هل رأيتم عاميير بيريس رئيس حزب العمل الجديد؟؟
الرجل يبدو عربيا تماما, بل وأكثر عروبة من بعض الحكام العرب, الملك عبد الله فى الأردن مثلا...
و بيريس مثل العديد من اليهود فى إسرائيل أصلة مغربى.. واليهود الشرقيون يزدادون بإطراد وبطريقة أسرع بكثير من اليهود الأوربيين. السبب واضح بالطبع.. ,فاليهودى الشرقى عاداتة وتقاليدة مستمدة فى النهاية من المحيط العربى أو الشرقى الذى نشأ فيه بما فيها كثرة الأولاد.
لذلك يلجأ اليهود الغربيين الى محاولة تهجير أكبر عدد من اليهود الروس أو الأوكرانيين الشقر لتعويض هذة الفجوة حتى ولو لم يثبت أنهم يهود بالفعل.
وإذا كان وزير الدفاع الإسرائيلى إيرانى ووزير الخارجية تونسى ورئيس حزب العمل مغربى , فلا داعى للتعجب مثل إيهاث عندما أستقلت الحافلة فى القدس وفوجئت بالركاب اليهود يستمتعون ويغنون مع أم كلثوم أغنية "إنت عمرى".
أما ما دفعنى الى الترحيب بإسرائيل كإحدى الدول العربية العتيدة, فهو ذلك التصريح الحنجورى الذى أدلى به زعيم حزب العمل السابق شيمون بيريز والذى لا يمكن له أن يصدر إلا من مسئول عربى عتيد وقال فية" أنة لا يوجد فى إسرائيل رجل يمكن لة أن يقود البلاد فى هذه المرحلة التاريخية الهامة سوى السيد شارون"
طبعا كان يجب أن يضيف أن شارون هو الزعيم الملهم, ولكن أعذروه فالرجل مايزال جديدا فى هذا المضمار.
و مرحبا بدولة إسرائيل العربية.
هناك الكثير من التفسيرات التى حاولت حل لغز إختيار عبد الناصر للسادات خلفا له.. ودعونى أضيف تفسيرا أخر و هو أن عبد الناصر رأى فى السادات السياسى الحقيقى الوحيد الباقى فى دائرة الحكم العليا.
ولم يضع الرجل وقتا ففى أقل من عام بدأت تظهر مواهبة السياسية بوضوح .. تغلب بمنتهى السهولة على مناوئية السياسين و أطاح بهم الى السجون, وبدأت شخصية الفلاح الداهيه عميق الأغوار تتراءى للأنظار بالتدريج رجل واسع الحيلة حلو الحديث يملك مكر السياسى وقدراته على الإقناع شغل الناس و أجبرهم على اللهاث محاولين اللحاق بما يقولة ويفعلة. وإذا نظرنا الى الأحداث المتلاحقة على مدى إحدى عشر عاما من حكم الرجل بدءا من أحداث مايو 71 الى "حصل ضباب" ومظاهرات الطلبة و طرد الخبراء العسكريين السوفيت فى 72 ثم خطوة حرب أكتوبرالمهولة فى 73 و ما تبعها من أحداث سياسية و عسكرية وإقتصادية قلبت كثير من الموازيين المتعارف عليها فى مصر و المنطقة و العالم..... سياسات الأنفتاح و الإتجاه صراحة الى أحضان الولايات المتحدة فى 74 و 75 وماتبع حرب أكتوبر من وفره مادية و ثراء فى منطقة الخليج أدى إضافة لأوضاع مصر الإقتصادية الى نزوح أعداد غفيرة الى الخليج ليعودوا فيما بعد محملين بثروات شخصية كبرت أو قلت ولكن أيضا بأفكار بدويه وهابية ضاقت يما حملت وإتسعت لها مصر بمظاهر سطحية عديدة أدت مع الحراك الإجتماعى الحاد و أنتقال الثروة من الطبقات الوسطى الى طبقات قادمة بمفاهيمها المنغلقة و شبة المهمشة لتحتل الصدارة و تفرض أجندتها.
