سكينة طفل ضائعة



" أو كان الصبي الصغير أنا ؟
أم ترى كان غيري ؟
أحدق
لكن تلك الملامح ذات العذوبة
لا تنتمي الآن لي
و العيون التي تترقرق بالطيبة
الآن لا تنتمي لي

أمــل دنــقل


نعم كنت طفلا .. لا يملئ عقلي شيئا .. إلا كما يفعل الأطفال،
كنت هانئا لا أبكي إلا كما يبكي الأطفال ..من اجل دمية .. أو غيرة من أخي الأكبر .. أو شجار على من يجلس على حجر أبي

كان قلبي لا يعرف إلا السكينة و لا تعريف للسكينة لدى قلبي حينها إلا أبي و أمي .. كان أبي مصدر السكينة لأمي ثم لنا و كانت أمي - و مازالت - منبع السكينة لنا جميعا تكفي بسمتها و دعوتها - أطال الله عمرها - أن تطمئن قلوبنا و لا تترك فيها شيئا يعكر صفونا ..

 كنت طفلا لا أعرف الخوف إلا من أصوات الحيوانات في آخر الليل أو من خيالات طفولية ينسجها عقلي الصغير ، و كان إستيقاظ أبي لصلاة الفجر و صوت المياه أثناء وضوءه نغم يملك قلبي .. كنت أتاكسل عن الصلاة و لكن أسمع أقدام أبي حين يذهب إلى المسجد و حين يعود و حين يفرك يديه ملتمسا بعض الدفء في أيام البرد ..


 كان صوته الرخيم و هو يقرأ القرآن حتى تشرق الشمس يخالط مسامعي و أنا نائم في الغرفة المجاورة . فلا أعرف الحقيقة من الحلم و لكني أعرف صوت ابي .. كما كنت أحفظ صوت أمي و هي توقظني نشيطة من أجل الذهاب إلى المدرسة ..

هذه سكينة الأطفال .. لله درّ هذه الأيام .. أيام العمر الأول .. كنت صغيرا و كان كل خميس كأنه عيد حين أنتظر عودة أخي الأكبر من المدينة الجامعية فنلتف حوله قبل أن يبدل ملابسه لنستمع إلى حديثه المبهج الذي لا نمله أبدا ..

كنت صغيرا .. عقل صغير لا يفقه شيئا في السياسة ، فقط يريد لتوشكى أن تكون خضراء و قلب صغير طيب يدعو لولي الأمر و لا يدري عن ظلمه شيئا ..
في ليالي الشتاء حيث يصيبني الأرق كنت أستمع لصوت أبي و امي يتسامران فتهدأ نفسي فانام هانئا مطمئنا .. آه على الايام ..

لم أعرف معنى السكينة و راحة البال التي كنت أنعم بها طفلا إلا حين صرت راشدا .. ربما في أيام الجامعه .. بينما لم أدرك منبعها الاصلي إلا يوم فقدت أبي - نوّر الله قبره - فليسامحني إخوتي إن تحركت مشاعرهم عند قراءة هذه الكلمات لكن صدقوني لا أجد متنفسا فيما يخص شوقي إليه إلا في الكتابة عنه.

الآن أجد السكينة في زوجتي و دعاء أمي و حب إخوتي  بينما نفتقد جميعا سكينة و حنان أبي.

مصطفى أبوزيد | أول ديسمبر 2011






لقد وقعنا في الفخ .. لماذا !!

لقد وقعنا في الفخ ..

اليوم 19 نوفمبر مرت تسعة أشهر كاملة على جمعة النصر (18 فبراير) التي و بعد إنتهاء فعالياتها إطمئن أعضاء المجلس العسكري  - المعين - و صافحوا بعضهم و تبادلوا التهنئة و وضعوا في كروشهم - المليئة فسادا - بطيخة صيفي أن الشعب قد إقتنع بنجاح ثورته و وضع ثقته في المجلس و كلل هذا بالهتاف الشهير الجيش و الشعب إيد واحدة.

لقد وقعنا في الفخ من البداية من يوم 11 فبراير .. لماذا ؟ من وجهة نظري بإختصار في النقاط التالية:

1- خطاب عمر سليمان و الإنسحاب من التحرير :

حين ظهر على الشاشة عمر سليمان - و الراجل اللي وراه - و ألقى بيان التنحي عمّت الفرحة جميع الوطنيين و عميت بصائرنا أيضا حين غفلنا عن النصف الثاني من البيان حين قال " و كلّف - أي المخلوع - المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد " و اليوم فقط سئلت نفسي لماذا قبلنا من شخص خلعتاه أن يقرر و يكلّف .. شخص مخلوع لا يجب أن يتخذ القرار الذي سيحدد مرحلة مصر الإنتقالية و هو الذي فشل في إدارة مصر لثلاثة عقود .. لماذا إنسحب الثوار من الميدان يومها و قبلنا أن تكون مصر في يد مجلس عينه مبارك فردا فردا و يرأسه وزير دفاع حافظ على مكانه لعشرين عام و فاسد كمبارك لا يعطي الثقة لشخص ليكون وزير دفاع لعشرين عاما إلا و كان فاسدا مثله .. لماذا رجع الناس إلى بيوتهم و عادوا في جمعة النصر - كان يجب أن يستمر الإعتصام و يرضخ المجلس لقرار الثوار بوجود مجلس رئاسي مدني يشارك العسكر في إتخاذ القرارات و لكن كان ما كان و وقعنا في الفخّ.

2- ماسبيرو :

أغرب من الخيال ما حدث بعد ذلك .. التلفزيون الرسمي الذي ضلّل نصف مصر و تحدى ببجاحة كل الفضائيات و أصرّ حتى آخر لحظات المخلوع متهما للثوار بالبلطجة إستمر حتى اليوم على عهده عبدا للسلطة و لم تفلح الثورة في تطهيره .. بل أكثر من ذلك فنفس مذيعي الأخبار في أيام الثوار ما زالوا يذيعونها حتى الآن و يكرروا نفس الإتهامات و الثورة تقف مكتوفة الايدي لا تستطيع تطهيرا و لا تدبيرا أمام جناح الدولة الباطش بعقول العوام من الناس و حدث و لا حرج من أول إستفتاء مارس المشبوه و مرورا بأحداث ماسبيروا و نهاية بأحداث اليوم عن إستمراره في عهره السياسي لصالح النظام و ما زالت الثورة مكتوفة الأيدي أمامه و وقعنا في الفخّ.

3- الداخلية .. بلطجية

الداخلية إتكسرت .. حالتهم صعبة .. نفسيتهم مدمرة .. هكذا إنبرى وزير الداخلية و بعض مهادني المجلس العسكري في وصف حال ذراع البلطجة الرسمي للنظام في مصر .. إنفلت الأمن و في أكثر من مناسبة على مرّ 9 أشهر مارست الداخلية البلطجة و التصعيد ضد الشعب و التجاوزات و التخلي عن مسئولياتهم و ترك البلطجية على الشعب .. و لم يفلح رئيس الوزراء الحاضر الغائب في كل المشاهد أن يتخذ قرارا رجوليا بتطهير جهاز بوليسي فاسد من وزيره لعساكره و في ظل حالة الإقتصاد الصعبة في البلاد تم تزويد الجهاز بأنواع جديدة من الغازات المسيلة للدموع أكثر فتكا من تلك التي كانت ايام الثورة و أدوات فضّ التظاهر و اليوم يبدوا أن الداخلية قد إستعادت عافيتها ليس على حفظ الأمن لكن قدرتها على البطش و التعدي ببجاحة وكأنهم يتلقوا أوامرهم من حبيب العادلي .. عادت الشرطة كما كانت و وقعنا في الفخ.

4- الإستفتاء و صراع الايدولوجيات

مصر التي إتحدت كلها ضد عبث مبارك و نجحوا في خلعه و إسقاط حكمه و - ليس نظامه - و بعد مرور شهر واحد على جمعة النصر - الوهمي - إستطاع المجلس العسكري و بخبث شديد أن يفجر الصراع الذي يعلم بوجوده بطرحه إستفتاء 19 مارس .. الصراع بين الأيدلوجيات في مصر كان سيحدث عاجلا أم آجلا و لكن المجلس عجّل به لأنه لا يطيق ان يتحد الشعب أكثر من ذلك لأن إتحادا كهذا و تلاحم كان سيطال - بلا شك - مجلسهم الموقر الفاسد و لكنه طرح الإستفتاء و بإستخدام الآلة الإعلامية الفاسدة و فلول النظام فجرّوا الصراع الفكري بين الإسلاميين و الليبراليين و اليمين و اليسار و الشرق و الغرب و وسط هذا الصراع إستفتى المجلس الشعب على 6 بنود مررّ من خلالها إعلان دستوري تجاوز الـ 60 مادة و أطلق شرارة النزاع الأيدلوجي الذي عانينا منه على مدار الأشهر الماضية و إستخدمته قوى الثورة المضادة في تفجير قضايا مثل أطفيح و إمبابة التي زادت الإنقسام إنقساما و وسط هذه الظروف إستطاع المجلس أن يحيد القوى الرئيسية و ضاعت أفكار نشطاء الثورة الاصليين بين إختلافات القوى السياسية و ضاعت معها همّت الشعب و أصيب العوام بالإحباط و وقعنا في الفخ.

5- التباطؤ و التواطؤ و صبر أيوب.

