Thursday, November 09, 2023

التربية بالنتائج.. حتى لا نكون مثل صاحب الجنتين

 

التربية بالنتائج..!!د 
حتى لا نكون مثل صاحب الجنتين 


(1)
RBM
الإدارة بالنتائج: استراتيجية للإدارة تقوم على وضع أهداف محددة منذ البدء وتصميم الخطط واستخدام كل المصادر لأجل تحقيقها في إطار زمني محدد سلفًا. 
اعترضت على استخدامها في برامج بمجال التنمية الإنسانية المتأثر -من وجهة نظري- في كل أطروحاته وافتراضاته وحلوله باتجاهات فكرية وقوالب يمكن دحضها، أحيانًا دون انتظار أدلة قصورها على أرض الواقع بالتطبيق.
لكنها في نفس الوقت استراتيجية ذات أدوات نافعة ومنجزة في الأعمال التجارية والاستثمارية والمشروعات قصيرة المدى، وتساعد على المتابعة والتقييم الموضوعيين وبالتالي التطوير. 
طيب هل فيه حاجة اسمها تربية بالنتائج؟ 
لأ. ^_^
لكني اخترته تعبيرًا عن رؤيتي لأسلوب تنشئة وتربية سائد الآن.
تقوم هذه التربية على نتائج ظاهرة، يمكن قياسها.. مثل منظومة التعليم وهيكل الزواج الحالي.
ففي هيكل الزواج الحالي لدينا: 
- اتفاق العائلتين على المادة بغض النظر عن مناسبة ذلك لمقتضى الحال، 
- الحمل، 
- مؤشرات نمو الجنين الجسدية 
- ثم مؤشرات نمو الطفل الحركي والمهارات اللغوية....إلخ،
- اختيار المدارس، 
- نتائج التحصيل الدراسي،
- الآداء الرياضي والنشاطي 
- الآداء (الديني) في بعض الأسر (يحفظ كم سورة)، 
- ثم الترقي في السلم الوظيفي، 
- عدد ناتج الزواج، 
يبدو ذلك هو المقياس ومحصلة العمر في حوارات كبار السن مع بعضهم في الاتصالات والتجمعات سواء العائلية أو العامة أثناء انتظار دورهم لدى الطبيب. ولن أحكي عن الزهو البيّن أو الفخر المُبطِن لهذه الحكايات اليومية.  

يمكنني القول إن حياتنا صارت مجموعة من النتائج المحسوسة والمرئية والمعدودة. 
ويُقاس نجاحها بكثرة النتائج وتنوعها وتطابقها مع الخطط التي تمليها التقاليد. 

طيب ما الإشكالية في ذلك؟ 
دعنا نمرّ على قصة أولا. 

(2)
في سورة الكهف يقصّ الله علينا خبرَ حوار بين رجلين أنعم على أحدهما بجنتين من خير الثمار والزرع والعنب والنخل ويمر خلالهما نهر..!! لا نعيم في الدنيا أكثر من ذلك. يحاور صاحبه متفاخرًا بأنه أكثر منه مالا وثمرًا وولدًا. 
سأركز في القصة على ما رأيته في شخصية صاحب الجنتين:
- أنه نسي أن الله الذي أعطاه الجنتين. 
- اقتصر نظره على نتائج الجنتين وهو ما دعاه للتفاخر أمام صاحبه و(مقارنته)
- ظن أنه مستحق لكل تلك النعم (أعز نفرًا)
- علت درجة استحقاقه بالجنتين وأكُلهما والنهر (دخل جنته وهو ظالم لنفسه) 
- فظنّ أنها باقية (لن تبيد) وأنه يستحق ما هو أفضل منها. 
- لاحظتُ أن التردي داخله مستمر عبر الحوار حتى وصل إلى أنه لم يعتبر النهاية الكبرى وهي مركزية الغيبيات التي لا تقاس.
- ومَن لا يعتبرها، لا يرى يومه الآخر، ولا يرى موته وشيك التحقق. نتأمل تعبيره: "وما أظن الساعة قائمة (ولئن) رُددت إلى ربي".....!!د

