لمّا حدث السّقوط، وتغرّب الإنسان عن الله، عرف أنّه خسر حياتَه، وصار مائتاً. ومنذ ذلك الحين وإلى يومنا هذا وهو ينظر بغرابةٍ تسودها آلامٌ شديدةٌ تقطر مرارةَ السّقوط. وتنذُف دمَ المُصاب، إلى حاله الّتي صار إليها من موت وفساد.
صار موت الإنسان همَّه الوحيد وواجبٌ عليه تقبُّلهُ. لا لكونه حقيقةً لا يمكن تغيرُها، بل لأنّه حقيقةٌ يمكن التغلّب عليها بالتوبة، وقبول موت المسيح الّذي صار هدفاً لقيامةٍ جديدةٍ معَهُ.
وانطلاقاً من هذا، سوف نقوم بإيضاح مفهوم الموت، إنطلاقاً من مفهوم الحياة. شارحين كيفيّة دخوله إلى عالمنا المنظور، بعد حدوثهِ أوّلاً في عالم الملائكة غير المنظورة، وانتهاءً بموت المسيح. وذلك بتبيان الفروقات الّتي تحتويها كلمة الموت عند كل من الملائكة والإنسان والمسيح. وكوننا نتحدّث عن الموت، هذا يعني أننا سَنعرض ماهو متعلِّق بِه، كموطن الأموات، وكيفيّة الغَلبة على الموت موضِّحين كل مايرتبط بها بحسب ما جاءَ في الكتاب المقدَّس.
ولأنَّ كنيسة المسيح هي واحدة، سَنشرح هذه الوحدة من خلال عضويتنا في الجسد الواحد، لننطلِق إلى الحديث عن الصلاة، ما هو معناها، وما أنواعها، وطرقها، وكيف تكون فاعليَّتها تجاه الأحياء، لكي نفهم امتداد هذه الفاعليَّة نحو الراقدين، ومدى الفائِدة التي يحصلون عليها من الصلاة، الضرورية لكلِّ الجنس البشري، أحياءً كانوا أم أمواتاً.
وما دام حادثُ الموت ذا طابَعٍ أليمٍ يتردَّدُ صداهُ في سلوكيَّات حياتِنا، عند فقدانِ قريبٍ لنا، كان لا بدَّ لنا من أن نذكر بعض الأمورِ ذاتِ الطابع السلوكيّ، الواجب علينا أن نعرفَها لكي نرتقي في إيمانِنا بشكلٍ يُرضي الله. ومن بين هذه الأمور، ماهو متعلِّقٌ في كيفيَّةِ الحزن على الراقدين، وتعبيرنا عنه بعباراتٍ نطلقها من دونِ أن نعرفَ ماتحتويه من معانٍ تبتعدُ كُلَّ البعد عن المعنى الحقيقي لإيماننا المسيحي. وكذلك ما يخصٌّ مدافن الموتى، من فخامةٍ أو بساطةٍ. كما وأنّنا سَنورد بعضاً من أقوال آباء الكنيسة الّتي تذكِّر بالموت. لأنَّ لذكر الموت في حياة الإنسان دوراً هاماً. حيث يَدفعُ الإنسانَ لتذكُّر خطاياهُ وحالتَهُ المريرة بعيداً عن الله، ويجعله يتنبَّه إلى الطريق الواجب عليه السّير فيها، ليموت مع المسيح مسمِّراً خطاياه على الصّليب كما سمّر المسيح الخطيئة، ويقوم معَه بحياةٍ جديدةٍ كما قام.
وبعد أن ننهي كلَّ ماهو متعلق بالموت، سنرفقُ خدمة الصلاة من أجل الراقدين بحسبِ ما رتَّبتها كنيستُنا الأرثوذكسيّة. بدأً من مرافقتِها للراقد لحظة الوفاةِ، إلى حين وضعه في القبر، وانتهاءً بالصلوات الخاصة بالرّاقدين. ذلك للإطلاع على ما تحمله كلماتِها من معانٍ، توقظُ الروح وتنبِّهُها من أجل السير بيقظةٍ وسط هذا العالم المملوء بالخطايا التي يرتكبها الإنسان تجاه نفسِه والآخرين.
ولمّا وجدنا أنّ رسالة الراقدين، الوارد ذكرُها في صلاة جنَّاز العلمانيِّين، تحمل الكثير من المعاني التي تدعم ما نحن في صدَدِه، عَمدنا إلى تفسيرها، استناداً إلى بعض كتب التفسير، التي سبقت فشرحَتها.
فنأمل من الله أن يكون هذا الكتاب لمنفعتنا جميعاً. راجين العذر عما قد كان بإمكاننا أن نذكره، ولم نفعل. سواءً كان عن تقصيرٍ أم عن نسيان.المواضيع التي يعالجها الكتاب بحسب ترتيب الفهرس.
الفهرس
الإهداء المقدّمة | 7 9 | |
الفصل الأوّل: مفهوم الموت | 13 | |
معنى الموت | 15 | |
موت الملائكة | 19 | |
موت الإنسان | 22 | |
آ- الموت الروحي | 23 | |
ب- الموت بحسب الجسد (الرقاد) | 24 | |
موت المسيح | 30 | |
موطن الأموات | 34 | |
غلَبةُ الموت | 35 | |
آ- في العهد القديم | 36 | |
ب- في العهد الجديد | 40 | |
الفصل الثاني: ضرورة الصّـلاة للرّاقـدين | 44 | |
وحدة المؤمنين في المسيح | 45 | |
ماهي الصلاة | 52 | |
أنواع الصلاة | 55 | |
طرق الصلاة | 55 | |
آ- الصلاة الفرديّة | 55 | |
ب- الصلاة الجماعيّة | 58 | |
ضرورة الصلاة | 61 | |
آ- ضرورة الصلاة من أجل الأحياء | 64 | |
ب- ضرورة الصلاة من أجل الأموات | 67 | |
آ- في العهد القديم | 68 | |
ب- في العهد الجديد | 69 | |
الفصل الثالث: مقالات مختلفة | 84 | |
في الحزن على الراقدين | 86 | |
في ما يقال في التعازي | 91 | |
في القبر | 97 | |
أهميّة ذكر الموت | 99 | |
معنى القداديس والجنانيز التي تقام لراحة نفوس الموتى | 105 | |
الفصل الرابع: خدمة جنّاز الراقدين | 107 | |
ترتيب صلاة جناز العلمّانيين | 108 | |
خدمة صلاة جنَّاز العلمّانيِّين | 114 | |
خدمة النياحة (التريصاجيون) للراقدين | 155 | |
أوّلاً: صلاة النياحة للعلمانيّين | 155 | |
ثانياً: طلبة النياحة في سبت الراقدين | 160 | |
ثالثاً: ترتيب صلاة النياحة في أسبوع التجديدات | 161 | |
رابعاً: طلبة النياحة في تذكار مشيِّدي كنيسة أو دير | 165 | |
ملحق: تفسير رسالة الرّاقدين | 166 | |
لائحة المراجع | 184 |