ثورة قامت ضد نظام بوليسي قمعي بلطجي .. تم تنحية الرئيس و خلعه .. تم القبض على أبناءه بتهم فساد مدعومة بالأدلة .. تم توجيه الإتهامات بقتل المتظاهرين إلى قيادات في الداخلية .. شيء عظيم جدا .. و لكن الأعظم منه هو التباطؤ المتعمد و الإحترافي جدا من قبل القضاء في تعطيل القضية و إهدار الوقت و تمييع الأمور حتى اصبح مبارك بظلمه بريء حتى تثبت إدانته و يدخل القاعه متبجحا نائما على سرير وثير منتفخه أوداجه و بيلعب في مناخيره .. حتى هذا المشهد إستكتروه علينا و أوقفوا بث المحاكمات ثم تم تأجيل القضية و الآن يبدوا أن القاضي سيتم تنحيته و نعود لنقطة الصفر في القضية و أمهات الشهداء لم تجف دموعهن و نحن مراراتنا ستنفجر من شهادة المشير طنطاوي .. ليس هذا فقط بل أن معظم المتهمين من الداخلية ما زالوا في أماكنهم بل و تمت ترقية بعضهم و هم رهن المحاكمة و يستعدوا للحصول على البراءات كل هذا و الشعب يتحلى بصبر أيوب غير مبرر بالمرة و تم فرض إرادة قانون باطل وضعه مبارك و مجلس باطل عينه مبارك على ثورة كاملة و وقعنا في الفخ.

6- فشل المجلس العسكري المتعمد و الممارسات القمعية:

تعمد المجلس العسكري الفشل في إدارة الأزمات الإقتصادية و الأمنية في البلاد حتى أن العوام تعلقوا بالمجلس كأنه المنقذ الوحيد - رغم فشله - و لعنوا الثورة و أيامها و لم يتوقف على ذلك بل و مارس قمع تجاوز أو كاد ما كان يفعله مبارك من سجن و اعتقالات و محاكمات للنشطاء ، المجلس و الحكومة العاجزة فشلوا في إدارة أزمات كثيرة تجدونها في هذا الموضوع مفصلة ( هنـــا ) و أزمات أخرى كثيرة على رأسها الملف الأمني الذي تتقاعس الداخلية في حله بل تزيد تأججه ثم الأدهى مدّ العمل بقانون الطوارئ و ضرب بإستفتاء مارس عرض الحائط و المماطلة في تسليم السلطة و الفشل متعمدا في منع الفلول من الترشح للإنتخابات و الطامة الكبرى المحاكمات العسكرية التي طالت القاصي و الداني و تلفيق التهم و قضية علاء عبدالفتاح الملفقة أبسط مثال ، و وقعنا في الفخ.

هناك أسباب أخرى و لكن الأفكار تهرب من راسي ، وقعنا في الفخ و لا مجال للخروج منه إلا بفرض إرادة الثورة فالمؤسسة العسكرية لا تعرف التفاوض و لا تقبله بطبيعتها العسكرية ، يجب تعيين حكومة ثورية بها رجال و ليس أذلاء تابعين ، يجب إجراء إنتخابات رئاسية في منتصف 2012 ،  يجب أن تصدر القرارات التي تحدد مستقبل مصر من الميدان يجب ألا يحدث إنقلاب ناعم على السلطة من قبل الجيش.

الثورة في الشارع .. و المجد للشهداء .. و لا نامت أعين الجبناء


مصطفى ابوزيد | 19 نوفمبر 2011

المجلس العسكري : تاريخ مختصر لعدم العدالة - ترجمة لتقرير الأهرام أونلاين

هذه ترجمة لتحقيق وائل إسكندر في الأهرام أونلاين بتاريخ 10 نوفمبر 2011 حول تجاوزات المجلس العسكري و القضايا الهامة التي لم تتحقق فيها العدالة حتى الآن.
يمكنكم الإطلاع على التحقيق الأصلي باللغة الإنجليزية عبر هذا الرابط

المجلس العسكري : تاريخ مختصر لعدم العدالة
وائل إسكندر - 10 نوفمبر 2011



تولى الجيش السلطة في مصر منذ تسعة أشهر و منذ ذلك الحين حدثت العديد من الجرائم المتعلقة بحقوق الإنسان ، الأهرام أونلاين تلقي الضوء على بعض الحالات التي لم تسفر فيها التحقيقات عن أي نتائج حتى الآن.

أعلن رئيس هيئة القضاء العسكري يوم الخميس 13 أكتوبر 2011 أن القوات المسلحة وحدها هي المعنية بالتحقيق فيما عرف بأحداث ماسبيرو - الإشتباكات التي حدثت يوم 9 أكتوبر و خلفت 28 قتيلا و 325 مصابا على الأقل عندما تظاهر الأقباط في مسيرة من شبرا إلى ماسبيرو للإعتراض على إحراق إحدى الكنائس في أسوان.

جاء هذا الإعلان بالرغم من تحذيرات جماعات حقوق الإنسان منه أنه يجب عدم التستر على قتل قوات من الجيش لمدنيين مسيحيين. حتى الآن التحقيقات لم تسفر عن أي نتائج حول المسئولية عن هذه الأحداث و لا يوجد سبب يدفعنا لتوقع غير ذلك فالجيش لم يجري أية تحقيقات جادة منذ توليه السلطة في 11 فبراير 2011 و معظم إدعاءاتهم تتعارض مع روايات شهود العيان و تسجيلات الفيديو الملتقطة للأحداث، وفقا للمحامي جمال عيد - مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان - فإن تحقيقات الجيش غير مقبولة فهي ليست مستقلة و تحيزها واضح جدا.

هناك أكثر من أثني عشر حادثة كبرى كان يجب التحقيق فيها بشكل سليم و لم يحدث هذا منذ تولي الجيش للسلطة ، إتهامات أخرى كثيرة تتعلق بسوء السلوك و التجاوزات من قبل الحكم العسكري تم تجاهلها أيضا.

1- عصام عطا

يوم 27 أكتوبر 2011 صاحب الـ 24 عاما عصام عطا تعرض للتعذيب حتى الموت على يد حرّاس السجن و بالرغم من أن عائلة عطا توجه الإتهام لضابط يدعى نور بالتورط في تعذيبه فإن الداخلية لم تقوم بأي تحقيقات في هذا الشأن و خلصوا بأن عطا قد توفي نتيجة إبتلاعه لفافة مخدر. البيان الصادر عن وزارة الداخلية و تقرير الطب الشرعي تذكرنا بالرواية الرسمية المتعلقة بخالد سعيد الذي قتل على مرأى و مسمع و ثبت أن تقارير الطب الشرعي و التشريح مزورة. القضية مازالت منظورة من قبل المدعي العام.

2- مذبحة ماسبيرو

حدثت مذبحة ماسبيرو يوم 9 أكتوبر 2011 حين خرجت جموع من الأقباط برفقة مسلميين مصريين للتظاهر و الإعتراض على حرق و تدمير أحد الكنائس بأسوان. بتتبع المظاهرة تم الحصول على مجموعه من الأدلة بين تسجيلات فيديو و شهادات شهود عيان تفيد تورط الجيش في قتل مدنيين.

بالرغم من هذه الدلالات ، أصر المجلس العسكري أن تنفرد النيابة العسكرية وحدها بالتحقيق في الأحداث ، التحقيقات التي إنتهت بتبرئة قوات الجيش من المسئولية و بدلا من إجراء تحقيق شامل تم إستدعاء بعض النشطاء الثوريين للمثول أمام النيابة العسكرية و تم إعتقال الناشط علاء عبدالفتاح و توجيه تهم خطيرة إليه لم يتم تقديم أي دلائل جدية لها أمام الرأي العام. اللواء محمد العصّار  قال أن قوات الجيش لم تكن مسلحة في ذلك اليوم بينما من التهم الموجهه لعلاء عبدالفتاح هي سرقة سلاح ميري من أحد أفراد الجيش ، بالإضافة لذلك و وفقا لبهاء صابر - ناشط آخر تم إستدعاءه و أفرج عنه بعد إستجوابه - فإن الجيش و ضع مينا دانيال على لائحة الإتهام و مينا دانيال هو أحد النشطاء الذين قتلوا يوم 9 أكتوبر و أفاد تقرير التشريح أن الوفاة حدثت نتيجة قذيفة دخلت من أعلى الصدر و خرجت من أسفل الظهر.

حتى الأعلان لم يتم الإعلان عن أسماء ضباط تم التحقيق معهم بالرغم من وجود أدلة واضحة بالفيديو و تقارير التشريح تفيد أن أكثر من 12 قتيلا ماتوا بعد دهس مدرعات الجيش لهم. لم يتم التحقيق في التحريض على العنف الذي تم من خلال الإعلام الرسمي و لم يتم التحقيق مع وزير الإعلام أسامه هيكل بالرغم من توجيه إتهامات إليه.

3- كنيسة الماريناب - أسوان

تدمير و حرق كنيسة مارجرجس بقرية الماريناب مركز إدفو محافظة أسوان في الـ 30 من سبتمبر أشعل موجة من الإحتجاجات الغاضبة ز بالرغم من التوصيات بإقالة محافظ أسوان و إتخاذ إجراءات صحيحة لم يحدث شيء حتى الآن و تسبب هذا التقاعس المتعمد في موجة الإحتجاجات التي سببت مذبحة ماسبيرو.

4- تعذيب رجلين من قبل رجال الجيش و الشرطة

في النصف الأخير من سبتمبر تم تداول تسجيل فيديو عبر الإنترنت يظهر افراد من الشرطة و الجيش يقوموا بتعذيب رجلين ، الجيش وعد بتحقيق سريع ، و كان سريعا بالفعل ، فخلص أن التسجيل كان مزورا و تم إطلاق سراح الضباط.