(3)
نعود لإشكالية التربية والحياة بالنتائج.. هل رأيتم الرابط؟ 
أوجه التشابه بيننا وبين صاحب الجنتين جلية لدرجة أنني أجد صعوبة في عرضها مفصلة خشية التكرار. 
فقد اعتدنا عطايا الله حتى لم نعد نشهدها صدقًا بسبب التربية والنظر بالنتائج وعلو استحقاق الإنسان الحديث ونسبة نتائج حياته لأعماله.
نشكر الله نعم.. ونحمده نعم في الوقفات.
لكن ننسب نتيجة امتحان الأولاد لمتابعتنا ومذاكرتهم، والشقة التي اشتريناها لتحويشة العمر، والمنصب الذي وصلت إليه لشهادتي من إحدى الجامعات الأوروبية.... أمثلة قليلة من ممارسات يومية صغيرة تجذرت حتى صارت طبيعة الأمور.
وحتى صار النظر في النفس عزيزًا محصورًا ويحتاج لمناسبات كالوعظ النخبوي الأجوف أحيانا الذي يؤدي إلى (تأثر مؤقت) ثم نعود لسالفنا. واعتدنا الانشغال بالحصول على ما نريد -للتحقق- حتى غاب عنا يومنا الآخر، واليوم الآخر فلا نشهده إلا نادرًا في موت حبيب. 

(4)
لما رزقني الله هذا الشوف رزقني آيات دالّة عليه.. منها في سورة يونس، انظروا للرابط بين الاطمئنان للحياة والارتكان إليها وعدم حضور شهود فناءها ولقاء الله في القلب في قول الله تعالى: 
إِنَّ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا وَرَضُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاطْمَأَنُّوا بِهَا وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آيَاتِنَا غَافِلُونَ (7)


(5)
تجديد الإيمان باليوم الآخر، وممارسته في تفاصيل الحياة اليومية من الركائز التي ستحمينا وتحمي أولادنا من حال صاحب الجنتين والتربية بالنتائج. 

رحمنا الله ووهبنا شجاعة النظر في أنفسنا واستخراج شوائبها.. ورزقنا التصديق على هذا بالفعل الدءوب اللازم... لأجل النجاة. 







Tuesday, September 19, 2023

اعتقال روح

اعتقالُ رُو.و.وح

 


وشت لفافة الأوراق السرية بخطتهم لمحو أثرها، إذ وصفوها بالفلسفة ثم الهرطقة.
يخبر الطاغية حاشيته المقربة أنها لا تكتفي بما يقول ولا تنفذ أوامره، وتفكر في أصل المعاني والأشياء..! وهذا خطر مدلهم.. وإنه لخروج فادح عنه... وعنهم... وعن القبيلة.. والدساتير. 
 
يداوم الخروج على ملئه في ثقل وزهو سائقًا الأدلة على جنونها -أدلة من بهتان اقترفه- فهي تدعي رؤية أشياء لا يراها أحد:
"لا تتخيلوا جنونها ومدى عنادها.. أنا وحدي أعرف.. قد يلتبس عليكم الأمر وتظنون ادعاءاتها صحيحة.. لا تغرنكم دقتها.. حتى لو وصفت لكم ألوان وأبعاد وروائح ما ترى.. لا تصدقوها وخافوا على أنفسكم منها".

كان قلب السجّان الليلي قد التفت إليها، فيسرب لها طعامًا سرّا.
بعد دوام خُطب الباغي الفاتنة، راجع سجّان الليل نفسه وخاف العقاب وأعلن انضمامه للأغلبية بسدّ المنافذ قائلا​ لها:

"لو استطعت لمنعتُ عنكِ الهواء." 

تسدد عينيها خلاله ويتخطاه بصرُها. 

فينظر خلفه.. يجفل.. حيث لم يجد أحدًا. 