قام السادات فى نفس الفترة بتشجيع الأصوليين المتأسلمين و مصالحة جماعة الأخوان المسلمين كوسيلة لمجابهة الحركة الطلابية التاصرية و اليسارية القوية المناوءة لسياساتة بشدة.ويجب ألا ننسى فى هذا السياق أن السادات إتخذ فى 75 قرارا مفاجئا بتعين لواء طيار لم يكن معروفا على المستوى الشعبى فى منصب نائب رئيس الجمهورية وذلك بطريقتة المسرحية الشهيرة معلنا أنة قرر " أن يتحمل جيل أكتوبر المسئولية". طبعا كان ذلك هو اللواء طيار حسنى مبارك الرئيس محمد حسنى مبارك فيما بعد. وبنفس الطريقة المسرحية أعلن إنشاء ما أسماة بالمنابر السياسية مفسحا المجال لنفسة كى يعلن بطريقة مسرحية لطيفة فيما بعد عن مناورة عودة الحياة الحزبية الى مصر. الواقع إننا إزاء كل هذة الأحداث تجاة رجل سياسى, يمارس السياسة على طريقة سياسى أوروبا فى القرن التاسع عشر.. مناور ماكر ذكى وله رؤيته الخاصة للأمور وفى كل الأحوال يحرك الأحداث طبقا لمصالحة الشخصية. على أية حال مازلنا نلهث مع السادات حتى نصل الى العام 77 عام إنتفاضة يناير و أيضا عام زيارة القدس. وهاهو السياسى الماكر بهز العالم بخطوة جبارة وسواء إعتبرتها إلى الأمام أم إلى الخلف فلا يسعك إلا ان تعترف بأهميتها القصوى. وكما قام سلفة بتغيير التاريخ بل والجغرقيا أيضا بإضاقة أكبر بحيرة صنعها الإنسان وباتت تحمل إسمه فى شتى أنحاء العالم "بحيرة ناصر" فهاهو الخلف يقوم بتغيير تاريخ العالم بخطوة زيارة القدس. ويبدأ دون أن يدرى (أو ربما كان يدرى) مرحلة القطب الواحد متنبئا بإنهيار الأتحاد السوفببتى قبل حدوث ذلك بأكثر من عشرة أعوام.
على اننا فى الحالتين سواء إتفقنا أو إختلفنا أمام حالتين لرجلى سياسة. ربما كانا على طرفى نقيض إلا أنهما أتفقا على وجود رؤية سياسية , أساليب سياسية , لم يعوض ذلك بالطبع خطيئة غياب الديموقراطية , ولكنهما بما قاما به من أحداث إستطاعا أن يحولا هذه الخطيئة فى بعض الأحيان الى مجرد خطأ.
وكعبد الناصر إستعان السادات فى حكمة برجال من مختلف ألوان الطيف السياسى بل و غير السياسى بدءا من الدبلوماسى المخضرم محمود فوزى كأول رئيس وزارة فى عهده نهاية بالطبيب الطموح فؤاد محى الدبن مرورا بعزيز صدقى محمد عبد السلام الزيات , إسماعيل صبرى عبد اللة, ممدوح سالم, فكرى مكرم عبيد, سيد مرعى, عثمان أحمد عثمان, محمود جامع, منصور حسن ولا يمكنا أن نغفل دور زوجتة السيدة جيهان السادات.
وإنتهى فجأة دور السادات مفسحا لخلفة القيام بدور لم يتهيىء له وأشك أنه أراده حقيقة فى أى فترة من فترات حياتة . لم يعرف عن الرجل أى طموح أو موهبة سياسية من أى نوع , كان مثالا للموظف المصرى المجتهد والطموح وظيفيا مع موهبة إدارية أكيدة أهلتة لتولى مناصب إدارية هامة للغاية سواء فى الكلية الجويه أو فى سلاح الطيران المصرى حتى أنه تولى قيادة هذا السلاح فى سن مبكرة ,الأمر الذى جعله على رأس هذه القوات آثناء حرب أكتوبر. وكغيره من كبار الإداريين تميز ببراجماتيه شديدة ظهرت آثارها بوضوح فيما بعد أثناء توليه الرئاسة.