5- معركة العباسية

يوم 23 يوليو آلاف المتظاهرين حاولو التظاهر من ميدان التحرير إلى وزارة الدفاع للإحتجاج على عدم تلبية مطالب جمعة 8 يوليو ، الهجوم على المتظاهرين أدى لمقتل الناشط محمد محسن.

في 30يوليو نشرت جريدة أخبار اليوم الحكومية نتائج التحقيق الذي قام به المركز القومي لحقوق الإنسان حول الحادث ، و إستنادا عليه فإن معركة العباسية كانت مدبرة من قبل بلطجية و قدمت أدلة فيديو للنائب العام لتوثيق الهجمات.

اللواء حسن الرويني متهم بالتحريض على الأحداث بعد ظهوره مع المذيعه دينا عبدلرحمن على فضائية دريم و أدعى أن المتظاهرين مسلحين بقنابل المولوتف تم توجيه الإتهام له إلى المدعي العام و تمت إحالة القضية للنيابة العسكرية و لم يتخذ أي إجراء حتى الآن.

6- الإعتداء على عائلات الشهداء

يوم 28 يونيو إندلعت إشتباكات بين المتظاهرين و قوات الشرطة بعدما تعرض أهالي ضهداء ثورة 25 يناير للإعتداء عند مسرح البالون بالعجوزة. لجنة تقصي الحقائق ترى أن الإشتباكات ربما كانت متعمدة ، و حتى الآن لم يتم إتخاذ أي إجراء لتحقيق العدالة.

تم الحكم على محمد جاد المعروف بـ سامبو بالسجن خمس سنوات على الرغم من تأكيد النشطاء أنه لم يكن ينوي الإستيلاء على السلاح الناري الذي تم تصويره و هو يحمله و قام بإعادته إلى مسجد عمر مكرم يوم 29 يونيو ،و بالرغم من الإستخدام المفرط للقوة من قبل الشرطة لم يتم توجيه أي إتهامات للضباط.

7- إحتجاجات يوم النكبة

شهد يوم النكبة 15 مايو تظاهرات أمام السفارة الإسرائيلية بالقاهرة تضامنا مع الفلسطينيين، تم تفريق المتظاهرين بإستخدام الذخيرة الحية و القنابل المسيلة للدموع و الرصاص المطاطي مما خلف حوالي 350 مصابا و القبض على أكثر من 150 متظاهر. و لم يتضح حتى اليوم لماذا إستخدم الجيش القوة المفرطة لتفريق تظاهرة سلمية.

8- رامي فخري

بالرغم من الوعود بفتح تحقيق حول مقتل رامي فخري لم نسمع حتى الآن عن أي نتائج لهذا التحقيق. و كان رامي فخري - 27 عاما و مهندس كهرباء - وجد مقتولا على أيدي قوات الجيش أثناء توجهه إلى عمله يوم 13 مايو. " التحقيق سيظهر من كان متواجدا أثناء إطلاق النار" أخبر جمال عيد الناشط الحقوقي  الأهرام أونلاين و لكن حتى الآن لم تظهر أي نتائج.

9- الهجوم على كنيسة إمبابة

حمل يوم 7 مايو 2011 حادثة طائفية جديدة عندما هوجمت كنيسة إمبابة و تم إحراقها، قتل 12 شخص في الإشتباكات التي أعقبت الحدث بينما أصيب 186 شخص.

بالرغم من الفبض على 190 شخص فإن نتائج التحقيق لم تعرض على الرأي العام حتى الآن. عدد كبير من المقبوض عليهم تم الإفراج عنه و التحقيقات لم تحمل تهمة خطاب الكراهية (الخطاب الطائفي)، و عجز النيابة العسكرية من إظهار نتائج التحقيق يلقي ظلالا من الشك حول صحة الإتهامات الموجه للمحتجزين.

10- ضباط 8 أبريل

يوم 8 ابريل مجموعة من ضباط الجيش إنضموا للمتظاهرين في ميدان التحرير تضامنا مع أهداف الثوار. في الساعات الأولى ليوم 9 أبريل فرق الجيش المتظاهرين بالقوة. شهود عيان أكدوا إستخدام الذخيرة الحية بالإضافة إلى الهراوات و الغاز المسيل للدموع و الصواعق الكهربية. طالبت منظمة حقوق الإنسان المصرية بتحقيق فوري حول إستخدام العتف و إطلاق النار. وفقا لجمال عيد كان هناك وعد بفتح تحقيق و لكن لم تظهر أي نتائج حتى الآن و لا يوجد أي سبب لنعتقد أن تحقيقا قد حدث.

11- مباراة الزمالك ضد الإفريقي التونسي

يوم 2 أبريل 2011 أقتحمت آلاف من مشجعي الزمالك الغاضبين أرضية الملعب في مباراة الزمالك ضد نادي الإفريقي التونسي ، تعهد المجلس العسكري بإجراء تحقيق حول الأحداث و مازلنا ننتظر سماع نتائج لهذا التحقيق.

12- التعذيب و إختبارات العذرية

يوم 9 مارس تم فض إعتصام ميدان التحرير بالقوة و سط تقارير بإعتقالات كبيرة و تعذيب بجوار المتحف المصري، و حدثت أيضا إختبارات عذرية للفتيات المقبوض عليهن و تم توثيق هذا من قبل مركز النديم و منظمة العفو الدولية و الواشنطون بوست و الـ CNN.

الجيش أنكر في البداية أن تكون إختبارات العذرية قد حدثت ثم بعد ذلك وعد بفتح تحقيق في الأمر، وقد تم تجاهل دعوات عديدة لتقديم المسؤولين عنها الى العدالة على الرغم من العديد من روايات شهود العيان والأدلة.

13- كنيسة أطفيح

في أوائل مارس تم إحراق و تدمير كنيسة صول بمركز أطفيح التابع لحلوان نتيجة توترات طائفية. كانت هناك دعوات بإجراء تحقيق لتقديم مرتكبي الحادث للعدالة، بالرغم من ذلك و في مقابلة مع عمر أديب قال عضو المجلس العسكري اللواء حسن الرويني انه من غير المعقول أن يتم السؤال عن مرتكبي الحادث و نتائج تحقيق في الوقت الذي أعيد فيه بناء الكنيسة. و حتى الآن لم يتم إتهام أي شخص.

14- الفساد و التجاوزات و أشياء أخرى

لم تتحقق العدالة حتى الآن في قضايا مثل قتل المتظاهرين و موقعة الجمل و تفجير كنيسة الاسكندرية و العديد من الحالات الغامضة التي يختار المجلس العسكري إما تجاهل أو إهمال المطالبات الخاصة بها.

يعاني المدنيين الآن من المحاكمات العسكرية حيث أنهم أتهموا و أدينوا وصدرت بحقهم أحكام خلال أيام و أحيانا خلال ساعات قليلة بينما مرتكبو الجرائم المذكورة هنا لم توجه لهم أي إتهامات و هناك قضايا لم تصدر لها اتهامات بالرغم من بلاغات قدمت للنائب العام.

يقول جمال عيد الناشط الحقوقي متحدثا للأهرام أونلاين " النيابة العسكرية تستهدف النشطاء و الفقراء فقط كما لو كان فخا للثوار و النشطاء " ، " جميع التحقيقات و المحاكمات في إطار الجيش تهد غايات سياسية"

وائل إسكندر - 10 نوفمبر 2011 ، الأهرام أونلاين


ملاحظات:

  • تمت الترجمة لكل ما ورد في التحقيق دون تدخل من المترجم و دون عرض أي وجهة نظر خاصة.
  • تم صياغة بعض المعاني بما يخدم الوصول لترجمة مفيدة للقارئ.
  • نشر هذه الترجمة غرضه الوحيد هو عرض الحقائق أمام القارئ.
  • يمكنكم الإطلاع على التحقيق الأصلي باللغة الإنجليزية عبر هذا الرابط ( هنــا )

ترجمة : مصطفى أبوزيد | 13 نوفمبر 2011

خمسة رسائل - مضطربة - إلى أبي

 
" صورة 
 هل أنا كنت طفلاً
 أم أن الذي كان طفلاً سواي
 هذه الصورة العائلية
 كان أبي جالساً، وأنا واقفُ .. تتدلى يداي "
  أمل دنقل      
_______________________________________ 

( 1 )
أبي .. كانت علاقتنا خاصة جدا

لا أدري كيف أنتهت ؟ أنهاها الموت يا أبتي
و أنهاني
و ابعدك .. و أسكت صوت دعوتك
كرهت الموت من أجلك ، و ما جدوى الكره مع الموت؟
هل يجدي ؟ أتى الموت في موعده مجيبا تساؤلي اليائس

( 2 )
هل تذكر طفولتي ؟ ، انا اذكر
و أذكر كل قبلاتك .. دعواتك
أذكر وضوءك لصلاة الفجر
و قيلولتك اليومية ، و حديثك المسائي مع أمي
أتذكر؟
حين كنت ترفعني بين يديك ، فأكف بكائي
من يرفعني اليوم ؟ و أين يديك ترفعني
أيا أبتي أنا من بعدك الباكي .. بلا دمع
بل الذكرى هي الدمع
أتذكر؟
أنا أذكر

( 3 )

جاء العيد من بعدك لونه دمع
و حفيداتك يسألن عنك ، و لا أدري ماذا اقول
كانت تكبيرات العيد رثاء
أهذا العيد ؟ ، كان اجمل ما في العيد قبلتك
تجمعنا حولك أنت و أمي
أتذكر أمي ؟
مازالت تبكي من أجلك كل ليلة
بل كل ساعة تبكي 