Thursday, August 31, 2023

رحلة شوف.. من ضيق الثقوب والأسباب

  رحلة شوف

من ضيق الثقوب والأسباب





بسم الله الرحمن الرحيم

أيتها الشاردة بين ظعن ونأي حتى حين السكون، 
سلامُ الله ورحمته عليكِ، 
كنت تظنين أنه لا تحت دون ذاك (التحت). فكان هناك عمق آخر تحت (التحت). 
ما أدراك بمُنتهى الأبعاد، يا دعاء؟!د
إذا كنتِ لما حاولت مرة تخيل مساحة مَثَل كلمات الله، وضربت مساحة المحيط الهادي في سبعة، لم يحتمل قلبك إدراك بُعد السبعة أبحر أصلا، مع بقاء قيمة (#) أقلام شجر الأرض مجهولة.. وهالَكِ هذا الخاطر. 
المهم، كان هناك درك آخر تحت تحت ذاك (التحت). 
والعجيب أنه شاء الله أنك تشوفي خلاله..!!د
فكتبتِ إلى الله مُناجيّة ثم تعجبت من كتابتك؛ فسبحانه يعلم ما خفي من نفسك وما هو أخفى..! انتبهتِ إلى أنك فعلتِ للتذكرة حتى لا تغفلي حين ينجلي ما بناصيتك من وصب بإذن واحد أحد يومًا ما.   
 استحييتِ من نشرها، وتجادلنا لاستقطاع ما قد ينفع الناسَ منها. 
سأنقل بعض ما كتبت:
................ وسبحانك تعلم... أني شفت فيه إحدى أشكال التنشئة.. 
أودّ لو بإمكاني حجبها عن القلوب والأذهان حتى لا تسكن مزيدًا من البيوت، فتصير جدرانًا صمّاء هجرها حقُّ ذكرك، والسمعُ اللبيب، والودّ والمرحمة.. بيْدَ أنك جلّ جلالك لو شئت لفعلت. 
* * * * 
من حيث حيز الانتشار والغلبة، هي مساحة كبيرة (*). لكنها ضنينة من حيث الجوهر.
ومن حيث المسافة، هي قصيرة.
 وفي غاية الثقل من حيث الوزن، 
وجنونية وخفيفة من حيث الموازين (**)!!د 
تنشئة يتقنها قطاع كبير من الوالدين وغلبت لدرجة ربطها بجودة التربية وتحضر الأسرة..!! تنشئ الطفل -خاصة مَنْ يقع عليه سهم الفداء- على الأسباب، وتطالبه بمسئولية مباشرة عن  تدبيرها وتحقيقها دائمًا، وللكل.. ربما منذ بدء تعلمه المشي وربطه بالعقاب. فيظلّ مُطالبًا بإيجاد وتدبير عمل الأسباب فقط والأخذ بها من كل الطرق.. مع عدم ترك هامش للخطأ البشري المحتم.
بدءًا من حدث صغير مثل: معقابته أنه لم يقل إنه يريد قضاء حاجته في الوقت (المناسب).. إلى عدم الانتهاء من طعامه وحده أيضا في الوقت (المناسب). 
إلى التفوق الدراسي في كل مادة (وحده)، وأسباب نظافته ونظافة المحيط (وحده)، وأسباب حسن السير والسلوك (برضه وحده)، ومعها أسباب نجاح آخرين مثل أخوته، وسلامة أرجلهم من الخدوش الناتجة عن لعب لا يكون فيه، وأسباب تجنب خناقاتهم مع آخرين، حتى يصل الأمر لأسباب سوء علاقات الكبار الناشئة قبل مولده. وهذه أمثلة بسيطة من واقع الحياة. 
يطالبون الطفل بما يشبه السعي، لكنه ليس هو، ودون إيضاح لحقيقته.

جعلني هذا أفكر في رحمتك ربّـي إذ لم يُصِب مثل هذا الطفل وأقرانه -كلهم- الكِبرُ ولوثة التأله.. فأنّى لإنسان تحمّل مسئولية أسباب خرافية أن لا ينحدر إلى ظنّ أنه حقًا المُتحكم في كل شيء؟!د
لكن.... لأن الأسباب ليست بإمكانه دائمًا، ولا يستطيع الخروج من حدود آدميته، قد يخرج من حدود المجموعات فينعزل أو يثور، أو ينهي حياته. وإن كان الطفل ذي طبيعة باحثة عن الحقيقة وأصل المعاني، سيطول تيهه وتخبطه في الظلمات إذ لا تسع (الأسباب) أسئلته.   

