تأمل معي

‏إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم_حديث نبوي صحيح 0

الأحد، 7 أبريل 2024

كوكب التدوين ... هل ابتلعك الثقب الأسود؟

 هل ما تزال الأيام الخوالي مليئة بالأصدقاء القدامي أم فرقتهم كما تفرق العقارب الثواني والساعات؟ 

هل من أحد على كوكب التدوين البعيد بأضوائه المتلألأة التي كانت؟

تحياتي

ضياء النجار


الجمعة، 20 سبتمبر 2013

الفكرة ... نظرية تطور كاملة

الفكرة نظرية تطور كاملة: تبدأ مادة خام أولية (هبة من الله) ... توضع في إناء منحه الله صفات "التخمير" ... فإذا كانت الحرارة ملائمة نجح طهي الفكرة ... وإذا زادت الحرارة أو نقصت فسدت الفكرة ... بعد المادة الخام تتطور لتصبح كائنا أوليا ... يسير على أربع ... فتتطور حتى تصبح إنسانا مكتملا يسير على قدمين ... فإذا خرجت خارج رحم العقل تركت لإرادة التسيير ومشيئة التخيير ... وينتهي بها المطاف في حركة عكس عقارب تاريخها إلى مادة الخام الأولية، تحبو قبلها على أربع (إما يبلغن عندك الكبر)، وقد تشهد طفرة تعيش لفترة متوهجهة ونادرا ما يكتب لها الاستمرار وقد تندثر .. وقد تسهم حتى بعد موتها في دائرة الحياة ... فتهب لغيرها الحياة أو تكون مكملا هامشيا أو تتحلل لعناصرها الأولية لتصبح أثرا بعد عين، وتظل خير الأفكار وأقواها أكثرها تمسكا بالتنوع وثراءَ بالكرموسومات، متباعدة القرابة الفكرية.
Like ·  · Unfollow Post ·  · Promote

الأحد، 5 مايو 2013

مشاهد عن التدين


(1) يا سيدي روك

إنه نفس الوجه الملائكي ... برغم ما تركته خمسون عاما أو يزيد من أخاديد عليه.

لكنها على أي حال نفس الابتسامة التي كانت تمنحنا كثيرا من البهجة دون تسول الابتذال
 
رفعت رأسها لأعلى وقد غطى الحجاب بإحكام كامل الرأس على تقدم عمرها
 
- أنا مش عارف أقولك أد ايه أنا سعيد ... إني قدرت اقابل حضرتك بعد كل هذه السنين اللي كنت اتابع فيها اغنيتك في فيلم الوسادة الخالية. في كل مرة كان يعرض فيها الفيلم كنت باستنى الأغنية دي ... تلك الرشاقة وتلك البهجة وذلك التمكن والانسجام بين المشاركين في الرقص. وكنت اسأل نفسي دائما يا ترى هي لسه عايشه ولو عايشه عامله ايه يا ترى ... لحد ما واحد صاحبي قاللي ان حضرتك جدة واحد صاحبنا.

- يااااه ... فكرتني بأيام زماااااااااااان ...  ربنا يسامحني بقى ... لو كان بإيدي كنت حرقت المشهد دا من الفيلم ... لكن ما باليد حيلة

- يا خبر ... تحرقيه ... ليه بس؟ تحرقي مصدر متعة راقية لملايين المشاهدين؟
- ةبعد ما ربنا هداني من سنين ... عرفت أد ايه كنت عايشه حياتي غلط
- غلط وأد ايه كمان؟ معقول الكلام دا؟
- ما يجيش منه خلاص ... المهم لولا غلاوة حفيدي عندي ما كنت رضيت أقابلتك
- طيب حضرتك تسمحيلي آخد صورة معاك؟
- تعمل بيا اوانا كركوبه كدا ... ثم ما تزعلش مني، التصوير حرام وخصوصا انك راجل اجنبي
- زي ما تحبي ... وأنا شاكر لك على العموم على تلك الدقائق القليلة
 - شكرا يا أحمد على اهتمامك
- "تحرقها؟ وهل ستحرق معها دعواتي لها حينما كنت أشاهد هذا المقطع؟"
 لا أدري ... فالإجابة ليست عندي ... ولا ينبغي لي أن تكون عندي
 
(2) الفتحة الجانبية
 - يا للا لازم نطلع على المسرح ... النمرة بتاعتنا نادوا عليها
- طيب اطلع انت والشباب وابتدوا الرقص بالعصا لحد ما ألحق اقفل فتحة بدلة الرقص شوية ... أصلها مفتوحة زيادة عن اللزوم ... مع إني نبهت الخياط على كدا
- ماشي ... حنطلع ... بس ما تتأخريش ... أو أقولك البسي بنطلون سترتيش تحتها
- يبقى ما عملناش حاجة ... ياللا بس وانا مش حتأخر
 
(3) الراقصة والآذان

قاعة بسيطة التجهيز تناثرت بها الكراسي هنا وهناك
عدد الزوار لا بأس به
إنه شم النسيم والقرية السياحية أعدت بعض الفقرات الترفيهية. تنساب الموسيقى من ديجيه متواضع
احتلت الراقصة دائرة المنتصف وقد ارتدت بدلة رقص متواضعة القيمة ذات فتحة جانبية ممتدة، خِيط بعضها على عجل
التشجيع مدوي ... فلا بد من استنفاد قيمة تذكرة الدخول
توجهت بعض السيدات إلى وسط القاعة لمشاركة الراقصة، وبعضهن لمنافسة الراقصة
حجاب السيدات يتساقط إلى الخلف ... ربما بفعل العرق
تسرع السيدات المشاركات في إرجاعه إلى مقدمة الرأس بينما ينهمك بقية الجسد في إظهار ما يتمتعن به من قدرة تنافسية هائلة .
الله أكبر الله أكبر ... أشهد أن لا إله الا الله ... أشهد أن محمدا رسول الله

بإشارة من الراقصة يوقف الديجيه الموسيقى وتجلس الراقصة على مكبر الصوت وقد غطت ساقيها بالشال الذي كانت تلفه حول وسطها
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله
ما هي إلا ثواني وبإشارة من الراقصة أعاد الديجيه تشغيل الموسيقى لتعود دائرة المنتصف إلى ما كانت عليه قبل الآذان ... الراقصة ومنافساتها.  
 