( 4 )

هل تذكر اللقاء الاخير بيننا ؟
آه يا أبي .. كنت أعلم أنه اللقاء الأخير
و لم يمنحني الموت خمس ساعات لآراك مرة أخرى
كان قاسيا جدا
لا زلت أذكر ضمتك الأخيرة و حديثنا الأخير
الإبتسامة الهادئة ، كانت مليئة بالوداع
و كان قلبي مليء بالدموع
لا أدري لماذا لم ابك حين فجعت بموتك
حين نزلت إلى قبرك بنفسي ،
اظنه الآن روضة

 

 ( 5 ) 

أعلم انك تتذكر كل شيء يا أبي
و أعلم أنك بأفضل حال
و لكن الذكرى تطحنني
تذبحني التفاصيل الصغيرة
يطالبني الناس دائما بالصبر
صابر أنا من اول دقيقة ، و لكن ماذا عن الشوق
هم لا يعرفون شيئا عن الشوق إليك
آه من الموت
لم يهزمك شيء غيره
و لم يهزمني شيء إلا موتك


إبنك | 18 أكتوبر 2011


فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ | مناقشة للأستاذ بلال فضل


بسم الله الرحمن الرحيم

عبر تويتر وجدت الأستاذ بلال فضل يتحدث عن اول مره تم تكفيره فيها بعد أحد مقالاته و هو في سن الواحدة و العشرين ، فطنت حينها أنه كتب شيئا و تم تكفيره أيضا عن طريق بعض المندفعين ، ثم تابعت ما كتبه فاستوقفني ما استوقف الناس و دفعهم لإطلاق حكمهم عليه مندفعين ، و حزنت مثلما حزنوا ربما لأني أتبنى المشروع الإسلامي (المعتدل) و حزنت مثلما حزن الاستاذ بلال فضل على الأحكام السريعة المندفعه متهمينه بالكtر أو الخروج من الملة بلا شاهد.

أنا سأكتب اليوم مدافعا عن ثوابت الدين الذي تربيت عليه بإعتدال شديد و مدافعا عن الأستاذ بلال فضل بحماس شديد ضد الاحكام بالتكفير التي يرددها الأطفال و مناقشا له بإيجاز سريع لماذا نحن مختلفين معه فيما كتب و لماذا أنا متفق معه في الغايه مما كتب.

سأبدا بسرد التويتات التي اختلف عليها الناس و الرد عليها بإيجاز شديد دون أدنى رأي شخصي الا بشكل مختصر و دون سرد أحاديث شريفه نضيع النقاش في صحتها أو تفسيرها و إنما بالقرآن الكريم و بآيات واضحه كالشمس لم يختلف فيها مفسران.

يقول الأستاذ بلال فضل " من هو الأبله الذي يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكي يلعبوا دور الكومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة "

نحن لم نتصور يا استاذ بلال بل الله تعالى أقرّ ذلك في قوله " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران : 85] 
الآيه بنظري لا تحتاج إلى تفسير فـ لن هنا لا تفيد إلا النفي التام بأن الله لن يقبل أي دين بعد ظهور الإسلام و هذه آيه لابد أن يؤمن بها كل مسلم لأنه كمسلم يؤمن بالقرآن كله أما إعتراض غير المسلم عليها فهو طبيعي لشخص لا يؤمن بالقرآن أصلا و أنا اثق أنك مؤمن بالقرآن كله و من بينها الآية السابقة.

و الآيه السابقة تدل ان الله حرّم الجنة لمن إتبع دينا غير الإسلام بعد ظهوره و قول الله تعالى " إن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية " [البينة :8] يبين الله إن الكافرين سواء كانوا من أهل الكتاب أو المشركين الذين لا يؤمنون بالله أصلا و يشركون معه آلهة أخرى كلهم في النار بل هم شر البرية ، أما أنها تمثيلية و مليارات البشر فيها كومبارس مشهد النهاية فيها هو دخول المسلمون فقط غلى الجنة ، الله لم يخلق الدنيا لتكون تمثيلية فهذا التعبير غير لائق من وجهة نظري.


يقول الأستاذ بلال في تويتة أخرى "كيف تصدق أن الله عادل وأنت تؤمن أنه سيدخل إلى النار شخصا آمن به على طريقته ونفع الناس ولم يؤذ أحدا وعمل الصالحات كيف يكون هذا عدلا"   

الخطير في هذه الجملة هو كلمة آمن به على طريقته ، ما هذه الطريقة التي تحدد الإيمان بالله ، هل هي الاعمال الصالحه فقط ؟ لو أنها الأعمال الصالحه و على الطريقة التي يراها الإنسان فقط إذا بقليل من التفكير لماذا بعث الله الرسل رسول تلو الآخر و جعلهم في مواجهة المتاعب و الصعاب و العقول المتحجرة ، سيقول قائل ليس المقصود طرق يخترعها الإنسان من نفسه بل إنه يعبد الله على اليهودية أو المسيحية فهذه أديان سماوية و لكل دين منها نبي و ذكروا في القرآن الكريم ، هذه الحجة إن ساقها شخص غير مسلم فهذا فهمه و لا نعذره عليه بل هذا دينه الذي تربى عليه بغض النظر عن صحته ، إنما أن يخرج العذر من مسلم فهذا ما يدفعنا للإعتراض لأن لو هذه الطرق صحيحة كما أنزلها الله على موسى و عيسى إذا لماذا أرسل الله النبي محمد صلى الله عليه و سلم ؟ ، هذه النقطة جد خطيرة فالله لم يرسل عيسى عليه السلام إلا لما حرف اليهود التوراة على اهوائهم و أصبح الكتاب الذي أنزله محرف و كذلك لم يرسل الله النبي محمد إلا لما تم تحريف الإنجيل الذي نزل على عيسى عليه السلام ، بل زاد النصارى في تقديسهم لعيسى عليه السلام فجعلوه إبن الله بل هو الله و امه مريم عليها السلام أصبحت والدة الآلهة و هذا خلاف عقائدي لا يمكن أن يحدث به اي توافق فالله قد أقر في القرآن الذي يؤمن به المسلمون - و ألاستاذ بلال منهم - أنه تعالى أحد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد ، سامحوني ربما أطلقت العنان لرأيي الشخصي و هذا ما كنت أود تجنبه و لكن هذه النقطة لا تفهم إلا بالنقاش و العقل قبل الآيات. 
الشاهد أن الله وعدنا نحن المسلمون الذين آمنّا به وحده و لم نشرك به أحدا ثم أتبعنا هذا الإيمان بالأعمال الصالحة و اجتناب المنكرات وعدنا بالجنة خالصة يوم القيامة للمؤمنين فقط ، المؤمنون هؤلاء منهم عدد لا يعلم به الا الله كانوا قبل الإسلام منذ خلق آدم عليه السلام أما بعد ظهور الإسلام فلابد أن المؤمن بالله وحده لا شريك الله ان يكون على الإسلام و هذا ما نؤمن به نحن كمسلمين.

الأهم من ذلك أن في عقيدة النصارى أن الذين لا يؤمنون أن المسيح مخلصهم فهم خارج رحمة المسيح و لن يخلصهم و بالتالي سيخلدوا في النار و نحن لا نهاجمهم فهي عقيدتهم و عند الله تجتمع الخصوم و سيفصل الله بيننا لذلك عندما نتحدث نحن عمّا نؤمن به بأدلة من القرآن الذي نؤمن به فلا يصح أبدا أن نتهم بأننا بلهاء.

يقول الأاستاذ بلال " يجلس المتعصب على شاشة كمبيوتر اخترعه مسيحي وجمعه بوذي وصمم برامجه يهودي ونفذها هندوسي ليكتب أنه وحده سيدخل الجنة والباقون في النار
أفهم من هذه الجملة أن الأمر له دخل بالإنجازات الدنيوية و الأعمال الصالحة و الإختراعات التي أفادت البشرية ، جيد جدا لم يجلس المسلم على الكمبيوتر ليقول أنه هو - المسلم - الذي آخترعه بل تحدث في أمور الدين التي يؤمن بها ، أما الأعمال الصالحة لغير المسلمين فهي لا تساوي عند الله شيئا في الآخرة ، لان ثواب الآخرة متعلق بالإيمان قبل العمل الصالح 
يقول الله " وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا "[ النساء : 124]
" مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " [النحل: 97]
" وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا " [ الإسراء : 20]
 . "مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ " [غافر: 40]
كل هذه الآيات و آيات أخرى كثيرة ربطت الجزاء الطيب و الجنة في الآخرة بالعمل الصالح و الإيمان معا في الدنيا فالعمل الصالح بلا إيمان لا قيمة له في الآخرة بقول الله تعالى وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا" [الفرقان: 23]
أما الإيمان فقد تحدثنا عنه أنه بعد ظهور الإسلام هو الإسلام.

