طباعنا وأشياؤنا الصغيرة
هل أدركت يوماً ان بعض التصرفات الصغيرة قد تجلب لك سعادة حملك لصفة معينة تسمى طبع؟ أو مشقة مكابدة تغيير انطباع ما أُخذ عنك في لحظة تهور؟ ألم تتساءل ذات لحظة عن معنى كلمة طباع؟ وهل تندرج تحت تصنيف علمي أم حسي أم انفعالي؟ وهل الطبع سمة من سمات الشخصية الأصيلة؟
هذا ما سنجيبك عنه....
يختلف معنى كلمة طباع باختلاف السياق الذي تدرج فيه ولكي نتلافى أي لغط أو التباس، يمكننا القول أن الطبع ما هو إلا تلك الاستعدادات الوراثية التي تؤلف هيكل الإنسان العقلي والفطري والسلوكي، ويمكننا بذلك التصنيف إطلاق لفظ "الطباع الفطرية"، بينما مع تطور الإنسان وممارسته للحياة نجد أنه يكتسب بعض الصفات التي لا تبقيه على حالته الأولى، ومن هنا فعلم الطباع يعمد إلى التمييز بين ما هو فطري وما هو مكتسب "تطور الشخصية
معنى الطباع
كلمة الطبع يمكن القول بأنها من نتاج تأثير الحياة في تركيبتنا النفسية. فنقول أحيانًا: "تلك امرأة رقيقة ". و"ذلك الشخص طبعه شرس". بينما "ذاك طبعه حسن وهادئ". نجد أن تصوراتنا وأحكامنا السابقة على شخصيات الفئات الثلاثة ليست بالضرورة صحيحة مائة بالمائة حيث أنها تخضع لرؤيتنا الذاتية وأسلوبنا في تقييم الأمور ، ومدى انسجامنا والشخص مرجعها الأصلي طبيعة بنية شخصياتنا نحن والتي لا تكون بالضرورة مصقولة على نحو متكامل
كلمة الطبع يمكن القول بأنها من نتاج تأثير الحياة في تركيبتنا النفسية. فنقول أحيانًا: "تلك امرأة رقيقة ". و"ذلك الشخص طبعه شرس". بينما "ذاك طبعه حسن وهادئ". نجد أن تصوراتنا وأحكامنا السابقة على شخصيات الفئات الثلاثة ليست بالضرورة صحيحة مائة بالمائة حيث أنها تخضع لرؤيتنا الذاتية وأسلوبنا في تقييم الأمور ، ومدى انسجامنا والشخص مرجعها الأصلي طبيعة بنية شخصياتنا نحن والتي لا تكون بالضرورة مصقولة على نحو متكامل
لذا فغالبًا ما يعمد الإنسان للحكم الخاطئ بناء على موروثه الفكري الخاطئ من الأساس، فالطباع لا يمكن الحكم عليها بالجودة أو الرداءة وإنما يحكم عليها بالاختلاف . والاختلاف ناجم عن اختلاف البيئة والإقليم - أسري واجتماعي - والتربية التي تلقاها الفرد ونشأ فيها
تصنيف الطباع في العصر الحديث
يقول كيرولويس أن في عصرنا الحديث تم تصنيف الطباع وتحليلها عبر التكوين الإنساني الجسماني وكذلك الاستناد إلى مراقبة تصرفات الفرد الناتجة عن تاريخه، وظهر ذلك جليًا فى المدرسة الهولندية حيث قام عالمان بعمل دراسة كاملة توصلت لوجود ثلاثة عناصر تكون الطبع وهي (الانفعالية والحيوية والوقع ) وذلك التقسيم يتناول تصنيف الأشخاص تبعًا له فنجد أن:
الانفعالية: يتمتع أصحابها بكمية طاقة عصبية عالية جدًا تتسرب عبر الاضطرابات الوظيفية بالجسد، فالانفعالي شخص ثائر لأسباب تافهة، لا تتوافق ردَّات فعله مع أسبابها فهي تفوق الأسباب بمراحل وأشواط، فالانفعالية سمة تجعل الشخص مستعدًا بيولوجيًا للاضطراب والانهيار والتزعزع والسقوط أحيانًا تحت براثن الخيال الواسع وبرغم ذلك، نجد الانفعالي شخص يتمتع بحس فني رائع وذكاء وحدس شديد على عكس الأشخاص الباردين الذين لا يحركون ساكنًا للمواقف المستفزة ويمكن إطلاق لفظ البرود عليهم حيث يملكون قدرًا أقل من الطاقة النفسية العصبية، يتسمون بالتروي ورباطة الجأش والموضوعية والقدرة العالية على تناول الأمور الحياتية والشخصية بنوع من التجريد
الحيوية: تعنى كمية الطاقة العضوية التي يتمتع بها الإنسان والقادر على استغلالها لتحقيق أفعال مثمرة على المستوى الحياتي المعاش والطريقة الوحيدة لتقدير الحيوية تكمن في أسلوب ومعايير طريقة الفرد في التصرف أمام ما يعتريه من مواقف صعبة وعقبات فالشخص الحيوي شخص يمتلك الجرأة والمثابرة ودوام الانشغال والموضوعية والوثوق من ذاته وكذلك من أهم صفاته انه شخص واقعي وعملي