ولكن لم يمتلك الرجل أى موهبة سياسية تذكر, كانت أقصى طموحاتة حين إستدعاه الرئيس السادات على وجة السرعة أن يقوم بتعيينه رئيسا لشركة مصر للطيران أو سفيرا إلى لندن وإن كان هو قد إعترف مؤخرا أنه كان يفضل لندن على مصر للطيران الا أنها فى النهاية أصبحت مصر نفسها. بل أننى أشعر أن الرجل حاول بحق التخلى عن هذه المسئولية فور إغتيال السادات ولو كانت الظروف تسمح لربما فعل ذلك بالفعل ولكن لحظه أو لحظنا (لست أدرى) لم تكن الظروف لتسمح على الإطلاق.
على أية حال أصبح حسنى مبارك رئيسا لمصر فى أكتوبر 81 مدعوما بتأييد شعبى واضح لسببين, الأول الهلع الذى أصيبت به جموع عريضة فى ذلك الوقت من فكرة وصول الجماعات الإرهابية المسلحة الى السلطة والسبب الثانى أن السادات وقت إغتيالة كان فقد كل شعبيتة تقريبا و بات مكروها للغاية بل وإمتدت هذة الكراهيه الى زوجته السيدة جيهان السادات. لذا ظهر حسنى مبارك كبديل شاب نقى وتلقائى. أذكر فى هذة الأيام المبكرة حادثين جعلا الناس يتعاطفون معه تماما , فأثناء ظهورة الأول فى البرلمان كرئيس للجمهورية وبينما المصورين منهمكين فى تصوير الحدث إذا بالرئيس الجديد يخاطبهم بحزم طالبا الكف عن التصوير , لفتة اثارت تصفيق النواب وإعجاب الشعب فى إشارة الى أن الرئيس الجديد و على العكس من سلفة يكره المظاهر ولا يحب الظهور. أما الحادث الثانى وربما يثير الكثير من العجب الأن فكان طلبة من رئيس تحرير جريدة الجمهورية فى ذلك الوقت مجازاة أحد الصحفيين لأنة كتب موضوع تحت عنوان "السيدة سوزان مبارك تقول:كوب لبن لكل طفل" فى إشارة الى أنه وعلى عكس سلفة لن يسمح لزوجتة القيام بأدوار مرفوضة شعبيا و الظهور فى الحياة العامة. وكما يقول عمنا المتنبى "تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن" فها نحن بعد 25 عاما من حكمه أمام رجل مختلف كليا.
بدأ مبارك حكمه مدعوما كما أسلفنا بدعم شعبى آهله مع هدوء أعصابة الشهيرمن إجتياز الأشهر الأولى الخطرة بسلام وأيضا السنين الأولى محاطا ببعض السياسين الذين ورثهم عن الرئيس السادات ولم يقم بتغييرهم على الإطلاق ,إستعان فى النواحى الإدارية ببعض الأصدقاء كما فى حالة جارة القديم زكريا عزمى ولكن بقيت تلك حالات إستثنائية.
وإذا نظرنا بطريقة متفحصة لطريقة حكم مبارك سنجد أنها ترتكز على بعض المفاصل الهامة أولها أن الرجل و على عكس عبد الحكيم عامر لم يخدع نفسه ويوهمها بوجود مواهب سياسية لدية, على العكس لقد تصرف دائما من منطلق أنه رجل غير سياسى , وعلى ذلك حرص بشكل مبالغ فية على عدم القيام باى مبادرات أو تغيرات أو تعديلات هامه فى الحياة السياسية سواء داخليا أو خارجيا. إهتمامة الأول والأساسى هو أن تسير المركب بأقل قدر ممكن من الخسائر , وهو فى ذلك كان متسقا مع نفسة فهذة عادة سياسة الموظف التقليدى من أجل البقاء أطول مدة ممكنة فى منصبة وهو فى هذة الحالة منصب رئيس مجلس إدارة مصر. إلا أن السياسة تختلف كثيرا عن الوظيفة فوقود مركب السياسة هو المبادرات و الإبداع السياسى بل و الصدمات من حين لأخر . و هكذا تسببت نظرة مبارك الوظيفية للمنصب الى إبطاء حركة السفينة فتخطاها الكثيرون وضعف مجركها تدريجيا من قلة الإستخدام حتى بدأت تروسه بعد أكثر من عشرين عاما من الركود التام فى الصدأ. ومل الناس تواجد نفس الوجوه وإستمرارها لأول مرة فى تاريخ مصر المعاصر لعشرات السنين . بل أننى أزعم أن الدكتور فؤاد محى الدين لو لم يغيبة الموت لظل حتى هذة اللحظة رئيسا لوزراء مصر. ولكن إنتظروا ,, ألا يذكركم هذا بشىء؟ أين يمضى الناس غالبة حياتهم يعملون فى مكان واحد؟؟ نعم أنتم على حق فى الوظيفة.