يقول الأستاذ بلال " لما إنت ضامن إنك هتخش الجنة بتتعصب ليه لما تلاقي حد عايز كل البشر يخشوها خليك في ضمانك وسيبنا في ضلالاتنا يا أخي إحنا بنراهن على رحمة ربنا"

أولا نحن لم نضمن أننا سندخل الجنة ، فالأمر كله بيد الله و لكننا نسعى أن نكون من أهلها بالعمل الصالح و إجتناب ما نهى الله عنه و أول شيء نتضرع به إلى لله من أجل الجنة هو إيماننا أنه الله وحده لا شريك له و أن محمد صلى الله عليه و سلم هو رسول الله و آخر الأنبياء و هذه عقيدة المسلمين ، و عندما نجد شخص يريد من كل الناس أن يدخلوها لا نتعصب بل نوضح و جهة نظرنا بالقرآن و السنة خاصة إن كان صاحب هذا الرأي مسلم ، أما رهانكم على رحمة الله فرحمة الله ليست مطلقة لتشمل الكافرين به في الآخرة و هذه نقطة لها من أدلتها ما يكفيها سأذكر آية واحدة لا تحتاج إلى تفسير أصلا ، يقول الله تعالى " وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [ الأعراف 156:157]
لا أعتقد أن الآية محتاجة لشرح لكن ما نستخلصه منها أن رحمة الله وسعت كل شيء لكنه سيكتبها للذين آمنوا بـ آياته ثم وضح الله في الآية التاليه من هم هؤلاء المؤمنين فقال الذين يتبعون النبي الأمي - محمد صلى الله عليه و سلم - و هذا يعضد الرأي السابق أن العمل الصالح مقترن بالإيمان و الإيمان بعد ظهور الإسلام هو الإيمان بالإسلام فقط.
لذلك عندما تقول أنكم مراهنينن على رحمة الله فنحن أيضا نراهن على رحمة الله بأنها ستشمل كل المسلمين و انه برحمته سيعفو عن المسلمين الذين سيدخلون النار فيدخلهم الجنه برحمته و هذا الأمر له أدلته ليس هذا مكانها.

هكذا اكون إنتهيت من ردي لكن تبقى عدة نقاط مهمة جدا لا يكتمل بدونها :

أولها أن هذا ليس هجوما على الاستاذ بلال بل هو نقاش بالأدلة فقط ليس به أي تعصب و لا إتهامات و اننا لا نناقشه في هذا إلا لأنه مسلم صحيح الإسلام إن شاء الله تعالى و يشق علينا أن قامة أدبية مثله لها تأثيرها الذي شملني و الدليل برنامجه عصير الكتب الذي علمني الكثير ، يشق علينا أن يخرج منه كلام مخالف للعقيدة بشكل واضح و يستطيع أصغر طالب علم أن يرد عليه بادلة لا تقبل الشك ، بل شخص مثلي لم أدرس العلم الشرعي و إنما تدارست بعض أجزاء القرآن على يد شيخ فاضل في المسجد و بمعرفة بأصول الدين و اساسياته أستطعت أن أكتب رد أتمنى أن يكون جانبني الصواب فيه.

ثانيا : هذا الرد لا أعلم إن كان سيتسع صدر الأستاذ بلال لقراءته و لكن أملي أن يقرأه حتى من قرأ كلام الأستاذ و اقتنعوا به لأن الأمر خطير جدا.

ثالثا: قلت في بداية كلامي انه أستوقفني ما استوقف الناس و أحزنني ما أحزن ألأستاذ بلال و متفق معه في الغاية التي كتب من أجلها ، فأحزنني ما أحزنه من الهجوم الشديد و الإتهامات بالكفر و الإستهزاء لمجرد راي أعتمد فيه الاستاذ على فهمه و نحن بشر كثيرا ما نخطئ و تناسى المتهمون له بالكفر التحذير الشديد من النبي صلى الله عليه و سلم من تكفير الناس بلا دليل و تحذير علمائنا الأجلاء المستأخرين منهم و المستقدمين من تكفير الناس بلا دليل و تنفيرهم من الدين و الدعوة بل مثل هذه التصرفات سبب رئيسي في نفور الناس من المشروع الإسلامي المعتدل و حجة قوية لهم ، بل أكثر من ذلك وجدت البعض يوجهون دعواتهم لله ضد الأستاذ بلال بأن يحشره مع أهل الكفر و الله الذي يأمرنا أن نسأل الهداية للكافرين فما بالنا بمسلم نحسبه على خير إن شاء الله.

أما الغاية التي كتب من أجلها الاستاذ بلال هذا الكلام فأنا متفق معه فيها لما نراه من حجر على معتقدات الناس و هذا الإحتقان الطائفي الذي بدا في الإنتشار فنحن كمسلمين أمرنا بأن يكون أهل الذمة في حمايتنا فليس هدم الكنائس و لا ترويع الناس من عقيدتنا و الأدلة لا تنتهي لذلك أهيب بمشايخنا أصحاب الكلمة و الرأي أن يشددوا على مستمعيهم بوجوب التصرف باللين مع الحفاظ على الثوابت و اللين كل اللين في وقت الإختلاف بالرأي و هذا مربط الفرس.

و الله لماأكتب هذا الكلام إلا حبا لدين الله و حبا للأستاذ بلال و الله شاهد.

مصطفى ابوزيد | 15 أكتوبر 2011

الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، التعليقات عبر حسابات الفيس بوك متاحة و يمكن لمستخدمي بلوجر التعليق بشكل عادي.


فضفضة

انا كتبت 3 مواضيع و مسحتهم لأني مش عارف أعبر عن اللي جوايا ، كلهم كانوا عن بابا و أد إيه واحشني و نفسي أشوفه و أتكلم معاه .

أنا مش هشرح أد ايه يا بابا انت وحشتني و نفسي اشوفك و اسمع نصايحك لأن الكلام مش هيوصف جزء من الحقيقة بس  إمبارح يا بابا كان نفسي اتصل بيك و أقلك انا عملت ايه في الشقة و للحظة كنت هطلع الموبايل و اتصل على رقمك بس فوقت و مسكت دموعي لاني كنت وسط الناس.

أنا مش عارف بكتب الكلام ده هنا  ليه ، بس حاسس اني لو مكتبتش كده و فضفضت هيحصلي حاجة ، أنا يا بابا بعمل كل حاجة هنا لوحدي ، كل الحاجات اللي بعملها هنا أنت كنت هتبقى واقف معايا كتف بكتف فيها و مكنتش هتخليني حتى أعمل حاجة ، كان نفسي تحضر جوازي بس مليش حظ فيك ، الله يرحمك و يصبرني و يصبر إخواتي.

مصطفى | 28/6/2011

رسالة إلى أبي


أبي العزيز رحمة الله عليك
في هذا الصباح استيقظت و لي مزاج سيء جدا ، كنت بحاجة فقط لسماع صوتك أو دعوة منك او ضمة إلى صدرك ، بعد رحيلك تتدافعني الايام ، قوي أنا يا أبي كما ربيتني ، لا أجزع و رابط الجأش ، و لكنه الحنين يا أبي ، آه من الحنين إليك.

لست من محترفي كتابة المراثي و لكن صدقني يا أبي أحيانا كثيرة أتذكر كل شيء منذ بداية المرض و الرحيل السريع كانه شريط سينما قصير ، أذكر حين تلقيت الخبر في الرابعه فجرا إسترجعت و حوقلت و لم تدمع عيني لأنه في موقف كهذا إن بكى الرجال فماذا ستفعل النساء ، كان لابد أن أتماسك كما الجبال حتى لا تنهارالنساء من حولنا.

أذكر الدموع التي لم أذرفها ، البكاء الصامت ، الدموع التي كانت تنزل في نومي ، آه على الفراق ، و الذكرى .. و الشوق إليك ، اللقاء الأخير بيننا ، هناك في المستشفى ، ودعتك و غادرت المستشفى و قلبي يخفق و لا زلت أذكر إحتضانك ليا و دعوتك ، أذكر مكالمتك الأخيرة عبر الهاتف التي كنت توصيني على ما يجب فعله في شقتي التي أجهزها  للزواج الذي ستغيب عنه ، كانت هذه المكالمة قبل رحيلك بيومين.

ليس هذا ما أذكره فقط ، و لكني أذكر كل لحظاتنا منذ وعيت أنك أبي ، كل ما ضحيت به من أجلي ، كل ما قدمته لي ، تذبحني التفاصيل الصغيرة على اوتار الذكريات ، أعلم أن ما أكتبه الان حين يقرأه أحد من إخوتي ربما تنزل دموعه ، و لكن يا أبي لم أعد أتحمل كل هذه المشاعر وحدي  و كان يجب عليا أن أكتب إليك هذا ربما تهدا نفسي ، ربما..

   مصطفى | 21 يونيو 2011
 

رسالة سرية - خاطرة


هذه الخاطرة كتبت منذ ما يقارب سنة كاملة و تنشر لأول مرة


رسالة سرية



صباح الخير ايتها السيدة الجميلة ..

أو مساء الخير ..

فالتحية مرسلة إليك على الدوام

إحتجبي عنهم .. لا تخبيرهم ما في الرسالة

همسات سرية لقلبك يا امرأة..

أن يقرؤها قبلك .. إستحالة

يا امرأة ترفض أن تغادر تفكيري .. إني أحبك قبل أن يبدأ التقويم أصلا

أنا لا يهمني تقويهم متى بدأ..

أنت تقويمي الأول قولا و فصلا ..

أنت الأيام و الليالي بتفاصيلها..

أنت دقات الساعة في غرفة الجلوس ..

على دقات قلبك تنتظم إحداثيات الزمن ..

في هذا الزمن ..

أيتها الحقيقة .. تاهوا زمانا في علوم الفلكـ

لم يعرفوا من أين يأتي ضوء النجوم و ضوء القمر..

و أنا الذي عرفت .. حفظت الأمر سرا بيني و بينك

لا تخبريهم أنك أنت مشكاة النور الذي يضيء قمر العاشقين..

و قمر الساهرين..

و كل النجوم على مرّ السنين..

لا تخبريهم أنك الشمس الدافئة على الشواطئ

و أن ترانيم صوتك قد جلبت الدفء لبرد تشرين

و أن بريق عينيك كان ملاذا لكل الحائرين..

