المشاركات

 التاسعةُ صباحاً     كلُّ شيءٍ في مكانِه:  رأسُكِ المقطوعُ الموسيقيّ  والآلاتُ تدخلُ من فمِك  وتخرجُ من عينيك القميصُ الرماديُّ فوقَ جسدِك  النمِرُ الورديُّ في لسانك  وسخريّتُكِ من الطيور  وأنتِ أيضاً  من الطيور  العاشرةُ سماءً  أسمحُ لأصابعك بكلّ خاتم و أسمحُ لعنقكِ بكلِّ قلادة  وأسمحُ لك بتقبيلِ الجبل  و الآن :  أعلنكما زوجاً و زوجة  قِفا على الزُجاج!  التاسعةُ صباحاً  وجدتُ بقعةً كبيرةً على سريري  بقعةً هائلةً من كرياتِ الدمِ الصفراء  التي يستخدمُها الجسمُ لمقاومةِ الفان جوخ و الكوابيس    العاشرةُ سماءً    كلُّ شيءٍ فيكِ في مكانِه  حتّى قلبي وكلُّ شيءٍ حولكِ في حالك  حتّى سيّاراتُ الإسعاف  كُلُّ شيء!
 في إحدي ليالي مايو  من العام ١٩٨١ قامَ طبيبٌ مجنونٌ إسمُه توماس هارفي بسرقةِ جسدِ بوب مارلي بعدَ دفنِه.  طارَ الطبيبُ إلى مختبرِه وباشرَ عملَه. قطعَ الجلدَ عرضيّاً على  شكلِ حرفِ الواي الإنجليزيّ ثم ابتدأ التشريح.  عبرَ الصدرَ والحنجرةَ ؛ شرّحَ جوهرةَ مارلي دون أن يعثرَ على شيء و أثناءَ تشريح العينين ، طارَ المشرطُ من يدِه وهو يصرُخ :  تبّاً !   تبّاً!  تبّاً !!    لقد خدعَنا ابنُ الهيثم ! 
 حدثتْ هذه القصّةُ في نيروبي. في يومِ الجمعة، السادسِ والعشرين من فبراير. كان العمُّ آناسا يقفُ متأهباً بسيارتِه خلف عشراتِ السياراتِ في إشارة مرورٍ على شارعِ توم موبيا حينما تحوّل لونُ إشارةِ المرور إلى الأخضر فتحركت السياراتُ و ظنّ آناسا لوهلةٍ أنّ سيارتَه تتدحرجُ إلى الخلفِ فضغطَ على الكوابحِ ، لكنّها ظلّت تتدحرج فضغطَ أكثر حتى تهشمت كوابح السيّارةِ في يومِ السبت ٢٧ فبراير و ظلّ يضغطُ على أرضيةِ السيارةِ تحتَ الكوابحِ حتى هشّمها في يومِ الأحد ٢٨ فبراير ثم ظلّ يضغط ويضغط ويضغط ؛ و في يومِ الإثنين التاسع والعشرين من فبراير ، توقّفت الأرض.
 لا أحدَ يعرفُ لماذا مازلنا نكتُب  لقد أصبحَ الأمرُ في غايةِ السوء  وعليه أن ينتهي عند هذا الحد !  المهرِّجُ ينامُ في سريرِ الرسول  و الدمُ الحقيقيُّ هو الدمُ خارجَ الأجساد  على حوافِّ الخيولِ وحوافرِ السيوف وماكيناتِ غسيلِ الكُلى لقد كانت الكتابةُ مرحلةً في مراهقةِ البشريِّ  مثلُها مثلُ صيدِ البلال بن رباح  و انتهتْ !
 قرّرَت امرأةٌ من الكونغو تُدعى يامادو، قرّرتْ أن تُرضِعَ شجرةً جافّةً وقعتْ في هُيامِها. أرضعتْ يامادو الشجرةَ لِشهرَين كامِلَين، شهرَين. وفي الشهرِ الثالثِ عادتْ الشجرةُ للحياة، لكنّ يامادو لمْ تتوقّف. في الشهرِ الثامنِ أزهرَتْ الشجرة. بعدَ سنوات؛ ولأنّ البشرَ يموتون، ماتتْ يامادو.  لكنّ أكّا -الشجرة- ظلّتْ منتصِبةً إلى أن توقّفتْ يوماً أمامَها ثلاثُ سيّارات، إثنتان يقودُهما جنرالان من الجَيش، والثالثة مستشارٌ بلجيكيّ.  أنزلَ الرجلان والبلجيكيّ ثلاثة أسرى أعدموا إثنين منهما سريعاً، ثمّ انتصبَ الثالثُ أمامَ أكّا، بقامةِ رُمْحٍ وعيني صقْر. توتّرتْ فرقةُ الإعدامِ قليلاً ؛ ثمّ حوّلتْ جسدَه إلى غُربالِ رُصاصٍ لتخترِقَ سبعةٌ وعشرون رصاصةً أثداءَ الشجرة/ثمارها السبع والعشرين، وليسيلَ الحليبُ الأسودُ منها ويغمُرَ الغابة. قالَ الرجلُ البلجيكيُّ وكانَ اسمُه غات :  حسناً يارفاق، لقد قتلنا لومومبا!
 لم أكن ربّاً لأسألني:  تريدُ حمامةً في اليد  أم نَمِراً على الشجرة ؟  و هل تكفيك ملعقتان  من سُمّ المحاولة أم تريدُ البحرَ كلّه؟  لم أكنْ ربّاً  لأعرفَ تحت أيّة نخلةٍ زمنيّةٍ ربطَ المكانُ حصانَه  و تعلّمَ الطيران فيّ لكنّ شيئاً غامضاً يختارُ لي  ما لا أُريدُ  لكي أُريدَ  فلا يُريد !
 - ما هذا الكتاب؟!  - كتاب - أعرف ، ما هو؟  - ماذا ؟  - الكتاب  - قلتُ لك كتاب  - حسناً عن ماذا يتحدث؟!  - الكتبُ لا تتحدّث ! ما هذه الأسئلة الغريبة؟!  - ما هو موضوعُ الكتاب؟  - إنها رواية  - ما هي قصتُها ؟! - ليست قصة ! إنها رواية !  - حسناً  - حسناً  - هل تتكون من أحداث؟!  - لا  - مم تتكون؟!  -من حدث  - وماهو هذا الحدث؟!  -ها؟ !  - ماهو الحدث؟  - إنه سطوٌ مسلّح على بنك  - وماذا أيضاً ؟!  - هذا كلّ شيء  - كم عدد صفحاتها ؟! - صفحات ماذا؟  - الرواية  -خمسة آلاف وتسعمائة وستة وسبعون صفحة  - وهل يدورُ هذا الحدث في خمسة آلاف وتسعمائة وستة وسبعون صفحة؟  -نعم  - نعم ماذا؟  - نعم يدور  -ما هي تفاصيل السطو المسلح؟  - قامَ رجلان بالسطو على بنك  - هذا كل شيء ؟!  -آآآ نعم ! لكنهما كانا يقلدان فيلماً  - ثم؟!  - ثم حدث أن أحد ضباط الشرطة كان قد شاهد الفيلم  - و استنتج ما الذي سيفعلان في الخطوة التالية  - بالضبط !! ...