شــهود
1
دعوة اجتماعية.. مزيج من التطبيع السمج والمكر. يجد الضغط والابتزاز العاطفي باسم الأرحام والعجائز لديّ ثغرة.. (ثغرة) كلمة غير دقيقة.. هي حدود غير مرسومة، وبلا حراسة يقظة. أصعد مُكبلة وسيف الحياء مسلط.. أتجه صوب السور، وبصري لا يعلق بالسماء كعادته. أنظر للأرض البعيدة:
- هل سترتطم رأسي أولا أم جسدي؟ هل سأموت فور السقوط أم قبله بتوقف القلب؟؟
تهرول روحي من نفوذ الواردة: "وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ* وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ".
هل تستدعي سمات البشر الماكرة شياطيننا وشياطينهم؟ أم العكس؟
لا أريد أن أظلّ هنا. ولا أعرف سبيلَ الخروج بَعد.
2
أعدو في اتجاهات عدة.. سبعة؟ خمسة عشر؟ ثلاثون؟ أكثر؟ يغيبُ عني الشعور بالزمن والمسافات والمجهود.
كيف يبدو انسلال الوقت؟
لا أتجاوب مع مَنْ يفزعون مِنْ نثار الفضة في الشعر، لجمالها.
تنهض أشباح الأمس العميقة، تتضافر، وتقوم بحملة اعتقالات واسعة في ظهري وكتفي ورقبتي وذراعيّ. تشد وثاق الأوصال، فيشقّ عليّ النهوض ويأفل وهج همّتي إلا في واجباتهم. أستحضر عبارة انجليزية عند ملاحظة همس النفس المتواتر، وأنِّ الخلايا قبل كمال الانهيار/الارتقاء. ألقيها بدافع المحبة على مسامع آخرين:
Listen to your body
أما أنا.. فأنا التي تحجبني، وتدفعني، ثم تعقلني وتلجمني، التي تفوق أبعادي فأرى طولي ينكمش، وتشفّ عظامي، ولا أكون.
تلك.. التي لا تتبع دائما ما تلقي من حكمة. "لِم تقولون ما لا تفعلون"؟! "كبُرَ مقتًا". هاه.. أغطس في التفاسير وإصبع الاتهام الأبوي المرفوع بوجهي يعمل مع محرك البحث. فتقسم نفسي بعزة الله لإثبات صدق النيّة وخلوها من أي غرض لي! ما هو ده يا مغفلة! أقمتِ الحجّة على نفسك!! لم لا يشملك صوتُك الداعم إذن؟
سأتعلم كيف يشملني بإذن واحد أحد.
3
يتشعب بحثي عن راحلة.. ولا أجد. أتذكره صلى الله عليه وسلم: "إنما الناس كالإبل المائة، لا تكاد تجد فيها راحلة".. لو أنشأت مدرسة ومنهجًا، سأجعل هذا من دروس الحياة الأولى للأطفال. درس يقتصد دروبَ التيه والوجع. عرفته متأخرة العام الماضي. دونته في مجال إبصاري، وأمامي تدريب إنابة طويل:
5×5 \ 5×15 \ 100 ×1000
تنازعني قوة تشدّني صوب الأرض، وأخرى للعدو. أزحف شهورًا أربعة. ثم فجأة أعدو ذات صبح غاضب بلا عقال. تلمحني إحداهن:
- من أولها كده.. هـدّي يا رهوان.
أتمتم "لا تكاد تجد فيها راحلة".
أنقسم إلى فرس كميت مُـدّمى، وبركان لا يعرف كيف يثور دون أن يبتلع حِممَه، على يميني "نجوى"، ويساري "عائشة"، ومن السرّ تطلّ عينا "خديجة". تنازع خيالات وجودهن ضروس أربعون، وخطاطيف خوف وكلاليب تشتتني وترديني وتعميني. لا.. لا.. بل أريد أن أرى.
اللهمّ هو عليك هيّن يا ربي فهونها يا أرحم الراحمين.
أعدو.. وأكسرُ.. تكسر.. معدّل سرعتي.... سرعتها..
أيّنا فعلت؟ يا رهوان!
يبدو أنكِ كنتِ أنتِ ثــور الساقية أو الراحلة دون أن تدري أو تختاري!!
ما زال أمامي تمرين إنابة مُمتد.. وتعلم الشوف وفرز الأحمال.. والهوينى.
السبت 17 ذو الحجة 1443