و أنا أول الحائرين


مصطفى أبوزيد | 14 يونيو 2011

مواقف - 1

(1)

يوم 28 أبريل الماضي كنت على موعد لحضور الحفل الغنائي لفريق بساطة المقام بـ ساقية الصاوي بالزمالك ، أذهب دائما إلى الساقية عن طريق المترو حتى محطة جمال عبد الناصر و من ثم مواصلة اخرى لمدة 10 دقائق ، في ذلك اليوم دارت رأسي و اختلطت الإتجاهات عليّا بعد الخروج من بوابة محطة المترو ، قررت أن أسأل أحدهم عن أي الإتجاهات أسلك ، حدثتني نفسي  - الأمارة بالسوء -أن خير من يدلني هم الباعة أصحاب الفرشة على الرصيف لانهم حافظين المنطقة بناءا على إحتلالهم للرصيف منذ زمن ، و قد كان ، توجهت لأحدهم و كان يبيع ميداليات بخسة الثمن ، سألته بهدوء " من فضلك اركب إزاي لـ ساقية الصاوي " تسمر الرجل دليلا على عدم معرفة الإجابة ، هذا لم يزعجني و لكن فجعت حين إلتفت لصديقه بائع النظارات الشمسية قائلا " تعرف حد إسمه سيد الصاوي ؟ " ، إستدركت قائلا " لا يا حضرة ساقية الصاوي مش سيد " ، لم يعبأ بائع النظارات الشمسية بكلامي و تمتم " سيد الصاوي ، سيد الصاوي ، سيد الصاوي " ثم تساءل " طب انت هتجيب ايه منه ، هتشتري منه إيه حضرتك ؟ " كدت أن أصاب بإنهيار عصبي أو بهيسترية ضحك كفيلة بان يقتلني الرجلان ، أنهيت الموقف بإبتسامة عريضة جدا و لوّحت بيدي مودعا أضرب كفا بكف ،و ألعن نفسي التي حدثتني بسؤالهم ،و أسمع من بعيد صوت بائع الميداليات يسأل أحدهم " تعرف حد إسمه سيد الصاوي ؟! ".

(2)

في ديسمبر 2010 توجهت للقاهرة بصحبة صديقي مصطفى جابر لحضور مقابلة شخصية للعمل بإحدى شركات الغاز ، وصلنا لموقع الشركة بعد عناء منهكين جدا ، طلب منّا موظف الأمن الإنتظار في غرفة الأمن الصناعي ، و لدارسي هندسة مثلنا غرفة الأمن الصناعي يجب أن تكون مثالا للأمن الصناعي الذي يعمل أفراده على حفظ أمن المنشأة و العاملين وفقا لقوانين التشغيل و السلامة ، ما علينا ، دخلناا إلى الغرفة لتمتلئ أنوفنا برائحة الغاز ، المكان بالكامل ممتلئ بالغاز و يكفي أن تشعل عود ثقا واحد لتريّح و ترتاح.

المهم جاء دوري لدخول المقابلة ، دخلت مكتب آخر فوجد كهل عجوز يجلس خلف مكتب كلاسيكي و كأنه مكتب اللورد كرومر ، تحدث إليّ بصوت ضعيف واهن " إسمك إيه يا باشمهندس ؟ "  ، " أنت شعبة إيه . قوى ؟ " أجبته " لا يا افندم ميكاترونكس " ، شعر بغصة في حلقه و ردد معترفا " اه ميكا إلكترونكس " ، الدم غلى في راسي أول القصيدة عبط ، ينطق أسم شعبتي التي علمتني الأدب غلط ، قلت في نفسي " و حياة أمي مش هشتغل معاكم حتى لو إيه " ، المهم توقعت أسئلة نظرية عملية فنية شخصية و لكني فوجئت بالرجل يقول " هنديلك 600 جنيه لمدة 3 شهور و إن شديت حيلك (ممكن) يبقوا 700 " قلت في نفسي " و حياة أمك " و لأني أؤمن منذ أيام دراستي أن للمهندس قيمة لا يجب أن يتازل عنها حتى و إن كان حديث تخرج فكان قبولي لاي عمل براتب كهذا أمر مستحيل و لكن نكاية بالرجل قلت " يا الله ، هذا عرض مغري جدا ، إنها فرصة عظيمة و مسئولية كبيرة ، لذلك أمهلني فرصة للتفكير " و في سابقة هي الأولى من نوعها قلت " أديني رقمكم و بكرة هكلمك أقلك موافق و لا لأ " و بإستسلام و قد غلبه النعاس قال الرجل " طيب الرقم كذا كذا كلمنا بكره " ، خرجت أسب و ألعنن مصطفى جابر لأنه صاجب هذه المشورة السوداء لزيارة هذا المكان التعيس ، سألني أحد المنتظرين بالخارج " إيه يا باشمهندس ، إيه أخبا المرتبات ؟ " أجبته " 600 و ممكن 700 لو شدت حيلك " فقال " الله ! تمام ، ميه ميه ، هو حد لاقي " ، نظرت إليه من أعلى و اسفل و قلت في نفسي " جاتك نيلة ".

الدرس المستفاد هو ألا تذهب لطلب العمل من شركة غاز مصر الموجود بأبي روّاش ، طريق الأسكندرية.

و إلى اللقاء في مواقف جديدة
التعليقات عبر حسابات الفيس بوك متاحة و يمكن لمستخدمي البلوجر التعليق بشكل عادي.

مصطفى أبوزيد | 13 يونيو 2011

تسعينيات - مقدمة


في صيف عام ١٩٩٨ كنت قد أتممت لتوي دراستي الإبتدائية و إنتقلت للصف الأول الإعدادي ، في هذه الأيام من أواخر التسعينات كانت مصر تجاهد للخروج من دوامة الإرهاب التي عصفت بها منذ بداية العقد و كان آخرها عملية الأقصر عام ١٩٩٧ و التي على إثرها كلف حبيب العادلي بحقيبة الداخلية التي جثم بها على صدر مصر حتى يناير الماضي و كان السكان الأصليين لمصر ( اللي زيي و زيك يعني ) أعينهم عمياء و بصيرتهم أيضا عما يحدث في مصر و لم نكن نعارض النظام بل كانوا يعتقدوا أن ظروف البلد صعبة و لازم نصبر.

و لشخص مثلي ذاكرته تشبه أرشيف هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي يمكنني أن أتذكر بسهولة شديدة مصر إبان التسعينيات و لأكن صادقا منذ أيام زلزال ١٩٩٢ حتى نهاية العقد معتبرا نفسي شاهدا رئيسيا على التطور الغريب و السريع جدا الذي حدث في مصر بمجرد دخول الألفية الجديدة في كافة الإتجاهات بداية من تفكير المواطن البسيط من أن ظروف البلد صعبة إلى دعواته ليل نهار على النظام بالسقوط و حتى تحول مستمعي الراديو من أخبار خفيفة في التاسعة إلا ربع على موجات البرنامج العام إلى بدري من يومك على نجوم إف إم.

الذي لفت إنتباهي هو هذا التحول الضخم جدا الذي حدث في ثلاث أو أربع سنوات فقط بينما ظلت مصر كما هي من نهاية السبعينات حتى نهاية التسعينات لم يتطور فيها إلا بث التلفزيون الذي أصبح حتى ساعات الصباح الأولى و ظهور مدينة ٦ أكتوبر و العاشر من رمضان.

تسعينيات هي سلسلة التدوينات القصيرة التي سأرصد فيها ما أتذكره من تسعينات القرن الماضي التي عشتها بنفسي و أقارنها بم عايشته أيضا في عشر سنوات من القرن الحالي ، منتهجا الأسلوب الساخر الممزوج بالجدية في بعض الأحيان مع أحقية النقد و التعليق و الإضافة ممن عايشوا الفترة نفسها و ليس مواليد القرن الحالي ( ده يعتبر جر شكل ). 
سأنهي هذه المقدمة بالإعتراف إني حين كنت طفلا في التعسينات كنت أقف لتحية العلم كل صباح بقلب يحتلج بحب الوطن و في ذكرى أكتوبر كنا نسمع أغنية إخترناه إخترناه و قلبونا ترفرف بحب الرئيس المخلوع و نتحدث عن ضربته الجوية و دوره الرئيسي في نجاح حرب أكتوبر ، هذا فقط بالنسبة لإتجاهاتي السياسية في سن السابعه.

تسعينيات في التدوينات القادمة ستداعب ذاكرة من عايشوها و ستجذب أذهان من لم يعايشوها . لن تكون التدوينات مرتبة بالتتابع ، ستكون خلال شهر يونيو على باب الله.

و غدا تدوينة جديدة و يوم جديد من يونيو

ألقاكم على خير

مصطفى أبوزيد | 11 يونيو 2011

حتى لا ننسى ، الإجتياح

" بيروت تقتل كل يوم واحدا منّا
و تبحث كل يوم عن ضحية ..
و الموت في مفتاح شقتنا ..
و في أزهار شرفتنا ..
و في ورق الجرائد ..
و الحروف الأبجدية .. "

كتب نزار قباني هذه الابيات في رثاء زوجتة بلقيس واصفا حال بيروت إبان الحرب الأهلية التي كان توزع الموت كما توزع الجرائد كل صباح ، لم يكن فقط موت بلقيس أحد نتائج الحرب الأهلية ، إنما هذه الحرب كانت مقدمة و ذريعة للإجتياح الصهيوني لـ لبنان عام 1982 .