(4) الرجل والفتاة
جلست الفتاة إلى مائدة في قاعة الأفراح وقد ارتدت تنورة تكشف عن بعض ساقيها حاولت أن تغطيها بمفرش المائدة
في المائدة المواجهة كان يجلس رجل قد يكون في عمر والد الفتاة الصغيرة
يترك الرجل مقعده ليجلس في مقعد آخر، معطيا ظهره للمائدة التي كانت عيناه تواجهها.  
 

السبت، 13 أبريل 2013


 كلما اتصلنا "بما هو أكبر منا" تبدأ الأنسجة في الإتساع وفي التفتح (بالمفهوم الحرفي للكلمة)، أما التوتر والغضب فيسببان الانقباض والانكماش والتصلب، بينما الامتداد مرتبط بـ "التحرر". ولذلك يشعر بعض الناس في أثناء الصلاة (وبعدها لبعض الوقت) بأنهم  قد "تحرروا بحق من كل القيود". 0

فيرا بركنبييل، عالمة أعصاب ألمانية 



والحقيقة أنني برغم كل ما سمعت عن فوائد الصلاة فإن هذا التشريح الدقيق هو من أروع ما قرأت أو سمعت عن فضل الصلاة، لأن الصلاة لا تحقق الاتصال بما هو أكبر منا ( الله أكبر) فحسب، بل إنه يتحقق من خلال هذا  الاتصال نفع حياتي وإنساني مباشر في ذات الوقت. ولذلك تنصح بركنبييل بالصلاة كوسيلة من وسائل التحكم في الغضب تحكما أكثر فعالية. 0

أما أنا فأرى أنا من أدى صلاته (بحق) فقد اتصل بما هو أكبر منه، بالله سبحانه وتعالي، ومن اتصل بما هو أكبر منه، اتسعت نفسه، ومن اتسعت نفسه، روض غضبه، ومن روض غضبه، سكنت نفسه ومن سكنت نفسه، تسامح مع غيره ومن تسامح مع غيره، نشر السلام والعمران. 0

  الصلاة اتساع وتحرر وسمو وسلام !!!!0

تأملات في الشفاء والمرض (1) - لطائف الأقدار

يوم الجمعة 7 أبريل 2006

الساعة تقترب من الرابعة.

منذ يومين مضيا وأنا ينتابني صداع قوي في منطقة خلف الرأس وأشعر بآلام قوية في الرقبة. كان من المفروض أن نذهب في يوم الجمعة إلى والدتي في الجيزة. ونظرا لحالتي الصحية والصداع الذي كان عندي والقيء الذي حدث لي في مساء الخميس رجوت زوجتى قبل ظهيرة هذا اليوم أن تأخذ البنتين وتذهب بهما إلى والدتي. ومن عجائب القدر ورحمة الله بعباده في هذا اليوم أن قامت نهلة زوجتي بالاتصال بوالدتي قبل تحركها، فقالت لها والدتي: لا يا نهلة، جوزك تعبان خليك جنبه، وإحنا حنيجي نزورك. كانت هذه أولي لطائف الأقدار في هذا اليوم.

أخبرتني نهلة بمضمون هذه الرسالة من أمي، فرجوتها مرة أخرى أن تأخذ البنتين وتخرج بهما لأرتاح قليلا. فكان أن فعلت في حدود الساعة الثالثة والنصف ذلك فعلا، حيث أخبرتني أنها ستنتهز الفرصة وتشتري لهما بعض الملابس. قامت نهلة فعلا بمساعدتهما في ارتداء ملابسهما، وكانت على وشك مغادرة الشقة والنزول، إلا أن سلمى، التي لم يكن من عاداتها الاعتراض على ما تلبسه، رفضت الخروج بالبنطلون الذي ارتدته، وأرادت أن تلبس "جيبه" بدلا من البنطلون. نزلت نهلة على رغبتها ودخلت لتلبسها الجيبه التي تريدها. في هذه اللحظة أتت نهلة لتسألني عن أحوالي، وكان فيما يبدو نزيف المخ قد بدأ، إذ بدأت أفقد وعيي وإن لم أغب تماما عن الوعي. قلت لها:

لأ، أنا مش حاسس نفسي كويس.

قلت الجملة وبدأ عندي ما يسمونه في الطب "تدهور في الوعي"، حيث بدأت أفقد التركيز والإدراك.

ولولا أن سلمى اعترضت على ملابسها، ولولا أن زوجتي تمهلت حتى تبدل لسلمى ملابسها، لربما لم تكتب لي النجاة، إذ لو كان حدث لي هذا النزيف وزوجتي في الخارج مع البنتين، وأنا في حالة "تدهور الوعي" التي كنت فيها، وعادت بعد ساعتين أو ثلاث لربما كان آوان إنقاذ حياتي قد فات. وهذه ثاني لطائف الأقدار في هذا اليوم.

أسرعت نهلة باخراج مريم وسلمى من الشقه إلى شقة والدها ووالدتها اللذان يسكنان فوقنا مباشرة، بعدها اتصلت نهلة بابن عمتها الذي يعمل طبيبا، والمقيم بالمقربة منا في التجمع الخامس ، حيث تصادف وجوده في ذلك الوقت في القاهرة، إذ أنه يعمل خارج القاهرة ويأتي أحيانا إلى القاهرة لقضاء عطلة نهاية الأسبوع. أتى د. طارق وكشف علىّ سريعا ووجد ضغط دمي مرتفعا للغاية، فأخبر نهلة بضرورة استدعاء سيارة الإسعاف بأسرع ما يمكن. وكان وجود د. طارق في هذا التوقيت هو ثالث لطائف الأقدار في هذا اليوم.

اتصلت زوجتي بالإسعاف، لكن أحدا لم يرد. حاولت نهلة بمساعدة د. طارق إنزالي إلى الشارع لتوصيلي إلى أي مستشفى بسيارته الخاصة. لكني كنت ضخما جدا عليهما. جرت زوجتي ناحية الشباك وطلبت مساعدة بعض العمال الذين يعملون في بناء عمارة مواجهة لمنزلنا أن يأتوا ليساعدوها في إنزالي. وهنا تحكي لي نهلة عن موقف لا تستطيع نسيانه ، وهو تعبير عن شهامة البسطاء في مصر. كان من بين العمال أحد المعوقين الذي عنده إصابة في قدمه، لكنه أصر على المساعدة في محاولة إنزالي بكل ما أوتي من طاقة.

