عام و أربعة أشهر على وفاة أبي و مازلت أشعر كأنه رحل يوم أمس ، قال لي أحدهم ليخفف عني يوم موتك أن كل شيء يخلق صغيرا ثم يكبر إلا الحزن يخلق كبيرا ثم يصغر حتى ينتهي ، و لكِنّ حزني عليك يا أبتي بدء كبيرا جدا و صار أكبر مع مرور الأيام حتى أنه يبدوا لي بلا نهاية ، و كيف ينتهي حزني عليك و أنت أنت لم أر مثلك !
منذ موتك يا أبي لم تكتمل لي فرحة و أنّى لها أن تكتمل دون مباركتك و وجودك بجوارنا ، في كل حدث مفرح أقول لو أن أبي معي لفرح كثيرا فيكرج دمعي ليغرق قلبي المكلوم.
أحيانا أشرد و أنا بين الناس أو ينقلب مزاجي دون سبب ، يسألني من حولي فأجيب أن لا شيء و هم لا يعرفون أني تذكرتك فرأيتك أمامي مبتسما ، أفتح ذراعَيّ لأعانقك فلا تصلا إليك ، أقول بالله عليكما يا مقلتي أسترا لوعتي و لا تدمعا.
أنا لا أشتكي يا أبي من شدة حزني عليك ، بل إن حزني الشديد المتزايد يطمئن قلبي دائما أنك كنت خير أب و قدوة لتستحق كل هذا الحزن و أضعافه ، و حزن أقل من ذلك إنما هو عين الجحود.
بالأمس و أنا في الحافلة - قاصدا بيتك الذي ربيتنا فيه - رأيتك أمامي ، أحسست بدمعة ساخنة تنزلق على وجهي ، خبأته في كفي و تركت مقلتي تجودان بالدمع و أمسكت نفسي كي لا يعلو نحيبي بين الناس ، رددت قول الخنساء و أن أحسه للمرة الأولى " أعيني جودا و لا تجمدا"
مصطفى - 4 اكتوبر 2012