أرى أن التنشئة بهذا الشكل من مُهلِكات الدنيا والآخرة. 
مُهلكة كثيفة الغشاوة تجعل المرور على بعض أحداث الحياة محصورًا في الأسباب. كالنجاح في الدراسة ثم مجالات العمل.. والمرور بالمطر وحصر سببه في السحب الركامية، وأثره في البلل وزحام الطرق والتأخر عن المواعيد. 
وكذلك ارتفاع درجة حرارة الأرض.
وتناول الطعام ونسبة جودته إلى بائعه وطاهيه.  
أمثلة متنوعة المجالات أضربها لتوضيح آفة معنوية مُهلكة؛ سميكة الظلمة ناتجة عن التنشئة السائدة.
يكبر هذا الطفل رجلا وامرأة فيكون أغلب مروره مرورًا دنيويًا مُعلّقا بالأسباب كتوقع 5 من جمع 1 و4 أو 2 و3. لذلك يُصدم كثيرًا حين لا ينفعه أخذه بالأسباب. 
وحين يكتشف بعض ما صار من أذى، سيتوقف طويلا عند معرفة سبب ما ألمّ به في نفسه وحدها.. أعرف من ظل يبحث في المكان الخطأ ثلاث سنوات. 
وقد يغرق فيها دون إدراك أنها كسف تحول دون الشوف ودون الله.. 
تنشئة آفة؛ تتلف بعض أوجه العقيدة، وتجعلها محدودة بما نراه رأي العين ونسمعه ونقيسه.. وبما يطالبه ويتطلبه غارسوها..
غارسوها..... ممممم... أولئك الثقوب التي لا ترتوي ولو كنت ريّانًا.. ولا تشبع وإن نبت بين يديك بساتين ومزارع.  
هذه التنشئة حالت دون التوقف أبدًا عند اسم الله الواسع ومعرفة أنه المُدبر يقينًا.. 

الواسع: 
احتجت لــ"الكريم" و"المحيط" و"عالم الغيب" لكي أفكر في "الواسـع" وأعي. وكثيرًا ما يلجأ عقلي لذلك خاصة في الآيات التي تنتهي باسمين أو صفتين من صفاته عز وجل. ثم أربط عقال فكري بالذهاب لأهل العلم: 
يقول أبو القاسم عبد الكريم القشيري في كتابه شرح أسماء الله الحسنى: 
قال بعضهم معنى الواسع في وصفه أنه العالم قال تعالى: "وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا" 
وقال تعالى: "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ.." 
قيل أراد به أحاط بكل شيء علما، وقيل إنه بمعنى الغني قال تعالى: "لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ ".... 
وقيل أنه واسع العطاء كثير الخير، حكي هذا عن ابن الأنباري.... 
وإذا قيل إنه بمعنى كثير العطاء فكثرة عطائه لا تستوفي بالحصر ولا تستقصى بالذكر قال تعالى: "وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ...". 
وجاء في كتاب شرح ابن القيم لأسماء الله الحسنى لعمر الأشقر: 
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى واصفًا ربه تبارك وتعالى بأنه الواسع: "لعظمة الله وإحاطته بما سواه، وأنه أكبر من كل شيء وأنه واسع فيرى ولكن لا يُحاط به" الصواعق المرسلة 3/1022

يا كل نفس نبتت وأينعت في مثل هذه التنشئة، 
الرحلة بدأت رغمًا عنك.. ويحتاج الزاد إلى إعداد محلّه... النفيس...؛ القلب،
بحفره لقلع جذورها، ومنها الارتكان إلى الأسباب وحدها كأنها كل شيء.
تعلمي الخروج من ضيقها وضيقهم وضيقك.. من حصر الشوف في الشهود إلى الغيب الذي لا تدركه الأبصار ولا تسعه الأسباب.. من ضيقها إلى رحابة اليقين. 
اعترفي بجاثوم رعبك من انقطاع الأسباب.. وسلّمي بانقطاعها حتى يمكنك التعبد لله الواسع، والقدير، والمحيط والعليم، ومدبر الأمر. 
وإن كنت -أيتها النفس- أمّـًا أو أبا فحاذروا من تكرار نفس أخطاء تلك التربية. يوجد ما يفوق الأسباب، كالنوايا، والتوكل، والعمل الصالح، والدعاء.