بعدها بقليل استطاعت زوجتي الاتصال بالاسعاف والذي تصادف تمركز سيارة له عند أكاديمية مبارك للشرطة في التجمع الخامس، وهي لا تبعد كثيرا عن المنزل الذي نقطن فيه، فكان أن وصلت سيارة الاسعاف بعد خمس دقائق من اتصال زوجتي وهو أمر كان حاسما في سرعة نقلى إلى مستشفى عين شمس والتعامل مع أزمتي الصحية. وهذه كانت رابع لطائف الأقدار في هذا اليوم.

حكت لي نهلة أنها نزلت تنتظر سيارة الإسعاف على الشارع الرئيس، وحدثتهم في التليفون المحمول تستعجل قدومهم، ونزلت منها الدموع رغما عنها، فتقدم منها رجل عجوز وسألها: 0

-أنت بتعيطي ليه يا بنتي، هو أنت تايهه؟
- لأ، بس أنا مستنية سيارة الإسعاف لإن في مريض وحالته حرجة
- طيب وليه تستني سيارة الإسعاف، إحنا نيجي بربطة الرجالة وننقلك العيان في عربيتنا

شكرت لهم زوجتي شهامتهم ، حيث أتت في هذه اللحظة سيارة الإسعاف.

من القرارات المصيرية التي تمت أيضا في ذلك اليوم وتصب في خانة "إدارة الأزمات"، كما يُطلق عليها في علمي الإدراة الحديثة والسياسة الحديثة، أن زوجتى أصرت على نقلي إلى مستشفى عين شمس بالعباسية، برغم اقتراح سائق سيارة الإسعاف نقلي إلى مستشفى آخر قريبا في مدينة نصر التي يوجد بها عديد من المستشفيات، ولو كنت نقلت لأي مكان آخر لم يكن به التجهيزات الكافية كمستشفى عين شمس لربما كان قد قضي الأمر.

في حدود الساعة الخامسة والربع تم نقلي إلى مستشفى عين شمس حيث تم إجراء أشعة مقطعية على المخ واكتُشف اصابتي بنزيف حاد في المخ. حاول الأطباء التعامل مع النزيف بالأدوية في بادئ الأمر ولكن بعد مرور وقت بلا تحسن اتخذ قرار التدخل الجراحي لانقاذ حياتي، وقد كان، دخلت غرفة العمليات في الساعة الواحدة من صباح يوم 8 أبريل، حيث تم تركيب صمام مخي بريتوني، وهو عبارة عن صمام يركب في إحدي التجاويف الموجودة في الجمجمة على الجانب الأيمن بغرض تصريف السائل النخاعي الزائد عن طريق خرطوم يمتد من عند الجمجمة مرورا بالرقبة، وبالغشاء البريتوني لينتهي في تجويف البطن. وتم زرع هذا الصمام عندي نظرا لحدوث ارتشاح دموي إدى إلى انسداد قنوات التصريف في المخ، وهي القنوات المسئولة عن تصريف السائل النخاعي الزائد من المخ، بحيث لا يحدث ضغط زائد على المخ يؤثر على وظائفه وقد يؤدي إلى حدوث انفجارات جديدة لأوعية دموية أخرى في المخ.


بعد العملية نقلت إلى العناية المركزة حيث تم توصيلي بجهاز التنفس الصناعي لمدة ثلاثة أيام كاملة ما بين الحياة والموت في ظل إصابتي بغيبوبة كاملة. أخبر الأطباء أهلي أنه ليس في مقدور أي إنسان فعل أي شيء لي سوى الدعاء أن أفيق سريعا، وربما زاد الأمر وطأة أنني كنت أرقد في نفس الغرفة التي كانت ترقد فيها الراحلة سعاد نصر رحمة الله عليها.

إنها أيام كلما تتذكرها زوجتي أجدها تتنهد تنهيدة لا أعرف كيف يمكن أن أصفها، لكنها تنهيدة تختزل بداخلها كل الهموم والآلام التي عاشتها في تلك الأيام وأجدها بكل الإيمان تقول مع ذلك: الحمد لله، قدر ولطف.

تأملات في الشفاء والمرض (3) - إلا إذا ... 0

تأمل معي
وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم ، والله يعلم وأنتم لا تعلمون ... سورة البقرة 216
----------------------------------------------------------------
تم تحديث التدوينة بإضافة تعليق عن سبب سماعي النداء الأخير تجدونها في آخر التدوينة
----------------------------------------------------------------
- والصمام دا حيفضل يعمل مشاكل على طول كده؟

- شوف، كل حاجة كانت ماشية معاك زي ما الكتاب بيقول، لحد ما حصل موضوع الزايدة، وحصل التلوث، لأننا ما بنصدق نقفل على الصمام ونسيبه في حاله!!! لكن الصمام حيفضل راكب، إلا إذا ... 0
- إلا إذا ايه يا دكتور؟

- إن ربنا يحلها من عنده.

- بإيه يا دكتور، بالموت؟

- بعد الشر عليك، لأ، بإن المسدود يتسلك، ومتبقاش محتاج للصمام.

- ودا ممكن يحصل؟

- طبعا ممكن، لكن مش بالضرورة يحصل.

دار هذا الحوار على باب العيادة قبل سفرنا إلى ألمانيا ، ربما في أحد أيام شهر اكتوبر من عام 2006 ، وأنا أودع الأستاذ الدكتور أحمد زهدي، هذا الطبيب العميق في إنسانيته والعميق في طبه. 0

ربما قد تسألون، زائدة، زائدة ايه؟ منعرفش حاجة عن الزائدة دي. فأقول لكم، هي ليست معلومة زائدة، بل أساسية في فهم عنوان هذه التدوينة. فالذي حدث أنه بعد خروجي من مستشفى عين شمس في يوم 13 مايو 2006 خروجا نهائيا، عدت إلى المنزل، والشيء المذهل على قدمي، بدون أضرار حقيقية تذكر، اللهم إلا بعض الدوار وعدم الاتزان بعض الشيء. ولابد أنه كان دعاء أمي وصلاتها ودعاء زوجتي وصلاتها، وصلاة أهلي وأهل زوجتي ، الذي دحض ما كان لدى الأطباء من ظنون تجاهي تقترب من درجة اليقين، حيث كان معظم الأطباء ينطلقون من عاهة مستديمة ستحل بجسدي بأي شكل من الأشكال، بدءا من اضطراب في النطق، مرورا بشلل في أحد أعضاء الجسم، انتهاء بعقدي لصداقة من نوع جديد مع الكرسي المتحرك الذي كان من المقرر أن يرافقني أينما أكون. 0

