بسم الله الرحمن الرحيم
عبر تويتر وجدت الأستاذ بلال فضل يتحدث عن اول مره تم تكفيره فيها بعد أحد مقالاته و هو في سن الواحدة و العشرين ، فطنت حينها أنه كتب شيئا و تم تكفيره أيضا عن طريق بعض المندفعين ، ثم تابعت ما كتبه فاستوقفني ما استوقف الناس و دفعهم لإطلاق حكمهم عليه مندفعين ، و حزنت مثلما حزنوا ربما لأني أتبنى المشروع الإسلامي (المعتدل) و حزنت مثلما حزن الاستاذ بلال فضل على الأحكام السريعة المندفعه متهمينه بالكtر أو الخروج من الملة بلا شاهد.
أنا سأكتب اليوم مدافعا عن ثوابت الدين الذي تربيت عليه بإعتدال شديد و مدافعا عن الأستاذ بلال فضل بحماس شديد ضد الاحكام بالتكفير التي يرددها الأطفال و مناقشا له بإيجاز سريع لماذا نحن مختلفين معه فيما كتب و لماذا أنا متفق معه في الغايه مما كتب.
سأبدا بسرد التويتات التي اختلف عليها الناس و الرد عليها بإيجاز شديد دون أدنى رأي شخصي الا بشكل مختصر و دون سرد أحاديث شريفه نضيع النقاش في صحتها أو تفسيرها و إنما بالقرآن الكريم و بآيات واضحه كالشمس لم يختلف فيها مفسران.
يقول الأستاذ بلال فضل " من هو الأبله الذي يتصور أن الله خلق مليارات البشر لكي يلعبوا دور الكومبارس في تمثيلية مشهد النهاية فيها أن يدخل المسلمون فقط إلى الجنة "
نحن لم نتصور يا استاذ بلال بل الله تعالى أقرّ ذلك في قوله " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه و هو في الآخرة من الخاسرين" [آل عمران : 85]
الآيه بنظري لا تحتاج إلى تفسير فـ لن هنا لا تفيد إلا النفي التام بأن الله لن يقبل أي دين بعد ظهور الإسلام و هذه آيه لابد أن يؤمن بها كل مسلم لأنه كمسلم يؤمن بالقرآن كله أما إعتراض غير المسلم عليها فهو طبيعي لشخص لا يؤمن بالقرآن أصلا و أنا اثق أنك مؤمن بالقرآن كله و من بينها الآية السابقة.
و الآيه السابقة تدل ان الله حرّم الجنة لمن إتبع دينا غير الإسلام بعد ظهوره و قول الله تعالى " إن الذين كفروا من أهل الكتاب و المشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية " [البينة :8] يبين الله إن الكافرين سواء كانوا من أهل الكتاب أو المشركين الذين لا يؤمنون بالله أصلا و يشركون معه آلهة أخرى كلهم في النار بل هم شر البرية ، أما أنها تمثيلية و مليارات البشر فيها كومبارس مشهد النهاية فيها هو دخول المسلمون فقط غلى الجنة ، الله لم يخلق الدنيا لتكون تمثيلية فهذا التعبير غير لائق من وجهة نظري.
يقول الأستاذ بلال في تويتة أخرى "كيف تصدق أن الله عادل وأنت تؤمن أنه سيدخل إلى النار شخصا آمن به على طريقته ونفع الناس ولم يؤذ أحدا وعمل الصالحات كيف يكون هذا عدلا"
الخطير في هذه الجملة هو كلمة آمن به على طريقته ، ما هذه الطريقة التي تحدد الإيمان بالله ، هل هي الاعمال الصالحه فقط ؟ لو أنها الأعمال الصالحه و على الطريقة التي يراها الإنسان فقط إذا بقليل من التفكير لماذا بعث الله الرسل رسول تلو الآخر و جعلهم في مواجهة المتاعب و الصعاب و العقول المتحجرة ، سيقول قائل ليس المقصود طرق يخترعها الإنسان من نفسه بل إنه يعبد الله على اليهودية أو المسيحية فهذه أديان سماوية و لكل دين منها نبي و ذكروا في القرآن الكريم ، هذه الحجة إن ساقها شخص غير مسلم فهذا فهمه و لا نعذره عليه بل هذا دينه الذي تربى عليه بغض النظر عن صحته ، إنما أن يخرج العذر من مسلم فهذا ما يدفعنا للإعتراض لأن لو هذه الطرق صحيحة كما أنزلها الله على موسى و عيسى إذا لماذا أرسل الله النبي محمد صلى الله عليه و سلم ؟ ، هذه النقطة جد خطيرة فالله لم يرسل عيسى عليه السلام إلا لما حرف اليهود التوراة على اهوائهم و أصبح الكتاب الذي أنزله محرف و كذلك لم يرسل الله النبي محمد إلا لما تم تحريف الإنجيل الذي نزل على عيسى عليه السلام ، بل زاد النصارى في تقديسهم لعيسى عليه السلام فجعلوه إبن الله بل هو الله و امه مريم عليها السلام أصبحت والدة الآلهة و هذا خلاف عقائدي لا يمكن أن يحدث به اي توافق فالله قد أقر في القرآن الذي يؤمن به المسلمون - و ألاستاذ بلال منهم - أنه تعالى أحد لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا أحد ، سامحوني ربما أطلقت العنان لرأيي الشخصي و هذا ما كنت أود تجنبه و لكن هذه النقطة لا تفهم إلا بالنقاش و العقل قبل الآيات.