يا الله،
الآن أشعر بأن دعاء "الله الله ربي لا أشرك به شيئا" دعاء!!د
لطالما تعجبت منه وتوقفت أمامه جاهلة وباحثة عن الدعاء.
الآن أرى لم هو حين الكرب.. 
وعلام إعلان التوحيد في تضرع ذي النون وانتهائه بتوكيد ظلم النفس!! هزّ كياني هذا كمحاولة تخيل مَثـَل مساحة مداد كلماتك في سورة لقمان. 
"لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"
أنعمت عليّ بلحظة الشوف هذه.. فأعنّي على آدائها حقًا واهدني وسددني وأعوذ بك أن أشرك بك شيئًا أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه.
ربنا ظلمنا أنفسنا.. اغفر لنا  فأنت سبحانك المستعان وبك المستغاث ولك الحمد في الضيق والسعة.  
ولك الحمد في الأولى والآخرة 
يا واسع التدبير
وخفيّ التدبير
وعظيم التدبير
ولطيف التدبير 
لا يعزب عنك شيء في الأرض والسماوات ولا يمسّك من لغوب إذ أنت المحيط، والقادر، والقهار والواسع. 
سبحانك..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) تعمدتُ عدم التطرق إلى تفسير أنها ظاهرة عالمية، أراها ذات أصول تعود لفِكر ما قبل عصر The Renaissance لأن لدينا الناموس والنهج الذي يحول دونها؛ (القرآن والسنّة). 
لذا لا حجّة لنا أمام ادعاء أن هذا هو السائد والمطلوب الآن، ولا بيّنة على صحة معتقد "هذا ما وجدنا عليه آباءنا" أمام "وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ".. و"وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ".

(**) حتى لا يلتبس الثقل بالموازين.. فلكل معنى مختلف.. أقصد الموازين المعنوية أي سُنن الله فينا التي فطرنا عليها. 
فالتنشئة بالأسباب ثقيلة على النفس ومنهكة لها، لأنها خفيفة من حيث السنن السوية وغير مُعينة على المجريات فما بالنا بالامتحانات والابتلاءات!!د



Saturday, July 15, 2023

وَقَفتُ بِبابِ اللهِ وَقفَةَ ضارِعٍ

 

/ إذا عَرَضَتْ لي في زَمانِيَ حاجةٌ

وَقَد أشكلتْ فيها عَليَّ المقاصدُ


وَقَفتُ بِبابِ اللهِ وَقفَةَ ضارِعٍ /

وَقُلتُ إلهي إنَّني لَكَ قاصِدُ


وَلَستَ تَراني واقِفا عِندَ بابِ مَنْ /

يَقولُ فَتاهُ: سَيِّدي اليَومَ راقِدُ


عبد الرحمن المكودي


Saturday, July 16, 2022

شهود

شــهود 



 1 

دعوة اجتماعية.. مزيج من التطبيع السمج والمكر. يجد الضغط والابتزاز العاطفي باسم الأرحام والعجائز لديّ ثغرة.. (ثغرة) كلمة غير دقيقة.. هي حدود غير مرسومة، وبلا حراسة يقظة. أصعد مُكبلة وسيف الحياء مسلط.. أتجه صوب السور، وبصري لا يعلق بالسماء كعادته. أنظر للأرض البعيدة: 
 - هل سترتطم رأسي أولا أم جسدي؟ هل سأموت فور السقوط أم قبله بتوقف القلب؟؟ 
 تهرول روحي من نفوذ الواردة: "وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ* وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ". 
 هل تستدعي سمات البشر الماكرة شياطيننا وشياطينهم؟ أم العكس؟ 
لا أريد أن أظلّ هنا. ولا أعرف سبيلَ الخروج بَعد. 

 2 

أعدو في اتجاهات عدة.. سبعة؟ خمسة عشر؟ ثلاثون؟ أكثر؟ يغيبُ عني الشعور بالزمن والمسافات والمجهود. 
 كيف يبدو انسلال الوقت؟ 
لا أتجاوب مع مَنْ يفزعون مِنْ نثار الفضة في الشعر، لجمالها.