كان كل شيء يسير في مساره الطبيعي، بدأت أتعافي بعض الشيء، لا تزال هناك صعوبات في الاتزان، رغبة شديدة في النوم، تعب وخمول، إلخ، فلا يجب أن ننسى أنه كان نزيفا في المخ. 0

قبل يوم 29 يونيو 2006 بثلاثة أو أربعة أيام بدأت أشعر بكركبة بشعة في بطني، وبدأت أحاول التحايل عليها بالمسكنات ومسكنات البطن، لكن بلا فائدة، وهذا درس آخر: التوجه للطبيب أفضل من أن تكون طبيب نفسك. وفي يوم 29 يونيو 2006 كان أبي وأمي وأختي شيماء في زيارة لنا وذهبنا سويا مرة أخرى لمستشفى عين شمس، في الساعة العاشرة مساء، وبعد كونسلتو من الأطباء واستدعاء أستاذ جراحة أتضح أن عندي التهابا في الزائدة الدودية ولا بد من التدخل الجراحي فورا. وقد كان. 0

بعد العملية عرفت أنه كان التهابا مزمنا، أي أن الزائدة كانت ملتهبة من سنوات، ولم يظهر إلا في هذه اللحظة، أو ربما تسبب الخرطوم الذي كان في بطني في هذا الإلتهاب الشديد، لا أحد يستطيع الجزم على وجة التحديد. وكان السؤال الذي سيطر علينا جميعا، وإن لم نصرح به علنا هو: يا ربي، إحنا ما صدقنا يخرج من المستشفى، يقوم يرجعلها تاني. 0

ولم يقف الأمر عند ذلك، حيث حدث نتيجة للالتهابات العنيفة التي كانت في البطن أن انسد خرطوم التصريف وكان على الدخول المستشفى من جديد لتسليك الصمام، وكان ذلك في يوم ثورة يوليو المجيدة، أي يوم 23 يوليو 2006. كنت أظن أن التسليك سيكون عن طريق فتحة في البطن وينتهي الأمر عند ذلك، لكن التسليك كان كأنه عملية تركيب صمام من جديد، فتحة في الجمجمة بشنيور طبي، وفتحة في البطن لإيجاد مسار جديد للخرطوم ... 0

ثم حدث أن أُخذ من رأسي عينة من السائل النخاعي بواسطة حقنة في المخ لتحليلها، فإذا بالإطباء يجدون في التحليل ميكروبا لعينا اسمه ستافيلوكوكوس، وهو يسمى ميكروب المستشفيات، من كثرة اعتياده على المضادات الحيوية أصبح عنده مناعة قوية ضد أغلبها، وكان على دخول المستشفى من جديد للعلاج من هذا الميكروب. استمر هذا الوضع ما بين دخول المستشفى و الخروج منها إلى أن اقترب موعد سفر زوجتي إلى ألمانيا لتحضير رسالة الدكتوراه الخاصة بها. وكان علينا اتخاذ قرار إما بالسفر إلى ألمانيا أو الاعتذار عن المنحة. ولكننا قلنا لأنفسنا في نهاية الأمر: رب مصر هو نفسه رب ألمانيا، والخدمة الطبية في ألمانيا إن لم تكن أحسن من مصر فلن تكون أسوأ. وقد كان، سافرنا إلى ألمانيا في يوم 15 أكتوبر 2007. 0

كان الجرح الذي في بطني بالمقربة من السرة لا يريد الالتئام، يقفل، ثم ينفتح، ثم يقفل، ثم ينفتح مرة أخرى، وهكذا. وفي أحد الأيام في شهر أبريل 2007 رأيت شيئا لونه أبيض من تحت الجرح، وذهبت إلى طبيب الأسرة الخاص بي، فقام بتحويلنا فورا إلى قسم جراحة المخ والأعصاب بمستشفى مدينة كارلسروها، حيث كشف علي بروفسير شبتسجر، وبعمل الأشعة على البطن والمخ تبين أن الشيء الأبيض الذي أراه من تحت الجرح المفتوح هو خرطوم التصريف الممتد من المخ. كان لا بد من التدخل فورا، مخافة حدوث تلوث في الجرح ينتقل إلى الجسم كله. وكان رأي بروفسير شبتسجر عندما رأى الأشعة، أنه ربما قد لا أكون في حاجة إلى الصمام مرة أخرى. 0

وعليه دخلت غرفة العمليات من جديد في يوم 2 أبريل 2007 حيث تم في بادئ الأمر قطع طرف الخرطوم من عند الرقبة وتخييط بقيته بغرز جراحية، ثم تم سحب بقية الخرطوم من البطن، ليصبح هناك الصمام فقط، بدون خرطوم التصريف. 0
في اليوم التالي، أي يوم 3 أبريل 2007 تم تصوير الأوعية الدموية في المخ (أنجيوجرافي) وذلك للمرة الثالثة، وهو نفس الفحص الذي اجري لي في القاهرة مرتين لتحديد ما إذا كنت مصابا بتمدد الشرايين أم لا. بعدها بيوم تم اخراجي من المستشفي وعدت إلى المنزل في يوم 4 أبريل 2007. 0

في يوم 10 أبريل 2007 توجهنا للمستشفى لفك غرز الخياطة التي في الرقبة، وبعدها بيوم أي في يوم 11 أبريل 2007 لاحظت نزول سائل وافرازات من عند مكان الجراحة في الرقبة، فتوجهت ثانية إلى المستشفى، فكان القرار بالتدخل الجراحي فورا لاستخراج الصمام من الجمجمة لتلوثه، وهذا درس آخر : عندما يساعدك الله ويتولى عنك اتخاذ القرار ولا يترك أمامك أي خيار، إذ انه كان هناك رأيان متعارضان سببا لنا الحيرة: رأي يقول بترك الصمام لأنه ربما يكون قد تكون حوله أنسجة واستخراجه قد يسبب تلفا ما، وما بين رأي يرى ضرورة استخراجه تفاديا لمشاكل في المستقبل قد لا يمكن التعامل معها. وها هو ذا الله يحسمها من عنده. وبالفعل أجريت عملية استخراج الصمام في يوم 12 أبريل من عام 2007. 0