الوقع : بأنه " السرعة التي تظهر بها ردَّات فعل الفرد تجاه عوامل حياتية تتحداه ويواجهها فالشخص الذي يأتي ردة فعله سريعة وفورية نسمى طبعه فطرى وهو شخص يستجيب سريعًا وتتضح عليه بوادر الانفعال الفوري ويملك القدرة على النسيان السريع فلا يدوم انفعاله فيما وراء الموقف ومن يمتلكون هذا الطبع الفطري يفضلون العيش في اللحظة الراهنة دون التفكير في المستقبل ولكنهم يعشقون التغيير والمفاجآت، يسهل إرضاؤهم وتزول أحقادهم بالمصالحة، سريعو التكيف والاندماج ولديهم قدرة عالية على التواؤم مع المجتمع، غير أن شدة وفرط حساسيتهم يجعلانهم في حالة دائمة من عدم الاستقرار، بينما الآخر ممن يتمتع برده فعل بطيئة نطلق عليه ذو طابع ترصني يميل إلى التفكير أكثر ويملك القدرة على الاحتفاظ بالذكريات المعينة لفترات طويلة كما لا يسهل إرضاؤه، فهو حاقد يستشعر أمانه في الرتابة يميل للانطواء على ذاته، جاد لدرجة عالية تجعلنا نشفق عليه أحيانًا
من هنا نجد أن علم الطباع أدرج ثمانية أنواع للطبع تترتب على الصفات الثلاث السابقة يمكن تلخيصها في:
(الغضوب، الشغوف، العصبي، العاطفي، الدموي، البارد، المائع، الخامل)
التساؤل الآن هل يمكن أن يتغير فرد من طبع لطبع وهل يمكن إطلاق لفظ عواطف إنسانية علي الطباع وهل ما يبدو من طباعنا تعكسه ملامحنا ؟
بالطبع الإنسان يملك القدرة على التغيير من طبع لآخر وتتأتى تلك القدرة بدوافع خارجية تكمن في التجارب التي يخوضها خلال حياته، فالسلوك الإنساني هو عملية من التواصل بين الداخل والخارج بما يقتضيه التوافق والتكيف لتطويع المجتمع لرغبات الفرد، وتطويع الفرد نفسه أيضًا وفق رغبات المجتمع ووفق المأمول منه، فسلوك الفرد حلقة من الوصل بين مجتمعه الداخلي ومجتمعه الخارجي، بين إقليمين (إقليم النفس وإقليم الآخرون)، ومن هنا وجب على الإنسان أن ينتبه لكل واردة بحياته كي يستطيع فهم نفسه قبل فهم الآخر، وكي يستمتع بنوع من الفراسة الناتج من الاحتكاك بالمجتمع فقد قال الإمام علي كرم الله وجهه "ما أضمر أحد شيئاً إلا ظهر في فلتات لسانه، وصفحات وجهه
فكيف يتأتى لك فهم ذلك إن لم تكن تعلمت المراقبة والفراسة من تجاربك بالحياة، فقد وجدت الدراسات الحديثة أن التعابير الوجهية للإنسان هي عامة للجميع ففي إحدى المرات وجه سؤال للدكتور بول إيكمان - وهو أستاذ في علم النفس - تحول بظروف معينة إلى "قارئ وجوه"، كان مضمون السؤال كيف تميز بين ابتسامة مزيفة وأصلية؟ أجاب عنها: في الابتسامة المزيفة تتحرك عضلة الوجه الرئيسية التي تمتد من عظمة الخد إلى حافة الشفة، وفي الابتسامة الأصلية ينخفض الحاجبان والبشرة بين جفن العين الأعلى والحاجبين قليلاً، والعضلات التي تتحرك هي عضلة العين المدارية والجزء الجانبي
مراقبة الذات أهم وسيلة للتعرف على الطباع
وهنا تكمن أهمية مراقبتنا لذواتنا وللآخرين ومحاولاتنا التعديل من بعض الطباع التي قد تنفِّر الآخر منا فيجب على الإنسان أن يمتلك قدر من الفطنة والحذر في التعامل وخاصة في المجتمعات الجديدة عليه، تلك المجتمعات سريعة التغير والتطور، والتي ضاعت فيها المرجعيات، واختلطت فيها الأدوار، فلرب تصرف وحيد يجعل الفرد يتصف بصفة دائمة في نظر الآخرين بينما هو في قرارة ذاته مختلف كليًا وجزئيا عن تلك الصورة
فعلينا دائمًا تذكير أنفسنا بعبارة سقراط الشهيرة التي تقول: "اعرف نفسك بنفسك". تلك العبارة نحن أحوج ما يكون لها بأيامنا تلك فمعرفتنا لذواتنا هي مفتاحنا للنجاح، مفتاحنا لتظليل طباعنا وتلوينها ونحت الزائف منها وتجميلها، وكذلك وسيلتنا لإدراك عيوبها وتغييرها، فكي نملك التكيف السليم يجب أن نضع أيدينا على هويتنا لتحديد قدراتنا، ومن تحديد تلك الهوية نتعرف على هيئتنا النفسية، تلك الهيئة التي تكون في أصدق صورها حينما يتلمسها الفرد ذاته
ثمة أشياء صغيرة نعوّل عليها وضوح الفرد مع ذاته وتتمثل في تجاربه العشوائية، تلك التي تكون قابلة للنجاح والفشل، حيث توفر له المزيد من الاحتكاك واستكشاف الداخل والخارج وما نتج عن الداخل والخارج من احتكاك يكون هو شرارة الطبع التي يجب على الفرد أن يتناولها بالتحليل، وبعين الرقيب