أعينيّ جودا ولا تجمُدا


عام و أربعة أشهر على وفاة أبي و مازلت أشعر كأنه رحل يوم أمس ، قال لي أحدهم ليخفف عني يوم موتك أن كل شيء يخلق صغيرا ثم يكبر إلا الحزن يخلق كبيرا ثم يصغر حتى ينتهي ، و لكِنّ حزني عليك يا أبتي بدء كبيرا جدا و صار  أكبر مع مرور الأيام حتى أنه يبدوا لي بلا نهاية ، و كيف ينتهي حزني عليك و أنت أنت لم أر مثلك !


منذ موتك يا أبي لم تكتمل لي فرحة و أنّى لها أن تكتمل دون مباركتك و وجودك بجوارنا ، في كل حدث مفرح أقول لو أن أبي معي لفرح كثيرا فيكرج دمعي ليغرق قلبي المكلوم.

أحيانا أشرد و أنا بين الناس أو ينقلب مزاجي دون سبب ، يسألني من حولي فأجيب أن لا شيء و هم لا يعرفون أني تذكرتك فرأيتك أمامي مبتسما ، أفتح ذراعَيّ لأعانقك فلا تصلا إليك ، أقول بالله عليكما يا مقلتي أسترا لوعتي و لا تدمعا.

أنا لا أشتكي يا أبي من شدة حزني عليك ، بل إن حزني الشديد المتزايد يطمئن قلبي دائما أنك كنت خير أب و قدوة لتستحق كل هذا الحزن و أضعافه ، و حزن أقل من ذلك إنما هو عين الجحود.
بالأمس و أنا في الحافلة - قاصدا بيتك الذي ربيتنا فيه - رأيتك أمامي ، أحسست بدمعة ساخنة تنزلق على وجهي ، خبأته في كفي و تركت مقلتي تجودان بالدمع و أمسكت نفسي كي لا يعلو نحيبي بين الناس ، رددت قول الخنساء و أن أحسه للمرة الأولى " أعيني جودا و لا تجمدا"
 
 
مصطفى - 4 اكتوبر 2012

حديث ذات .. 2


" لا يعرف الإنسان كيف يعيش في هذا الوطن .. لا يعرف الإنسان كيف يموت ، في هذا الوطن "
 نــزار قباني


عقلي مرهق جدا .. لا يتوقف عن التفكير في صحوي .. و في منامي يجلب لي كل مشاكل الحياة في أحلام مزعجة تزيد المشاكل مشاكل و الهموم هموما ..

أنا سئمت .. شعور القلق و عدم الإستقرار يلازمني كالقرين .. أحاول أن اطمئن نفسي بلا جدوى .. و كيف السبيل إلى الطمأنينة و أنا لا أجد على تراب هذا الوطن - حتى الآن - أي بشارة.

نحن شعب صعب المراس .. أحمق من يدعي أنه يفهم ما يجري الآن .. قد أكون قاسيا في كلامي و لكن ليس الفلول أو العسكر أو مبارك هم مشكلة هذا الوطن الآن لكن الأمر أكبر من هذا .. مشكلتنا تكمن فينا .. ليست في أننا لا نعرف كيف نتفق على قلب رجل واحد و لكن في أننا لا نعرف كيف نختلف .. لا نعرف كيف يقبل بعضنا بعضا على إختلافنا .. الديكتاتور يكمن داخل كل واحد فينا و أنا أولكم و أكثركم .. كل هذا يجعل الدنيا تبدوا ضيقة في نظري و لا اجد مفرا..

تجتاحني الرغبة الآن في الخروج الآمن من مصر .. قضيت عمري الفائت كله أتلقى فقط ما تمليه عليا مدارس مبارك و جامعاته و إعلامه و منابره و شيوخه .. و لا أريد أن أقضي عمري القادم في خلافات الرأي التي تبدوا بلا نهاية .. لا تكمن المشكلة في أن تكون ميسور الحال و لكن في أن تشعر براحة البال ..

أين راحة البال هذه .. آه على تلك الأيام حين كنت أجلس على الطبلية مع أبي أتناول الفطور الذي أعده بنفسه و نتسامر و لا يشغل بالي شيئا .. دار الزمان دورته فلا أنا في منزلنا و لا أبي كذلك .. أخذه الموت و أخذتني الدنيا إلى القاهرة لتقهر ما تبقى من السكينة التي ظننت يوما أنها لن تفارقني أبدا .