في صباح 5 يونيو عام 1982 تقدم ما يزيد عن 1100 دبابة ميركافا تابعة للجيش الصهيوني أول الحواجز التي نصبتها الأمم المتحدة بكل سهولة جنوب لبنان ، و كأن يوم 5يونيو هو يوم نكسة العرب الذي إختارته إسرائيل لتذيق العرب طعم الهزيمة ، و أنا أخترت اليوم 10 يونيو للحديث عن الإجتياح الذي بدا قبل 5 ايام عام 82 لأنه اليوم الذي أصبحت  فيه القوات الإسرائيلية على مشارف بيروت ، هذه الحرب المهينة التي وقف فيها العرب موقف المتفرج الأصم الاخرس الأعمى فدخلت إسرائيل هذه الحرب بقوات أكبر عددا من قواتها إبان حرب رمضان 1973.

كانت مصر مكبلة بمعاهدة السلام السخيفة التي و قعتها قبل أعوام قليلة و ظل كل العرب في موقف المتفرج بل و حتى المظاهرات لم تخرج في أي بلد عربي ، و المحزن أن المظاهرات خرجت منددة بالإجتياح داخل إسرائيل نفسها من جمعيات السلام الإسرائيلية ، خرجت المظاهرات بأعداد هائلة في الجزائر بعد أيام ليس نصرة لـ لبنان و إنما تنديدا للظلم الذي تعرض له منتخب الجزائر في مونديال كاس العالم 1982 و لم يكن حديث الشارع العربي إلا عن المؤامرة الألمانية لإخراج الجزائر من المونديال.

خرجت الجزائر منن المونديال و كذلك خرج مقاتلو منظمة التحرير الفلسطينية من لبنان إلى تونس و دول أخرى و كسرت شوكة المقاومة الفلسطينية في جنوب لبنان و تم تدمير بيروت الجميلة بالكامل  وتسويتها بالأرض بعد حصار و قصف بالمدفعية إستمر حتى سبتمبر 1982.

حتى لا ننسى الإجتياح الذي و قف فيه الجيش اللبناني على الحياد و لم يتدخل في الحرب حتى النهاية ، الإجتياح الذي خلف حوالي 30000 قتيل ، الإجتياح الذي كان الجيش السوري هو الجيش العربي الوحيد الذي يقاتل في لبنان ، حتى لا ننسى الجيش السوري الذي يقتل الآن شعبه بينما قبل 29 عاما كان يقاتل إسرائيل في لبنان.

حتى لا ننسى أن اول قمة عربية من أجل ما يحدث عقدت بشكل طارئ في فاس في شهر سبتمبر ، بعد ثلاثة اشهر من الإجتياح ، و بالطبع غابت عنها مصر و ليبيا بحماقتهما ، حتى لا ننسى أن نتائج هذه القمة كانت الإعتراف بدولة إسرائيل .

حتى لا ننسى أن رد إسرائيل على القمة العربية جاء بعد عشرة ايام ، كان الرد هو مذبحة صبرا و شاتيلا ، المذبحة التي ذبحتني حين قرأت تفاصيلها ، المذبحة التي قتل فيها حوالي 3000 مدني أعزل ، هذه المذبحة التي مرت مرور الكرام من تحت انف العالم ، المذبحة التي هي وصمة عار على جبين كل عربي حر.

أي ذل هذا الذي تحمله ذكرى الإجتياح ، ماذا كان سيحدث إن تدخلت مصر في هذه الحرب ، هل كانت ستؤول إلى ما آلت إليه، ألم يشعر الحكام العرب بعذاب الضمير يوم 16 سبتمبر عقب مذبحة صبرا و شاتيلا ؟ .

لو إستمريت في الكتابة عن الإجتياح لن أنتهي ، و سأذرف الدموع التي ذرفتها حين قرأت رواية الحب في المنفى للروائي الكبير بهاء طاهر، أدعوكم لقراءة الرواية التي كتب على ظهرها " و كأن الكاتب أراد أن يحفر في ذهن القارئ ما حدث حتى لا ينساه ابدا " و انا بالفعل لا أنسى ما قرأته أبدا.

غلاف مجلة التايم يوم 16 أغسطس 1982

لست أنا الشخص المؤهل ابدا للحديث عن الإجتياح و إنما إسمحوا لي أن أنبهكم لذكرى دائما ما ننساها ، من يريد الإطلاع على تفاصيل الأمر بالكامل يمكنه من خلال الرابط التالي من ويكيبيديا :
و من اليويتوب فيديو قصير يوضح عملية القصف و الإجتياح ( المشاهد ربما تكون غير ملائمة لأصحاب القلوب الضعيفة )
و يمكنكم الحصول على تفاصيل الإجتياح من اليوتيوب .

و غدا يوم آخر.

مصطفى أبوزيد | 10 يونيو 2011
  


من أرشيف آخر ساعة ، قبل 40 عام

وسط مقتنيات أبي رحمه الله وجدت عدة نسخ من مجلة آخر ساعة بين عامي 70 و 1971 ، لشخص مثلي هذا كنز صغير به شهادة موثقة عن مصر منذ أربعين عاما إبان أيام الهزيمة و بعيد رحيل عبد الناصر و الشهور الأولى لحكم السادات ، كيف كانت مصر و كيف تغير الزمن دعوني أمر سريعا على أحد الأعداد.

 الرجاء الضغط على الصور لمشاهدتها بحجمها الأصلي.

مجلة آخر ساعة - العدد 1882  - 18 نوفمبر 1970




في أيامنا هذه حين يتعلم الواحد منا قيادة السيارة حديثا ، ينصحه المقربون بإقتناء سيارة 128 ليكمل تعليمه عليها و تتحمل أخطاؤه الأولى ، لان على حد قولهم السيارة تتحمل الصدمات و هيكلها قوي و هكذا ، بينما يقف البعض في معسكر آخر ضد إقتناء السيارة مؤكدين أن السيارة ستتعطل حتما في احد الايام الحارة لأنها هتسخن و هتفتح " بؤها " ، و بعيدا عن هذا الجدل الواسع و قبل أربعين عاما كان في صدر مجلة آخر ساعة و على صفحتها الأولى إعلان كبير عن بدء تسليم الدفعة الأولى من السيارة " نصر 128 "  للحاجزين بالعملات الحرة و كان الحدث هاما جدا بلا شك ، و كتبت المجلة " مهرجان من نجوم الفن و التلفزيون إحتفالا بتسليم أول دفعة من سيارات نصر 128 للحاجزين بالعملات الحرة خلال يوليو و أغسطس و سبتمبر 1970 " ، و ترويجا للسيارة الحديثة وضعت المجلة صورة للفنانة  سميحة أيوب و عنونت " سميحة ايوب أمام عجلة قيادة سيارة نصر الجديدة قبيل بدء حفل التسليم " ، و صورة أخرى للفنان صلاح ذو الفقار و هو يسلم إحدى السيدات سيارتها ، كانت السيارة حينها نقلة كبيرة في صناعة السيارات على مستوى العالم من قبل شركة فيات ، كيف مرت السنين و كان ما كان ، لمعرفة المزيد عن السيارة فيات 128 أو نصر 128 و قصة الحجز عن طريق العملات الحرة  يمكنك زيارة الرابط التالي ( نــصر 128 )  



" بدات مرحلة المسئولية الكبرى "
هكذا عنونت المجلة في تحقيقها الواسع بالطبع عن المؤتمر القومي الخامس للإتحاد الإشتراكي  ، كانت ذكرى اربعين الراحل جمال عبدالناصر قد مرت للتو حين عقد المؤتمر القومي الخامس للإتحاد الإشتراكي ، يقول التحقيق أن هذا المؤتمر كان المرحلة الأخيرة في جسر الإنتقال بين مرحلة " مع عبدالناصر" إلى " من غير عبدالناصر " ، في أكتوبر و قبل اقل من شهر من إنعقاد المؤتمر كان الشعب قد أجمع على إختيار السادات خلفا لعبد الناصر في إستفتاء شعبي و بدا السادات من هذا المؤتمر مرحلة بدون عبدالناصر و التي كللها بعد 6 أشهر و بالتحديد في مايو 1971 بالقضاء على مراكز القوى فيما عنونت له  نفس المجلة بعنوان المؤامرة الكبرى ، بالطبع تم تغيير الوزارة بنهاية المؤتمر و التأكيد على دور الشباب في المرحلة القادمة ، و بعد قراءة التحقيق تعجبت أن تكرر نفس المشهد بعد عشر سنوات حين سقط السادات و اختار الشعب في استفتاء عام أسوء خلف له و هو مبارك و أكد في خطاب مشابه لخطاب السادات على أهمية دور الشباب في المرحلة القادمة ، ما أشبه الليلة بالبارحة.
السادات اثناء دخوله قاعة عبدالناصر بعد اختياره رئيسا للاتحاد الاشتراكي العربي


و من أخبار المجلة الخفيفة و ضع صورة أرشيفية للفنانة مريم فخر الدين تحت عنوان صورة عمرها 18 سنة ، الصورة للفنانة الشهيرة في مستهل حياتها الفنية مع زوجها محمود ذو الفقار و ابنتهما ايمان ، كتب في الخبر أن الطفلة إيمان لم تعد طفلة و إنما تدرس في الجامعه ، الآن عمر الصورة 58 عاما و ايمان التي كانت تدرس في الجامعه إن كانت على قيد الحياة فهي على المعاش منذ فترة ، أترككم مع الصورة.