تنهض أشباح الأمس العميقة، تتضافر، وتقوم بحملة اعتقالات واسعة في ظهري وكتفي ورقبتي وذراعيّ. تشد وثاق الأوصال، فيشقّ عليّ النهوض ويأفل وهج همّتي إلا في واجباتهم. أستحضر عبارة انجليزية عند ملاحظة همس النفس المتواتر، وأنِّ الخلايا قبل كمال الانهيار/الارتقاء. ألقيها بدافع المحبة على مسامع آخرين:
Listen to your body 
 أما أنا.. فأنا التي تحجبني، وتدفعني، ثم تعقلني وتلجمني، التي تفوق أبعادي فأرى طولي ينكمش، وتشفّ عظامي، ولا أكون.
تلك.. التي لا تتبع دائما ما تلقي من حكمة. "لِم تقولون ما لا تفعلون"؟! "كبُرَ مقتًا". هاه.. أغطس في التفاسير وإصبع الاتهام الأبوي المرفوع بوجهي يعمل مع محرك البحث. فتقسم نفسي بعزة الله لإثبات صدق النيّة وخلوها من أي غرض لي! ما هو ده يا مغفلة! أقمتِ الحجّة على نفسك!! لم لا يشملك صوتُك الداعم إذن؟ 
 سأتعلم كيف يشملني بإذن واحد أحد. 

 3 
يتشعب بحثي عن راحلة.. ولا أجد. أتذكره صلى الله عليه وسلم: "إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة".. لو أنشأت مدرسة ومنهجًا، سأجعل هذا من دروس الحياة الأولى للأطفال. درس يقتصد دروبَ التيه والوجع. عرفته متأخرة العام الماضي. دونته في مجال إبصاري، وأمامي تدريب إنابة طويل:
 5×5 \ 5×15 \ 100 ×1000
 تنازعني قوة تشدّني صوب الأرض، وأخرى للعدو. أزحف شهورًا أربعة. ثم فجأة أعدو ذات صبح غاضب بلا عقال. تلمحني إحداهن: 
 - من أولها كده.. هـدّي يا رهوان.
 
 أتمتم "لا تكاد تجد فيها راحلة". 

 أنقسم إلى فرس كميت مُـدّمى، وبركان لا يعرف كيف يثور دون أن يبتلع حِممَه، على يميني "نجوى"، ويساري "عائشة"، ومن السرّ تطلّ عينا "خديجة". تنازع خيالات وجودهن ضروس أربعون، وخطاطيف خوف وكلاليب تشتتني وترديني وتعميني. لا.. لا.. بل أريد أن أرى. 
اللهمّ هو عليك هيّن يا ربي فهونها يا أرحم الراحمين.  

 أعدو.. وأكسرُ.. تكسر.. معدّل سرعتي.... سرعتها.. 
 أيّنا فعلت؟ يا رهوان! 
 يبدو أنكِ كنتِ أنتِ ثــور الساقية أو الراحلة دون أن تدري أو تختاري!!

ما زال أمامي تمرين إنابة مُمتد.. وتعلم الشوف وفرز الأحمال.. والهوينى. 


السبت 17 ذو الحجة 1443

Tuesday, October 06, 2020

تويوتا كرسيدا بالفانيليا والكرز



تويوتا كرسيدا بالفانيليا والكرز 



بين يدي مهمة قمع أعمال شغب بقيادة خوفي. أحاول وأفشل فأستمر في محاولة السيطرة عليه!!د 
لا قمع، ولا إنكار، ولا وعظ فالح. 
لأجرب التبديد إذن. 
أقرضُ حوافّه كحبات حُمص بقرص حلوى مولد النبي (صلى الله عليه وسلم). 
أقرضه وأكسره إلى قطع صغيرة. لكنها ما زالت تخيفني باحتمالاتها المُبهمة. 
الناتج عن جمع خمسة وخمسة، هو نفس ناتج جمع 2+3 و 1+2+2، وطرح 1+4+25÷5 من 90
 تفتيتي العدد إلى أعداد صغيرة ثم جمعها، أو طرحه من عدد أكبر هو نفس الناتج. رُبما الفرق في المسافات بين المقدمة والناتج. ليس أمامي سوى أن أطلب من السائق أن يهدّئ من سرعة سيره. يرفض بلا مبالاة. 
أسدد له نظرةً مدببة أعتقد أنها لم تكن كافية لخفض سرعته المتهورة. 
أتشاغل عن التواء مسلكه، وفشلي في كبح خوفي. 
ألم تتعلمي بعد أن الخوف حق؟
 أدعو دعاء الخوف والسفر. 
أنا خائفة يا الله.  