ننتقل الأن الى المفصل الهام الأخر فى طريقة حكم مبارك وهى "الأمن" وربما كان ذلك طبيعيا فالرجل كان يجلس بجوار الرئيس السادات حين أمطره المتأسلمون الأصوليين بوابل من الطلقات وسط جيشه و بكامل حلته العسكرية. أظن أن مبارك قرر يومها أن يعتمد على الأمن أولا وثانيا و عاشرا خاصة مع عدم وجود أى تصور سياسى حقيقى لدية أو حتى معرفة بحركة التاريخ أو حسب إعترافه هو شخصبا بأنه لا يهتم مطلقا بهذا التاريخ أو حتى دورة فيه. وهكذا ومع الإنكماش الحاد لأىطبقة سياسية تمتلك ولو حتى قدر متواضع من الفهم الحقيقى للسياسة , وبروز طبقة من الطفيليين أدعوا كذبا أنهم رجال أعمال و هم ليسو إلا مقترضى بنوك متعثرون وإقتحموا الحياة السياية دون إستئذان. مع تنامى الدور المتعاظم لأجهزة الأمن وتدخلة فى كثير من مناحى الحياة السياسية طبقا لنظرية ملء الفراغ , وصلنا إضافة الى الركود السياسى الحاد الى مرحلة بالغة الخطورة.
نأتى الأن الى مفصل أخير ولكنة بالغ الأهمية والتأثير, إحدى هواياتى هى متابعة التفاصيل الصغيرة لتصرفات الأشخاص موقنا أن هذة التصرفات الصغيرة ربما تكون المفتاح لفهم الأحداث و الشخصيات. وحين كان مبارك نائبا للرئيس أوفدة السادات الى الصين لمقابلة ماوتسى تونج والقادة الصينيين. كان ماو فى آواخر حياتة ,بالغ الوهن والضعف وظل الرجل واقفا يسلم على مبارك و أعضاء الوفد فردا فردا ولفت نظرى وجود صبيين صغيرين يصافحان ماو الذى بدا غير واعيا لما يدور حوله. لم يكن هذان الصبيان سوى علاء وجمال مبارك. لم يكن حسنى مبارك يقضد من ذلك التخطيط لأى مستقبل سياسى لأيهما , ولكنه كان مجرد أب محب لولدية وربما بشكل زائد عن المعتاد أراد أن يصطحب أولادة معة فى زياراتة البعيدة ويشاهدوا أشخاص يروهم عادة على شاشات التليفزيون. وفى أحاديث صحفية متباعدة وقبل بزوغ إسم الولدين بالشكل الحادث الأن يمكنك أن ترصد هذا الشعور و كيف أنة يقوم مبكرا لإعداد ساندوينشات للأولاد والتأكد من أنهم تناولوا إفطارهم. أشياء صغيرة ولكنها تبعث على الإعجاب بوالد محب وعطوف.
الولدان مختلفان إختلافا كليا . فالكبير علاء محب للحياة, منطلق.إجتماعى أما الصغير جمال فعلى العكس غامض , غير إجتماعى. عرف فى صغرة بالإنطواء الشديد الى حد أثار الدهشة فى بعض الأحيان.
وللحديث بقية