الشاهد أن الله وعدنا نحن المسلمون الذين آمنّا به وحده و لم نشرك به أحدا ثم أتبعنا هذا الإيمان بالأعمال الصالحة و اجتناب المنكرات وعدنا بالجنة خالصة يوم القيامة للمؤمنين فقط ، المؤمنون هؤلاء منهم عدد لا يعلم به الا الله كانوا قبل الإسلام منذ خلق آدم عليه السلام أما بعد ظهور الإسلام فلابد أن المؤمن بالله وحده لا شريك الله ان يكون على الإسلام و هذا ما نؤمن به نحن كمسلمين.
الأهم من ذلك أن في عقيدة النصارى أن الذين لا يؤمنون أن المسيح مخلصهم فهم خارج رحمة المسيح و لن يخلصهم و بالتالي سيخلدوا في النار و نحن لا نهاجمهم فهي عقيدتهم و عند الله تجتمع الخصوم و سيفصل الله بيننا لذلك عندما نتحدث نحن عمّا نؤمن به بأدلة من القرآن الذي نؤمن به فلا يصح أبدا أن نتهم بأننا بلهاء.
يقول الأاستاذ بلال " يجلس المتعصب على شاشة كمبيوتر اخترعه مسيحي وجمعه بوذي وصمم برامجه يهودي ونفذها هندوسي ليكتب أنه وحده سيدخل الجنة والباقون في النار"
أفهم من هذه الجملة أن الأمر له دخل بالإنجازات الدنيوية و الأعمال الصالحة و الإختراعات التي أفادت البشرية ، جيد جدا لم يجلس المسلم على الكمبيوتر ليقول أنه هو - المسلم - الذي آخترعه بل تحدث في أمور الدين التي يؤمن بها ، أما الأعمال الصالحة لغير المسلمين فهي لا تساوي عند الله شيئا في الآخرة ، لان ثواب الآخرة متعلق بالإيمان قبل العمل الصالح
يقول الله " وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا "[ النساء : 124]
" مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ " [النحل: 97]
" وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا " [ الإسراء : 20]
. "مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ " [غافر: 40]
كل هذه الآيات و آيات أخرى كثيرة ربطت الجزاء الطيب و الجنة في الآخرة بالعمل الصالح و الإيمان معا في الدنيا فالعمل الصالح بلا إيمان لا قيمة له في الآخرة بقول الله تعالى " وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا" [الفرقان: 23]
أما الإيمان فقد تحدثنا عنه أنه بعد ظهور الإسلام هو الإسلام.
يقول الأستاذ بلال " لما إنت ضامن إنك هتخش الجنة بتتعصب ليه لما تلاقي حد عايز كل البشر يخشوها خليك في ضمانك وسيبنا في ضلالاتنا يا أخي إحنا بنراهن على رحمة ربنا"
أولا نحن لم نضمن أننا سندخل الجنة ، فالأمر كله بيد الله و لكننا نسعى أن نكون من أهلها بالعمل الصالح و إجتناب ما نهى الله عنه و أول شيء نتضرع به إلى لله من أجل الجنة هو إيماننا أنه الله وحده لا شريك له و أن محمد صلى الله عليه و سلم هو رسول الله و آخر الأنبياء و هذه عقيدة المسلمين ، و عندما نجد شخص يريد من كل الناس أن يدخلوها لا نتعصب بل نوضح و جهة نظرنا بالقرآن و السنة خاصة إن كان صاحب هذا الرأي مسلم ، أما رهانكم على رحمة الله فرحمة الله ليست مطلقة لتشمل الكافرين به في الآخرة و هذه نقطة لها من أدلتها ما يكفيها سأذكر آية واحدة لا تحتاج إلى تفسير أصلا ، يقول الله تعالى " وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاء وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" [ الأعراف 156:157]
لا أعتقد أن الآية محتاجة لشرح لكن ما نستخلصه منها أن رحمة الله وسعت كل شيء لكنه سيكتبها للذين آمنوا بـ آياته ثم وضح الله في الآية التاليه من هم هؤلاء المؤمنين فقال الذين يتبعون النبي الأمي - محمد صلى الله عليه و سلم - و هذا يعضد الرأي السابق أن العمل الصالح مقترن بالإيمان و الإيمان بعد ظهور الإسلام هو الإيمان بالإسلام فقط.