أفكرُ ماذا لو كان الإنسان طيبًا وقنوعًا وفكر بجدية في صُنع السيارات من العجين؟
وبدلا من تمييزها بأسماء مُنتجيها فقط، تكون بالروائح والنكهات؟
 سيارة رانجلر بالشوكولاتة والزنجبيل،
بي.إم.دبليو بالفانيليا، 
اودي بالشوكولاتة وقشر البرتقال، 
ومازدا بالليمون وروح النعناع، 
ولاندكروزر بالمارشمللو.. مثلاً.
 . . . . . . . .
يأتيني اتصال رفيع المستوى، لكنّي أؤجل الرد، فأنا الآن خائفة ومشغولة بتخيل سيارات شهية مصنوعة من العجائن بنكهات. 
ربما خيالي هذا ممكن. كارل يونج يظنّ ذلك أيضًا. 
قد تفيدنا النانو تكنولوجي الآن لتحقيق خيالي، فيصنعون هياكل السيارات بخصائص الدقيق بعد معالجته.
يقفز الصوت إياه اللائم والدائم التقريع لأني لم أتبع حلمي وأتخصص في أحد علوم الطبيعة. 
يتعاظم الخوف فيدفع لمقدمة رأسي مشاهد سالفة من صندوقي الدفين. 
أعود لمحاولات تبديده. 
أدفع المشاهد بهزّ رأسي، وتصور حوادث سيارات مصنوعة من العجين. 
كيف ستكون، وكيف سيبدو الضحايا، هل سيوجد ضحايا أصلا؟!د
 ماذا سيكتب عنها محرروا صفحات الحوادث. قد يكون اسمها: (صفحة الحوادث الطازجة). 
بعناوين: 
 (وقوع حادثة مثلجة، ومحشوة بالمكسرات)
(يشهد الدائري انقلاب سيارة مطلية بالكراميل)
(زحمة مرورية على محور 6 أكتوبر لاصطدام شاحنة جوز الهند المبشور بمقطورة زيت اللافندر)

يعود تفكيري للمنحى الذي يوصلني بأمي.
هل كان سيمنع صُنع سيارات من عجين من تحقق رحيلها؟ 
"ولكنه الأجل يا دعاء، مقدّر قبل الميلاد."
أرد على نفسي وأخاطبها لضبطها. وأعتذر لله استغفارًا أنني لم أكن أقصد التدخل في شئونه، ولكنه خيالي البريّ الجامح وفضولي غير المُروّض. 
سيارتنا كانت تويوتا كرسيدا.
لو كانت السيارات من العجائن، كان سيصبح وصف سيارتنا "تويوتا كرسيدا بالفانيليا والكرز".
ربما كان سيحين انتهاء أجلها أيضًا ولكن بشكل جميل ووديع مثلها. أن تبتلع حبة كرز مثلا فيتوقف نفسها وهي تردد الشهادتين. 
ربما كان ما سيعلقُ بأنفي رائحة الفانيليا والكرز، وليس رائحة الدخان والدم وصوت المنشار يقطع لانتشالي من أنقاض السيارة قبل أن تصل الشرارات إلى خزان وقودها. 
لا أعرف. 
ربما كنت سأصير أقل خوفًا وخيالًا. 
ربما كنت سأصبح بنوتة غيري.  

دعاء سمير



Saturday, September 26, 2020

من غابات The Smoke that Thunders

من غابات

  The Smoke that Thunders 



"مجرد أغيار"

يقطع حديثُ نفسي جريانَ الصلاة على النبي على سبحتي. أكررها.. "مجرد أغيار".. عرفت الكلمة من سيدي ابن عطاء الله السكندري دون تمام فهم. لكن يبدو أنها تخللتني ففهمتها إذ وردت بسريرتي. 


2

يناقشني بابا في مشهد ومآل المجال الاقتصادي العام:

- ترامب مش هيكمل. 

- كلها أغيار يا بابا. مايهمنيش دلوقت الكفة هتميل ناحية مين. 

- ليه بس؟ 

- الميزان معطوب. 

- خليكِ متفائلة 

- ده عين التفاؤل يا حبيبي. 

- ازاي؟ 

 - {وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ} وما خلا ذلك بقى قبض ريح. 

يمعن بابا فيّ نظرته. أعرفُ تلك النظرة. ولا أريد ما يتلوها. 