بعد الإفاقة من العملية ظهر على أعراض وجود ضغط زائد من السائل النخاعي على المخ، حيث كنت أشعر بصداع فتاك لا يمكن وصفه، وزغللة في العينين وقيء متواصل. تم تركيب درنقة قطنية (وعاء بلاستيكي كان يصرف فيه السائل النخاعي من المخ بواسطة خرطوم في القناة القطنية في الظهر) . في هذه اللحظة لم يتطرق الشك إلى نفسي أن تشخيص البروفسير شبتسجر كان خاطئا، وقلت لنفسي، الحمد لله على كل شيء وعلى الأقل سيتم تركيب صمام ألماني الصنع بدلا من الصمام القديم صيني الصنع الذي كان في رأسى . وبدأت اهيأ نفسي على موضوع تركيب صمام جديد. وأنا في هذه الأفكار جاء أحد الأطباء ليستعجل زرع صمام جديد ويرى أنه لا فائدة من الانتظار. ولكن كان هناك طبيب آخر، قال لي: لا يزال الأمل قائما في عدم احتياجك لصمام جديد، لأن أعراض ضغط السائل النخاعي على المخ تتشابه أيضا مع أعراض الالتهاب السحائي، فنحن سنعالج أولا الإلتهاب السحائي ثم نرى . 0

وقد كان هو فعلا أهون الضررين، أصبت بإلتهاب سحائي، وهو مرض يصيب الأغشية التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي والتي تعرف باسم السحايا، كما يصيب السائل الدماغي الشوكي الذي يحيط بالدماغ والنخاع الشوكي. وهو مرض خطير جدا وله مضاعفات قد تؤدي الى الشلل والصمم وضعف العضلات والتخلف العقلي والعمى. المهم بعد علاج اسبوعين تقريبا تحسنت حالتي وشفيت من الالتهاب السحائي. وفي يوم 28 أبريل تم اغلاق الدرنقة، لتجربة ما إذا كانت قنوات التصريف في المخ قد عادت للعمل أم لا؟ ولا يمكن أن أصف مشاعري في أول يوم بلا صمام، وبلا خرطوم تصريف، وبلا درنقة. إنه شعور السقوط بين موجتين، موجة عاتية من اليأس لفشل تلك التجربة إذ أن الأعراض التي كانت عندي لم تدع لي تقريبا مجالا للشك أنني بحاجة إلى صمام جديد، وموجة ضعيفة جدا من الأمل والرجاء. ومرت علي ثلاثة أيام، ربما أطول فترة انتظار في حياتي، والحمد لله بدون صداع أو زغللة أو قيء وكلها كانت علامات إيجابية على عودة قنوات التصريف في المخ لعملها من جديد، لذا قرر الأطباء في يوم 2 مايو 2007 خلع الدرقنة تماما، حيث ظللت في المستشفى حتى يوم 6 مايو 2007 بدون مضاعفات فقرر الأطباء اخراجي. 0

والآن بعد مغادرة المستشفى في شهر مايو 2007، وحتى هذا اليوم سارت الأمور كلها على ما يرام، والآن أعود لأتامل بكل خير التهاب الزائدة الدودية الذي أصابني، إذ لولاه ولولا انسداد خرطوم التصريف والتلوث بالميكروب الذي أصابني وما تلى ذلك من عدم رغبة الجرح في الاندمال لربما عشت بقية عمري بصمام في المخ، وخرطوم في البطن وقلق مستمر. والآن أعود لأتذكر كلمة د. أحمد زهدي:

- شوف، كل حاجة كانت ماشية معاك زي ما الكتاب بيقول، لحد ما حصل موضوع الزايدة، وحصل التلوث، لأننا ما بنصدق نقفل على الصمام ونسيبه في حاله !!! 0

فعلا، الإنسان عدو ما يجهل.

وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم.
----------------------------------------------------
تحديث
تعليق على النداء الأخير
في أول اسبوع لي في قسم العناية المركزة بعد إصابتي بنزيف المخ وكان كثيرا ما يحدث لي تدهور في الوعي، جاءت بعض زميلاتي من القسم لزيارتي، وكان الدخول إلى داخل قسم الرعاية المركزة ممنوعا، و حكت إحداهن كيف أن بعضا من طلبة قسم اللغة الألمانية تجمعوا في أحد الأيام للصلاة من أجل شفائي. وكان أن سمعت إحدى الممرضات هذه الحكاية فقالت لأهلي الذين كانوا يقفون مع زميلاتي:
- ده خبر حلو، ولازم دكتور ضياء يعرف بيه، لأنه حيحسن من معنوياته
فقال لها أهلي:
- أزاي، دا غائب عن الوعي
فردت الممرضة:
- مش معنى إنه غائب عن الوعي إنه ما بيسمعش اللي بيحصل حواليه، عشان كده لازم نبلغة بالخبر ده
وقد كان. توجهت الممرضة إلى وهمست في أذني بهذا الخبر. وبشكل أو بآخر استقبلت أذني هذه المعلومة، وخزنها عقلي الباطن وبرحمة الله سبحانه وتعالي في يوم الفحص هذا وفي حالة القلق التي استشعرها من حولي نقل عقلى الباطن هذه المعلومة إلى عقلي الظاهر فكان النداء الأخير الذي سمعته. 0

تأملات في الشفاء والمرض (2) - النداء الأخير

تأمل معي
من يحلم مستيقظا يعرف آلاف الأشياء التي تخفى على من يحلم نائما ... الفريد أوتو فولفجانج شولتسه (1951-1913)، رسام ومصور ألماني

النداء الأخير ... ، النداء الأخير لطلبة كلية الألسن الذين يريدون الصلاة للدكتور ضياء التوجه إلى قاعة ... 0

ثم تلاشى الصوت من أذني كما تتلاشي آخر فقاعات الهواء من صدر الغريق.

