" لا يعرف الإنسان كيف يعيش في هذا الوطن .. لا يعرف الإنسان كيف يموت ، في هذا الوطن "
نــزار قباني
نــزار قباني
عقلي مرهق جدا .. لا يتوقف عن التفكير في صحوي .. و في منامي يجلب لي كل مشاكل الحياة في أحلام مزعجة تزيد المشاكل مشاكل و الهموم هموما ..
أنا سئمت .. شعور القلق و عدم الإستقرار يلازمني كالقرين .. أحاول أن اطمئن نفسي بلا جدوى .. و كيف السبيل إلى الطمأنينة و أنا لا أجد على تراب هذا الوطن - حتى الآن - أي بشارة.
نحن شعب صعب المراس .. أحمق من يدعي أنه يفهم ما يجري الآن .. قد أكون قاسيا في كلامي و لكن ليس الفلول أو العسكر أو مبارك هم مشكلة هذا الوطن الآن لكن الأمر أكبر من هذا .. مشكلتنا تكمن فينا .. ليست في أننا لا نعرف كيف نتفق على قلب رجل واحد و لكن في أننا لا نعرف كيف نختلف .. لا نعرف كيف يقبل بعضنا بعضا على إختلافنا .. الديكتاتور يكمن داخل كل واحد فينا و أنا أولكم و أكثركم .. كل هذا يجعل الدنيا تبدوا ضيقة في نظري و لا اجد مفرا..
تجتاحني الرغبة الآن في الخروج الآمن من مصر .. قضيت عمري الفائت كله أتلقى فقط ما تمليه عليا مدارس مبارك و جامعاته و إعلامه و منابره و شيوخه .. و لا أريد أن أقضي عمري القادم في خلافات الرأي التي تبدوا بلا نهاية .. لا تكمن المشكلة في أن تكون ميسور الحال و لكن في أن تشعر براحة البال ..
أين راحة البال هذه .. آه على تلك الأيام حين كنت أجلس على الطبلية مع أبي أتناول الفطور الذي أعده بنفسه و نتسامر و لا يشغل بالي شيئا .. دار الزمان دورته فلا أنا في منزلنا و لا أبي كذلك .. أخذه الموت و أخذتني الدنيا إلى القاهرة لتقهر ما تبقى من السكينة التي ظننت يوما أنها لن تفارقني أبدا .
هل أخرج من مصر الآن ؟ لا أعود إليها إلا لقضاء أجازة سنوية .. هل أخرج لأبحث عن وطن جديد يحترم إنسانيتي و أشعر فيه بالأمن على نفسي و زوجتي .. ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟
إن فعلت سأفقد ما يجعلني أتحمل العيش هنا ، أمي و أخوتي هل سأقوى أن أراهم مرة واحدة كل عام .. هل سأستطيع الإنخراط في مجتمع جديد .. هل أستطيع ؟
أين المفر ؟
_________________________________________
- حديث الذات هذا بناءا على نصيحة قدمتها لي شيماء علي - قهوة بالفانيليا إقتبست الفكرة و العنوان دون إذن إعتمادا على العشم