3

أرى "الأغيار" تزدادُ وتتشعب يومًا عن يوم. فيصير للشيء الواحد ألف ألف ألف من الأغيار. أظن لو كنت عايشة في قرية صغيرة نائية، لم أكن لأشهد هذا الكم من الأغيار. 

أحاججني: 

- اشمعنى يعني؟ 

- أظن الحضر أو المدينة بشكلها الايديولوجي امتدادا للمادية المتوحشة والاستهلاكية والحاجات التانية ذات الصلة اللي مش عارفاها دي..إلخ إلخ. المهم ليه اللبن صار له ألف ألف اسم وكمان مش لبن حليب يعني؟

- يبقى مش بس أغيار.. تقصدي تزييف كمان؟

- لا.. بغض النظر. المهم، ركزي أنتِ بس في شوف ما وراء الأغيار. واطلبي البصيرة واسلكي السبل إليها وكفاياكِ تسويف. 

- هو أنا مش ممكن أجمد نبرة اليقين اللي باتكلم بيها دي في الفريزر ولما أحتاجها أسيحها؟ 

- ممممم.. اهه بتتعلقي بالأسباب!!د 

- خلاص.. طيب يا ترى نسبة "جون ناش" تيجي كام في البشرية؟ 

- مش مهم. 

- لأ مهم.. عشان نجمع بعض ونعمل مملكة؟ 

- فين؟ 

- في الغابات خلف موسيوا تونايا. ونرجع لها اسمها الأصلي بلغة سكانها "شلالات الدخان الرعدي" the smoke that thunders بدل "فيكتوريا". بافكر أعيّن وزيرًا للتهذيب. 


تنفتح أمامي نافذة بوح بالقلق. رأيتها قبل. وتعلمتُ أن لا أكشف عن شوفي -إن سبق- من باب اللّطف والمرحمة. 

أستند برفق على النافذة التي أُذن لي بالنظر منها، ونفكك سويًا المشهد، بردّ القلق إلى أسبابه. 

- متهيألي يزيد كلما اشترطنا ضمان الوصول للنتائج.. صح؟  

- ضمان النتائج؟ 

- results\product-based approach

تتناثر ضحكات جذلة متفاجئة من صراحتي. فتصحبها ضحكتي الثالثة لتمتص بعض ذبذبات التوتر. 

- طيب نصلّي على النبي؟ 

- عليه الصلاة والسلام. 

- لما نسلك الطريق ونظل نحاول، ده في حد ذاته نتائج بس غير معلومة وintangible 

- لا لا لا ماتقوليش.. لازم نوصل لنتيجة سليمة ومبنية على برهان.

نعاود الضحك ونتفق على تمرين الاستماع. 

- أنت عارفة أنك بتعملي Empathic assertive بطريقة مدهشة؟ 

- لا.. ده ايه؟ 

- positive discipline technique 

-  يا حللولي..!! ولا أعرف. :))))

 

ينضم إلى الركب جنوبيٌ في الثلاثين، بسمرة وديعة وطلّة يافعة دون سنّه، ومهابة تفوق سنّه! لصوته ملمس مخملي ووقع لون أخضر ثري على أذني. جذبني من مسار تياري السرّي فالتقطتُ سبحة 100 بين أصابعه، وسمحتُ لنفسي أن أتبيّن تسبيحه. 

كان يصلّي على الحبيب في المرة مرتين؛ "اللهم صلّ على محمد عليه الصلاة والسلام" :)) يعرف الجنوبيُّ ما خرج لأجله، وربما قضاه وربما لا (نتيجة). بيد أنه لا يعرف أن هناك بنت من محافظة أخرى، عبَرَ سبيلَها، وتناهى إلى سمعها أذكاره، فصارت تصلّي على الحبيب بطريقته؛ في المرة مرتين، تُرقِق قلبها شوقًا ومحبة وتنهمر عليه تُنديه وترويه. 

6

أيَ أغيار تقود إلى مزيد من الأغيار والحيرة؟ 

وأي أغيار تخبئ أنوارًا هنا؟ أو هناك؟ 


التربية بالنتائج.. حتى لا نكون مثل صاحب الجنتين

  التربية بالنتائج..!!د  حتى لا نكون مثل صاحب الجنتين  (1) RBM الإدارة بالنتائج: ا ستراتيجية للإدارة تقوم على وضع أهداف محددة منذ البدء وتصم...