أتت هذه الجملة من السماعات المعلقة في غرفة الفحص التي كنت أرقد فيها على سرير يفصلني عن الطبيب القائم بالفحص حائط زجاجي. كان هناك في الغرفة ميكروفون داخلي، كان هو وسيلة التخاطب بيني وبين الطبيب القائم بالفحص، حيث كان يعطيني تعليماته عبر الميكروفون في أثناء قيامه بفحصي، أو ربما لم تكن هناك فعلا سماعات أو ميكروفون على الإطلاق، فعلا لا أدري، وإن كنت أظن أني رأيت السماعات معلقة بالفعل على الحائط المواجه لناظري . كان الطبيب القائم بالفحص قد تركني للحظات بعد أن قدم لي نفسه وعرفني في عجالة بالفحص "الصغير" الذي نحن بصدده. وأنا في انتظار عودة الطبيب جاءتني هذه الجملة وكأنها من عالم آخر.

كان الكشف الذي يتم علي لمعرفة ما إذا كنت مصابا بـ "الأنيوريزم"، أو كما يطلق عليه في المصطلح الطبي العربي "تمدد الشرايين"، حيث كنت قد أصبت بنزيف في المخ ، بمنطقة ما تحت الأم العنكبوتية، والخلايا العنكبوتية هى الأنسجة المغلفة للمخ والأوعية الدموية التى تغذيه. كان هذا الفحص حتميا لأن 90 % ممن يتعرضون لنزيف في المخ ويبلغ عددهم سنويا مائة من بين كل مليون شخص، يكونون مصابين بمرض الأنيوريزم هذا، و هو عبارة عن إنتفاخ على شكل كيس فى جدار الشريان، ويتكون نتيجة ضعف فى جدار الشريان مما يسبب انتفاخ بالونى فى الجدار مع مرور الوقت ويؤدي بعد ذلك إلى انفجار الشريان، وغالبا ما يظهر هذا الانتفاخ البالوني في أكثر من مكان فى نفس الوقت فى 15% من الحالات. ومعروف طبيا أن نسبة وفاة المرضى المصابين بالانيورزم من جراء النزيف أو على أثره تبلغ من 60 - 70 % ويقال أن الأنيوريزم هو المرض الذي توفي به لاعب الأهلي السابق محمد عبد الوهاب رحمة الله عليه.

كان لا بد من تحديد إصابتي بتمدد الشرايين من عدمه، حيث يتم إدخال قسطرة من الشريان الفخذي الأيمن بعد تخدير المريض موضعيا، ثم يتم عن طريق القسطرة حقن صبغة معينة، ثم تؤخذ عدة لقطات بالأشعة السينية فيظهر وجود الأنيوريزم من عدمه. كان كل شيء جاهزا للتدخل الجراحي في حال اكتشاف إصابتي بالأنيوريزم، وهو كان الأقرب للتصور عند الأطباء، حيث أن نسبة صغيرة جدا ممن يصابون بنزيف في المخ - وخاصة من هم صغار السن منهم - لا يكونون مصابين بتمدد الشرايين. كان من المفروض أن يتم تدبيس الشريان المتمدد أو الشرايين المتمددة في المخ بملفات حلزونية مصنوعة من صفائح بلاتينية لمنع جريان الدم فيه أو فيها، حيث يتم إدخال هذه المفات الحلزونية عبر القسطرة المذكورة سلفا. كان لا بد من التدخل العاجل مخافة حدوث انفجارات جديدة في الشرايين عندي ، حيث تحدث في أسوأ الحالات انفجار في الشرايين كل ثلاثة أيام وبالتالي تكون النتيجة الحتمية وفاة المريض.

كان هذا هو الفحص الثاني لي بعد إصابتي بالنزيف، حيث كان الكشف الأول على في يوم 16 أبريل 2006، أي ثاني يوم بعد عيد ميلادي، ولكن هذا الفحص لم يكتمل لأن الشرايين عندي كانت منقبضة للغاية – بالمناسبة لأني كنت مدخنا من العيار الثقيل، ربما ثلاثين سيجارة في اليوم وهو الأمر الذي جعل الشرايين منقبضة بهذه الدرجة الشديدة - . نظرا للانقباض الشديد في الشرايين خشى الطبيب القائم بالفحص من اكمال الفحص في المرة الأولى مخافة أن يؤدي هذا في ظل انقباض الشرايين عندي إلى انفجار فيها.

لا بد أن كل هذا كان معلوما لدي عم عنتر، هذا الممرض الذي استطاع أن يختلس آخر ملامح الطيبة من على وجه الدنيا ويرسمها على وجهه هو فيمنحك إحساسا بالراحة والطمأنيية وبأن الدينا لا تزال بخير، مع أن هذا الوجه كم أجهده معاشرة الموت وأشباه الموتي من المرضى. أقول: لا بد أن كل هذا كان معلوما لعم عنتر الممرض الذي نقلني بسريري من غرفتي في قسم جراحة المخ إلى غرفة الفحص، كما لا بد أن هذا أو بعضا منه كان معلوما لزوجتي، ولأمي ولأبي ولأخي الذي قدم على وجه السرعة من روسيا التي يقيم بها حينما علم بأمر مرضي ولأختي ولأبي ولأمي من زوجتي. ولم يكن أي شيء من هذا معلوما لدي أنا، بل أني بالكاد كنت واعيا بأنني في مستشفى لإصابتي بنزيف في المخ. ولكني كنت ألمح القلق على وجوه كل الناس التي أراها، فهم بالتأكيد يعلمون حرج الموقف ويعلمون أنني لا بد مقدم على تلك العملية الخطيرة التي علمت بعد ذلك أن والدي قد وقع على الإقرار المعتاد بعدم تحميل المستشفى أو الأطباء مسئولية أي مضاعفات تحدث لي في أثناء الفحص وتتراوح المضاعفات من احتمال الإصابة بالشلل النصفي أو جلطة في المخ وقد تؤدي في بعض الحالات إلى الوفاة.

النداء الأخير ... ، النداء الأخير لطلبة كلية الألسن الذين يريدون الصلاة للدكتور ضياء التوجه إلى قاعة ... 0

لا شك أنني أحلم، فأنا برغم وهني وضعفي فإنني على وعي بأن السماعات الموجودة في غرفة الفحص هي سماعات داخلية لتسهيل التخاطب بين الطيبب والمريض، وبالتالي لا يمكن أن تنقل أي رسائل من العالم الخارجي.

قطع على صوت الطبيب تأملاتي في معنى هذا النداء العجيب:

- جاهز يا دكتور ضياء؟ متخفش من حاجة !

