالابتكار“، لكن ذلك لا ينطبق في الحقيقة إلا على قانون حقوق النشر. الحصول على اختراع مَحْمِيّ ببراءة اختراع لا يحتاج فقط لحس الابتكار. قانون العلامات التجارية وقانون السر التجاري لا يمتّان بأي صلة للابتكار. ليس هناك ولا ذرة من الابتكار في اسم “rms tea”، ولا في قائمة الزبائن السرية.
غالبًا ما يقول الناس ”الملكية الفكرية“ عندما يعنون في الحقيقة تصنيفًا أوسع أو أصغر. فعلى سبيل المثال، كثيرًا ما تفرض الدول الغنية قوانين جائرة على الدول الفقيرة لأخذ أموالها. بعض هذه القوانين قوانين ”ملكية فكرية“، وبعضها ليس كذلك. ومنتقدوا هذه الممارسة يستخدمون هذا المصطلح لأنه أضحى مألوفًا بالنسبة لهم، لكن استخدامهم له لا يدعم القضية. من الأفضل استخدام المصطلح الدقيق مثل ”الاستعمار التشريعي“ لأنه يتناول صلب القضية.
لا يضلل هذا المصطلح عموم الناس وحدهم، بل إن صناع القرار أيضاً يخدعون ويُضللون بإغراء مصطلح ”ملكية فكرية“، ويُصِّرحون بتصريحات عامة تتناقض مع ما يعرفونه. على سبيل المثال، كتب أحد الأستاذة عام 2006:
كان صانعو دستور الولايات المتحدة يتبنون قناعة تدعم التنافس في الملكية الفكرية، خلافًا لأحفادهم الذين يعملون في WIPO. لقد آمنوا بأن الحقوق قد تكون ضرورية، لكنهم قيدوا أيدي الكونغرس وحجروا على سلطته بطرق متعددة.
تشير هذه العبارة إلى المادة 1 القسم 8 البند 8 من دستور الولايات المتحدة، والذي يسمح بحقوق النشر وبراءات الاختراع. لكن هذه العبارة لا تتناول من قريب ولا بعيد قانون العلامات التجارية ولا غيرها من القوانين. لقد قاد مصطلح ”الملكية الفكرية“ الأستاذ إلى التعميم الخاطئ.
مصطلح ”الملكية الفكرية“ أيضًا يقود إلى التفكير السطحي، فهو يجعل الناس يركزون على القاسم المشترك الصغير بين هذه القوانين المختلفة (أنها تعطي صلاحيات مصطنعة لأطراف معينة) لكنهم يتجاهلون التفاصيل الهامة: وهي القيود التي تفرضها كل من هذه القوانين على العامة خصوصًا وما ينتج عنها. إن التفكير السطحي يشجع النظرة ”الاقتصادية“ لكل من هذه القوانين.
يأتي دور الاقتصاديين هنا -وكالعادة- أنهم محرك لافتراضات غير مثبنة، منها الافتراضات التي تتناول بالقيمة، بأن كمية الإنتاج مهمة أما الحرية ونمط الحياة فليسا كذلك، والافتراضات التي تتناول الحقائق مثل أن حقوق النشر تدعم الموسيقيين وأن براءات الاختراع على العقاقير تدعم الأبحاث التي تحمي حياة الناس.
إحدى العيوب الأخرى هي أن التأثير الكبير لمصطلح ”الملكية الفكرية“ يخفي المشاكل التي تسببها تلك القوانين. تنتج هذه المشاكل بسبب تفاصيل كل قانون على حدة، وهي التفاصيل التي يحاول مصطلح ”ملكية فكرية“ جعل الناس يتجاهلونها. على سبيل المثال، إحدى القضايا المتعلقة بحقوق النشر السماح بمشاركة الموسيقى؛ فليس لبراءات الاختراع علاقة بذلك. يسبب قانون براءات الاختراع مشكلة السماح للدول الفقيرة بإنتاج عقاقير تحمي حياة الناس وببيعها بسعر أرخص، فليس لحقوق النشر علاقة بذلك.
لا تعتبر كلا القضيتين اقتصادية بحتة، وحتى جانبهما الاقتصادي مختلف جدًا عن الآخر. إن استخدام التعميم التجاري كأساس لاتخاذ القرار في هذه القضية يعني تجاهل كل الاختلافات. إن وضع القانونين في وعاء ”الملكية الفكرية“ يلوث الدراسة الصافية لكل منهما.
ولذلك فإن كل الآراء المتعلقة ب”مشاكل الملكية الفكرية“ وأي تعميم آخر تافه. إذا اعتقدت أن كل هذه القوانين واحدة، فسوف تبني قناعتك على عدد محدود من التعميمات الكبيرة، وليس أي منها صائب.
إذا أردت دراسة المشاكل التي تسببها براءات الاختراع أو حقوق النشر أو العلامات التجارية أو غيرها من القوانين المختلفة، فإن أول خطوة يجدر القيام بها نسيان حشرها معًا، ومعاملتها كقضايا منفصلة. الخطوة الثانية هي رفض النظرة السطحية التي يفرضها مصطلح ”الملكية الفكرية“. اعتبر أن كل واحدة من هذه القوانين منفصلة (تمامًا) وستتاح لك فرصة الدراسة الصائبة.
وعندما يحين موعد إعادة تشكيل WIPO، هنا أحد الاقتراحات لتغير اسم وجوهر WIPO.
انظر أيضاً القصة العجيبة لكومونغستان (أو كيف تهدم مصطلح ”الملكية الفكرية“)
إن أوجه التشابه بين الدول اﻷفريقية تفوق بكثير أوجه التشابه بين هذه القوانين، كما أن ”أفريقيا“ تشكل مفهوماً جغرافياً مترابطاً. ومع ذلك، فإن الحديث عن ”أفريقيا“ بدل الحديث عن بلد معين يؤدي إلى كثير من الخلط.
ريكارد فالكفينجي يؤيد التخلي عن هذا المصطلح.