و في خبر طريف جدا و عجيب كتبت المجلة  " بركة السيد قشطة ، تطهيرها لأول مرة منذ 25 عاما " ، قالت المجلة انه في خطوة جريئة قرر السيد حسن حافظ مدير حدائق الحيوان البدء في تطهير البرك النهرية التي يعيش فيها حيوان فرس النهر لأول مرة منذ 25 عاما و كانت نتيجة التطهير ما يقرب من 200 متر مكعب من الطمي المترسب. النضافة حلوة.


و من أخبار الرياضة ، تعجبت أن النادي الأهلي كان خارج الصورة تماما ، كأن الإسماعيلي متصدرا المشهد إستعدادا لكأس إفريقيا بينما فريق كرة السلة لنادي الزمالك كان يستعد لمواجهة نادي ريال مدريد الإسباني.



المجلة مليئة بالاخبار التي تترك الواحد مبهوتا حين يقارن بين كل ما كان يحدث قبل أربعين عاما و ما يحدث الان ، و لكن لنا لقاء آخر و لكن مع عدد ثري جدا و يحوي الكثير.

تم إضافة إمكانية التعليق عن طريق حسابات الفيس بوك الخاصة بكم كما يمكن التعليق بشكل عادي لمستخدمي بلوجر.

مصطفى أبوزيد | 9 يونيو 2011

إنسان .. لا ينسى

" و أنا الذي اخترع الرسائل
لست أدري كيف أبتدئ الرسالة "

مستعصية عليا الكتابة اليوم ، و اللغة ترفض أن تطاوعني ، و رأسي يمتنع عن الأفكار ، كل ما يطحن رأسي هو الذكريات التي تجول فيها ، يا فرج الله  ! ، الذكريات .. سأحدثكم  إذا عن البلاء الذي ابتليت به ، أو الميزة التي منحها ليا الله ، الذاكرة القوية ... جدا.


حين كنت طالبا في الثانوية العامة كنت فاشلا من الطبقة الأولى و لم أذاكر في السنتين إلا في الشهر الأخير فقط ، و بالرغم من ذلك حققت هدفي و دخلت الهندسة ، كان كل ما يشفع لي هو ذاكرتي القوية التي لا تنسى ما شرح في الدروس الخصوصية منذ بداية العام ، و كنت أفتخر بها دائما حتى بعد دخولي الجامعة كانت هي سلاحي الأول الذي منحني إياه الله لمواجهة انفلاتاتي التعليمية.

كنت لا أتوقف عن الفخر و حمد الله على هذه الذاكرة القوية حتى بدأت تتكشف عيوبها أمام عيني ، من البلاء الواقع أن تمتلك ذاكرة قوية عندما تدق على بابك الكروب و اللحظات و الأحداث السيئة في حياتك ، أنا هكذا لا أنسى أقل تفصيلة تحدث في أي موقف ، أتذكر الحدث بالصوت و الصورة كأنه فيلم تسجيلي يعرض أمامي ، أنا أتذكر أحداث مؤسفة حدثت قبل عشر سنوات و أخرى قبل 4 أعوام ، و الكثير غيرها.

أتذكر دموع إنهمرت أمامي و دموع ذرفتها و إغماءات و أحداث كم أتمنى أن أنساها أو أتذكرها بشكل ضبابي طفيف ، و لكن هذه الميزة كمن يدس السم في العسل ، فكما أنني لا أنسى أي تفصيلة في الأحداث السعيدة لا أنسى أيضا أقل تفصيلة في المواقف الحزينة ، مرّة حين كنت في الصف الأول الثانوي نسي أحد أصدقائي كتابه المدرسي و أراد الأستاذ أن يعاقبه فأستبقه صديقي قائلا " يا أستاذ .. علام تعاقبني ؟ سميّ الإنسان إنسان لأنه ينسى " فبهت الأستاذ و لم يعاقبه ، نعم سميّ الإنسان إنسان لأنه ينسى فما بالي مستودع ذكريات لا ينضب ، و بئر مذكرات لا يجفّ.

هل هذه شكوى؟ ، لا .. أنا لا أشتكي من هذه الميزة ، و لكنها ميزة قاتلة ، تمنحك كل شيء ، تَذًكٌر المفرح و المحزن ، الأشياء كما حدثت دون فرق تقريبا ، أنا لازلت و سأظل إن شاء الله أحمد الله على هذه النعمة ، ليست نقمة كما يمكن أن تتصوروا من كلامي السابق و لكنها نعمة تتحول أحيانا لأكبر بلاء يصيب الإنسان.

هذا البلاء هو أن تكون إنسانا لا ينسى.

مصطفى أبوزيد | 8 يونيو 2011 

القاهرة .. مرة أخرى



في التدوينة السابقة ( القاهرة .. البداية ) سردت مختصرا كيف كانت بداية علاقتي بالعاصمة التي تسحر الناس و كيف كان موقفي الأول منها و إنطباعي الذي ظننت انه لن يتغير ، و ذكرت كيف حملتني الأيام لأعود إلى القاهرة مجبرا بإختياري بعد تخرجي من أجل البحث عن عمل و قد كان أن وجدته و حزمت أمتعتي إستعدادا للإستقرار في عاصمة الضجيج و الصخب كما كنت أعتقد.

في منتصف مارس من العام 2010 كنت قد حصلت على الموافقة النهائية لقبولي للعمل في إحدى الشركات الإسبانية ، لم يكن امامي فرصة للتفكير في الرفض ، فالعمل في مكان عالمي كأول عمل بعد التخرج شيء لا يمكن رفضه في مصر و خاصة بعد إجرائي لمقابلات في أماكن تفتقر لمبادئ الإحترافية ، كانت المشكلة الوحيدة هي القاهرة و لكني حسمت أمري بالموافقة و تصافحت أنا و مديري البرتغالي متفقين أن أول أيام العمل سيكون يوم 6 ابريل 2010.

كنت اود أن أرسل خطاب إعتذار لحركة 6 إبريل - التي لا أعرف أحد من أعضائها -  أعتذر فيه اني لن أستطيع المشاركة في الإضراب السنوي و الذي كنت أمني نفسي أن أشارك فيه حين أحصل على عمل ،و لكن القدر رفض مشاركتي فليس من المنطقي أبدا أن تقوم بإضراب في يوم إستلام عملك و الطريف أن في 6 أبريل التالي كانت قد قامت الثورة فلم تكن هناك دعوات للإضراب أصلا.

ما علينا ، سافرت إلى القاهرة في اول أبريل يلفني الهم أرسم في مخيلتي صورة كاملة لزحام المواصلات الممزوج بحر الصيف و رخامة القاهريين بتوع بحري ، آه يا أيامي القادمة ، كان عملي ممتد من التاسعة صباحا حتى الخامسة مساءا ، كان لا يعكر صفو العمل في الأيام الأولى إلا رخامة المواصلات و لجنوبي مثلي كان الإنتظار في إشارة مرور لأكثر من 5 دقائق أمر يثير الحنق بشدة ، ففي أسيوط إشارات المرور لا تعيقك عن المرور إلا لستين ثانية ، ناهيك عن زحام المواصلات العامة و رائحة العرق التي تعمي عينيك و تطرح عليك السؤال المهم ، لأي مدى يقتنع هؤلاء الناس بجدوى مزيل العرق ، الأمر لا يكلف كثيرا لتصبحوا مثلي بلا رائحة عرق ، كنت أعود إلى المنزل أبحث عن سريري الوثير لأنام حتى الصباح إستعدادا لتكرار نفس اليوم من البداية.

مع مرور الوقت بدأت في التعود على رخامة المواصلات و كان الإنتظار لا يقتلني مثل أيامي الأولى ، و كنت أحيانا أتجاذب أطراف الحديث مع الركاب المملين و كان كل منهم يحمل ألف حكاية لا تجلب إلا الهم و الغم ، رغم كل هذا كنت أحس بشيء مختلف في القاهرة ، كنت أشعر ببعض الحرية ، الحرية الإجتماعية و ليست السياسية و الدينية أيامها لا سمح الله ، إجتماعية لأن كل واحد في حاله ، تفعل ما تفعل و لا تلاحقك أعين الناس و ألسنتهم و يمكن لأهل الصعيد أن يخبروك إلى أي مدى لازم تعمل حساب الناس في كل تصرفاتك.

كان مؤنسي الأول في الغربة و الوحدة هي القراءة  ،كانت بعض الروايات تتجاوز الـ 500 صفحة و أقراءها في 3 او 4 أيام ، و كنت أشعر بمتعه شديدة و سعادة حين أمر على المكتبات فأجد من الكتب ما لا كنت أحلم به في الصعيد ، كل الإتجاهات الأدبية و السياسية  و الشعرية ، كل شيء متاح ، و لشخص مثلي يحب الأدب و القراءة كانت هذه نعمة واجبة الشكر و كنت أؤدي شكرها بشراء الكتب تقريبا أسبوعيا.

في القاهرة يجب أن يكون لك أصدقاء ، لا يمكن أن تعيش وحيدا فيها ، و لكن حين يمنحك القدر نفس أصدقائك أيام الجامعه فهذا شيء مثير للسعادة جدا ، حين لا تكون مضطرا لعقد صداقات مكانية جديدة ، تسرد فيها كثيرا عن حياتك ، جميل أن تجد أصحابك القدامى على بعد شارع واحد.

بعد مرور بعض الوقت و بعد ظهور هذه المميزات في العاصمة ، تقفز إلى ذهنك صورة موطنك الأول و تبدأ المقارنة الطبيعية بين الأماكن. فـ لمن الغلبة ؟؟

لن أطيل عليكم فالشهر طويل و حملة التدوين اليومي ممتعه و غدا يوم آخر،،

ألقاكم على خير

مصطفى أبوزيد | 7 يونيو 2011