فوجدتني أقول له في سكينة نفس غريبة

- أنا وأنت على الله يا دكتور.

بعد انتهاء الفحص والتأكد من عدم إصابتي بمرض تمدد الشرايين الخطير لا زلت أتذكر وجه الطبيب القائم بالفحص وهو ينزع من على جسده معطفه الأبيض كمن ينتزع من على جلده هما كان ملتصقا به، ليقول لي في ابتسامة عاجلة: كله تمام والحمد لله، بس اسمحلي أطمن والدتك.

في الممر المؤدي من غرفة الفحص رجوعا إلى غرفتي في قسم جراحة المخ والأعصاب قلت لأمي التي كانت ترافقني مع بقية أسرتي إلى غرفتي:

- تعرفي يا ماما إني سمعت النهارده في الكشف حاجة غريبة جدا
- خير يا ضياء؟
- سمعت الجملة دي يا ماما:

النداء الأخير ... ، النداء الأخير لطلبة كلية الألسن الذين يريدون الصلاة للدكتور ضياء التوجه إلى قاعة ...0

- أيوه يا حبيبي حصل

- هو ايه ده يا ماما اللي حصل؟

- أيوه يا حبيبي، في تقريبا 300 طالب من قسم ألماني، من كل السنين الدراسية، اتجمعوا وصلوا عشان ربنا يشفيك.

- بجد؟

- أيوه يا ضياء حصل.



حدث في يوم السبت 29 أبريل 2006

الواحدة ظهرا

الجمعة، 21 أغسطس 2009

رمضان كريم


رمضان كريم ...
صوما مقبولا وإفطارا شهيا وتدبرا مليا وتقربا قويا




(آسف على تغيبي ولنا عودة قريبا إن شاء الله)

الثلاثاء، 9 ديسمبر 2008

جبران خليل جبران ... أو عندما افتخرت بكوني عربيا



كان يوما عاديا من أيام صيف عام 2008. دائما ما كنت اسأل نفسي عما إذا كان لا يزال بمقدورنا أن نفخر بكوننا عربا. لقد قدم العرب القدماء لنا كل سبب للفخار، وهناك قائمة طويلة من العلماء والمفكرين أسهمت في إثراء الغرب، بل قل تجديده. ولكن هل يمكن أن ندعي نفس الشيء عن العرب المعاصرين؟

"ما اسم الكتاب"، سألتني بائعة الكتب.

"النبي"، قلتها بصوت خفيض.

"لجبران خليل جبران"، سألتني مندهشة.

"نعم، إنه هو"، قلتها بارتياح.

"وأي طبعة تريدها؟ العادية لقاء 3 يوروهات، أم المغلفة لقاء 10 يوروهات، أم المصورة لقاء 15 يورو؟"

"إنني في حيرة من أمري"، بادرتها بالإجابة

"إذن تعال معي من فضلك!" لأجدها تقودني إلى خزانة للكتب طولها ثلاثة أمتار.

"هذه كلها كتب لجبران خليل جبران، فجبران من الركائز الأساسية لأي مكتبة لبيع الكتب في ألمانيا."

اشتريت الكتاب وبدأت أقرأ:

أولادكم:

أولادكم ليسوا لكم أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها،

بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم.

ومع أنهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكاً لكم.

أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم،

ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم،

لأن لهم أفكارأً خاصةً بهم.

وفي طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادهم.

ولكن نفوسهم لا تقطن في مساكنكم.

فهي تقطن في مسكن الغد، الذي لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا في أحلامكم.

وإن لكم أن تجاهدوا لكي تصيروا مثلهم.

ولكنكم عبثاً تحاولون أن تجعلوهم مثلكم.

لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء، ولا تلذ لها الإقامة في منزل الأمس.

أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم.

تذكرت أن هذه العبارة يندر ألا تجدها في ألمانيا في عيادة النساء والتوليد وعيادة الأطفال ، ويندر أن يُعمد طفل في ألمانيا دون أن تتلى تلك العبارة.
في هذه اللحظة تذكرت الدين الكوني الذي كان جبران خليل جبران يؤمن به حينما قال:

إنكم تدافعون عن اليهودية، وعن البوذية، وعن الهندوسية، وعن المسيحية وعن الإسلام. أما أنا فلا يوجد عندي سوى دين واحد. إن طرائقهم المختلفة مثلها مثل الأصابع في اليد المحبة لله

أغلقت الكتاب، وفي هذه اللحظة شعرت من جديد بالفخار لكوني عربيا.

السبت، 16 أغسطس 2008

و معدش ورانا شغلة غير الشعر و القماش بقلم رويدا مجدي


>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

هذا المقال يعرض وجهة نظر اخت فاضلة محجبة عن الحجاب وما تتعرض له كثير من المحجبات من اعتداء بالسخرية من المحجبات والحجاب، وجدته مقالا رائعا فاستأذنتها في نشره >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>