لذلك عندما تقول أنكم مراهنينن على رحمة الله فنحن أيضا نراهن على رحمة الله بأنها ستشمل كل المسلمين و انه برحمته سيعفو عن المسلمين الذين سيدخلون النار فيدخلهم الجنه برحمته و هذا الأمر له أدلته ليس هذا مكانها.
هكذا اكون إنتهيت من ردي لكن تبقى عدة نقاط مهمة جدا لا يكتمل بدونها :
أولها أن هذا ليس هجوما على الاستاذ بلال بل هو نقاش بالأدلة فقط ليس به أي تعصب و لا إتهامات و اننا لا نناقشه في هذا إلا لأنه مسلم صحيح الإسلام إن شاء الله تعالى و يشق علينا أن قامة أدبية مثله لها تأثيرها الذي شملني و الدليل برنامجه عصير الكتب الذي علمني الكثير ، يشق علينا أن يخرج منه كلام مخالف للعقيدة بشكل واضح و يستطيع أصغر طالب علم أن يرد عليه بادلة لا تقبل الشك ، بل شخص مثلي لم أدرس العلم الشرعي و إنما تدارست بعض أجزاء القرآن على يد شيخ فاضل في المسجد و بمعرفة بأصول الدين و اساسياته أستطعت أن أكتب رد أتمنى أن يكون جانبني الصواب فيه.
ثانيا : هذا الرد لا أعلم إن كان سيتسع صدر الأستاذ بلال لقراءته و لكن أملي أن يقرأه حتى من قرأ كلام الأستاذ و اقتنعوا به لأن الأمر خطير جدا.
ثالثا: قلت في بداية كلامي انه أستوقفني ما استوقف الناس و أحزنني ما أحزن ألأستاذ بلال و متفق معه في الغاية التي كتب من أجلها ، فأحزنني ما أحزنه من الهجوم الشديد و الإتهامات بالكفر و الإستهزاء لمجرد راي أعتمد فيه الاستاذ على فهمه و نحن بشر كثيرا ما نخطئ و تناسى المتهمون له بالكفر التحذير الشديد من النبي صلى الله عليه و سلم من تكفير الناس بلا دليل و تحذير علمائنا الأجلاء المستأخرين منهم و المستقدمين من تكفير الناس بلا دليل و تنفيرهم من الدين و الدعوة بل مثل هذه التصرفات سبب رئيسي في نفور الناس من المشروع الإسلامي المعتدل و حجة قوية لهم ، بل أكثر من ذلك وجدت البعض يوجهون دعواتهم لله ضد الأستاذ بلال بأن يحشره مع أهل الكفر و الله الذي يأمرنا أن نسأل الهداية للكافرين فما بالنا بمسلم نحسبه على خير إن شاء الله.
أما الغاية التي كتب من أجلها الاستاذ بلال هذا الكلام فأنا متفق معه فيها لما نراه من حجر على معتقدات الناس و هذا الإحتقان الطائفي الذي بدا في الإنتشار فنحن كمسلمين أمرنا بأن يكون أهل الذمة في حمايتنا فليس هدم الكنائس و لا ترويع الناس من عقيدتنا و الأدلة لا تنتهي لذلك أهيب بمشايخنا أصحاب الكلمة و الرأي أن يشددوا على مستمعيهم بوجوب التصرف باللين مع الحفاظ على الثوابت و اللين كل اللين في وقت الإختلاف بالرأي و هذا مربط الفرس.
و الله لماأكتب هذا الكلام إلا حبا لدين الله و حبا للأستاذ بلال و الله شاهد.
مصطفى ابوزيد | 15 أكتوبر 2011
الإختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية ، التعليقات عبر حسابات الفيس بوك متاحة و يمكن لمستخدمي بلوجر التعليق بشكل عادي.