محجبة؟ لبسه الهلهولة دي؟ يا متخلفة!! 0
او:
ايه ده و بتسمعي اغاني؟ 0
خسسئئئتيييو بتنزلي من بيتكو؟ و كمان بترقصي مع صحابك!!؟ 0
انت مش عارفة ان كده تطلعي من المله؟!0
اوووووووووووووووووففففففففف
طهقت
كام توبيك بيشتم؟ كام حد بيستحقر المحجبة؟ كام جروب بيدعو دعوة قوية و ملحة لترك الحجاب؟!
و كام حد بيتريق انها محجبة و بتسمعع اغاني
كما لو كانت المحجبة دي الغباء المجسد و التخلف بعينه و التزمت و التشدد بما تحويه الكلمة من معنى
وكما لو كان شغلتنا الشغالة هي حتة القماش و سبنا كل حاجة و فضينا ليها بس!! واحد قدسها و واحد جاب كرامة اللي لبساها اسفل ارض
في ايييه؟! 0
بجد محتاجة تفسيرفي ايه؟! 0
ايه كل ده مفيش يووم واحد يا ربي اجي على فيسبوك ما قبلش جروب شتيمة و اهانة للصبح في الحجاب و المحجبة و المؤيدة ليه و المدافعة عنه و كل ما كان قريب للحجاب او بعيد
الشعر زينة
بس خلصت و امر ربنا في اية سورة النور هو في ابداء زينة و اخفاء اخرى
وعمتا لمن اراد النقاش في النقطة على الرحب و السعة عشان هدفي من النوت مش مناقشة رايي اد ما هو غيظ بصراحة
اه والله متغاظة
كتير والله!!0
ايه كل الاساطير حول الحجاب و المحجبات دي؟!0
ليه العنصرية و الانشقاق ده؟ واحدة شايفة ان شعرها زينة ميبنش غير لجوزها او المحارم ازنبت في ايه يعني؟ و لا تخلفت في ايه؟0
!يا سلام.. بقى مقياس التخلف اللبس؟ مش في راي تاني برضه ان اللبس مش دليل قلة ادب؟0
وكم الناس اللي بتدعي ان المحجبات يتركوا الهلاهيل اللي فوء رسهم و نترك رمز العبودية و التخلف
لالالاللاأ!!!0
عبودية مرة واحدة! 0
عيب والله
المهم بقى ان عمري ما هالاقي واحد بيشتمني و يشتم امي و اهلي و افكر و لو للحظة انو جايز يبقى صح
في امر يظهر الكثير لا يفقهه و هو ما يسمى بعزة النفس
اضافة ان اللي بيناقشو من اجل الوصول للحق المطلق يتعدوا على الاصابع في هذا الشان
و بصراحة الباقي كاره شكل الحجاب لله في الله مش بعد تفكير عمييييييييييق و تامل في ايات الله
اصل بجد نفسي الناس تفهم ان مش هضيق الدنيا على نفسي لو بجد لاقيتو مش فرض مش هعاند والسلام!!0
وكلنا مسلمين اي امر في الدين يهم كل واحد فينا انه يعرفه صحو اللي حسسني بكده اكتر ان واحددة اتكلمت معاها على سورة النور قالتلي هو لا يليق لكونه فرض زي باقي الفروض ياربي.؟! يعني فرض؟ ماهو برضه عشان مذكرش الا مرة واحدة لا يمكن هيكون زي باقي الفروض
اكيييييييييييد الف حاجة اهم من الحجاب
وانا قلت كتيير ان عمري ماهكلم بنتي في الحجاب اصل كمان مش هنسيب كل السلام و منتكلمش غير في اللبس؟!0
مش يونيفورم هو سبنا فن التعامل و التكافل و السماحة و الصدق و الامانة وكل حاجة بجد مهمة و بنتخانق في الحجاب؟ انعم و اكرم
المعظم كاره القيود والحجاب قيد وايوة طبعا و مش عشان انا بدافع عنه هطلعه بلسم بس في نفس الوقت مش عقد ولا كلاكيع
انا محجبة و من زمان جدا و مش هزكي نفسي بس مظنش اني معقدة ولا مكلكعة طب بلاش انا في بنات كتيييييييير محجبات ومش معقدين هو محجبة لازم تبقى مقرونة بالوهابية و الجهل و العارو التخلف ؟!يا حول الله ياربي! هو رموز مصر النسائية المحجبة راحت فين؟!
واللي بيعمل حفلة لفلانة اللي قلعتوا و اللي بيضرب عن العمل عشان علانة لبستهو الناحية التانية بارضه واحد دخل غير المحجبة النار يا ناس ارحموني دول شوية شعررر!!!0
شعرررررررررررر!!!0
نازلة من بيتها بشعر تبقى عايزة تتعاكس و حد يتحرش بيها لابسه ضيق يبقى اكيييييييييييد عايزة تتعاكس!
لابسة طرحة تبقى عرعر اضافة برضه ان بعض ممن يدعو التفتح و يدعو الليبرالية ولا يفقهوا شيئا في اييي حاجة غير انهم اخدين ليبراليتهم ستار لهجومهم على الحجاب بحجة انه مصدر الجهل و الغباة و التخلف و ما الى اخره من الافاظ العطرةاه و العرعرة طبعا ازاي انسى العرعرة!
بجد هؤلاء البعض اللي بتكلم عنهم تقريبا مشفتلهمش اي مشاركة في اي حاجة غير في موضوع القلع و اللبس ده الغرب مش لابسه ويبقى احنا غلط ما هو والله ظلم وتركيز الناس في تفاصيل المراة بزيادة ده ظلم واحد تاجر بيها و التاني قلك متعدش على النت الا بمحرم في ايه بقى!! هو البنت دي مينفعش تاخد قرار و الناس تحترمه؟
مبدأ التعايش ده من الاساطير؟
تقبل الاخر ده اعجاز؟ امر لا يقدر عليه بشر؟! البنت دي بقت كائن مثير للملذات و خلاص وياريت بقى محدش يقوللي الحجاب الي خلاها كدة!! انا بحس ان اللي خلوا المراة متخرجش من البيت و متتعلمش و و و دول بيستحقروها ده الكائن الوحيد اللي قعدوه في البيت هو الست! الحيوانات بتنزلو اللي برضه هزئها على قنعتها بامر معين استحقرها متسيبوا الامر للبنت و خلاص؟
هيقولي ما هو اهانة للراجل ويابني حد قالك اني لابسه احسن متبقاش على بعضك؟ انا بعتبر الشعر زينه مش في بنت تتكسف تحط مكياج؟
اهو في بنت بتعتبر شعرها زينة و تاج لانوثتها و يظهر لزوجها و بس لكن مالوش علاقة بكفائتها و لا زكائها و لا اي حاجة وبجد لو واحدة شايفة ان الحجاب هو اللي بيمنعها من التقدم. فأبشري بحجاب من غيره انت كائن لا ينتج اصل مش حتة القماش اللي هتمنعني من الفهم و التعلم!!!!
و لا برضه حتة القماش الدليل على الدين و التدين و لا اي حاجة اصلا من اللي الناس بتقولو! ليه كل الهوجه دي؟!
و ليه كل التحقير فينا ده؟
اريد ان افصح اني في قرارة نفسي شعرت بالتوجس ممن يدعو الى تركه يا ترى انا في قرارة نفسه متخلفة صح؟!
و الناحية الاخرى انا منحلة منا بالبس بنطلون و بفتح النت من غير محرم !!
والله طهقت
ممكن بجد افهم في ايه؟! ايه كل الهجوم ده؟!
للعلم انا مش بتهم حد بالهجوم او التاييد
انا عايزة آراء و وجهات نظر