هل أخرج من مصر الآن ؟ لا أعود إليها إلا لقضاء أجازة سنوية .. هل أخرج لأبحث عن وطن جديد يحترم إنسانيتي و أشعر فيه بالأمن على نفسي و زوجتي .. ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها؟

إن فعلت سأفقد ما يجعلني أتحمل العيش هنا ، أمي و أخوتي هل سأقوى أن أراهم مرة واحدة كل عام .. هل سأستطيع الإنخراط في مجتمع جديد .. هل أستطيع ؟

أين المفر ؟
 _________________________________________


حديث ذات .. 1



منذ ان مات ابي أشعر و ان جزء من حياتي توقف و كأن قلبي صار ينبض نبضات مزيفة تبقي أجهزتي الحيوية تعمل بكفاءة و لكنه دفن هناك مع أبي ، حين دخلت معه المقبره سجيته على جنبه الأيمن و تركته و خرجت أنتظر أن تحين ساعتي لأرقد بجواره.
.
أمنية .. زوجتي ، أمنيتي التي تحققت .. بالرغم أن قلبي ينزف منذ موت أبي إلا أنها سبب رئيسي -مع أمي- يجعلني متمسكا بالحياة ، أحبها جدا حتى أنني دائما أتمنى لو أني تزوجتها قبل موت أبي حتى أغمرها بحب متكامل فبرغم كل الحب الذي أقدمه لها و تعلقي الشديد بها إلا أنني أشعر بالتقصير في ابداء حبي و إخلاصي ، لا أستطيع النوم الحقيقي إلا و رأسها على صدري ، حين مات أبي كانت هي خطيبتي و وجدتها بجواري كما يجب أن يكون ، بصدق هي سبب رئيسي في الخروج من الأزمة ، كنت أتمنى أن تجرب حنان أبي و مودته و قلبه الرقيق و لكنه مات قبل زواجنا.
.
أشعر بإرهاق شديد من هذه الحياة ، لا أستطيع أن ألتقط أنفاسي ، ضغط العمل و مشاكله لا ينتهيان أبدا ، ضغوط الحياة ، قلقي الدائم على زوجتي في طريق ذهابها و عودتها من العمل في وضع أمني سيء ، شوقي الذي لا ينقطع لرؤية أمي و إخوتي في أسيوط ، أختي -أمي الثانية- في السعودية و أخي الأكبر في عمان يفصل بيننا البحر و تأشيرات الدخول و الخروج. هذه الحياة قاسية جدا  تجبرك على الإنخراط فيها ، إما أن تتورط بالكامل فيها حتى يومك الأخير أو أن تخرج من الملعب مبكرا جدا.
.
أحارب في هذه الحياة ، إخترت الحرب و أكره الخسارة و لا أعرف ما هي المكاسب بالضبط ، في المسجد حين كنت صغيرا كان الشيخ يعلمنا أن المكسب الحقيقي من الدنيا هو ضمان الآخرة ، الآن في خطبة الجمعة يتحدث الشيخ عن إنتخابات الرئاسة و لا يحدثني عن أهمية الصلاة التي أقصر فيها ، يتحدث عن الليبرالية و لا يذكر لي خيبتي لأني لا أقرأ القرآن يوميا ، يتحدثون الآن على المنابر في السياسية فقط  فأخرج من صلاة الجمعة مصدع الرأس أبحث عن فيلم أشاهده أو كتاب أطالعه لأنسى حديثه المزعج ، في السابق كنت أخرج من المسجد و أنا ألوم نفسي و أعاتبها على التقصير في صلاة الجماعه و عدم قراءة القرآن يوميا ، ما هو المكسب و الخسارة الآن ؟ مقعد في الجنة أما مقعد في البرلمان؟ حدثوني عن الحسابات بالله عليكم.

تداهمني الكوابيس منذ عدة أسابيع .. أستيقظ فجاه فزعا .. اجد نفسي في الواقع بعيدا عن الخطر ، أقبل رأس زوجتي و أتحدث معها و هي نائمة كالملائكة ، أحب الحديث معها و هي نائمة .. ثم تغلبني عيناي فأرى كوابيس جديدة ، في هذه الصباحات أستيقظ معكر المزاج ، لا يدخل في جوفي إلا القهوة و لا تهرب الصور المفزعة من رأسي ، كلها تنتهي بالموت ، هل الموت موجود في كل الكوابيس ؟ أم أنه منذ أن أخذ أبي صرت أكرهه فيزورني في منامي دائما ، هل الموت سيء لهذه الدرجة ؟ أم اننا لا نستحق غيره ؟ ،هو سيء جدا .. أخذ مني أبي قبل أن يلعب مع أبنائي كما كنت أتمنى .. كان حلم لم يكتمل ، فقط الكوابيس هي المكتملة.

يا رب تعامل معي بكرمك ، أرني الطريق ، لا أريد معجزة ، أريد فقط صراط مستقيم ،بصيرة في قلبي .. نوم هادئ .. صلاة خاشعة .. فقط خذ بيدي .. أنا دائما المقصر و أنت سبيلي الوحيد.


مصطفى أبوزيد - 17 مارس 2012


سكينة طفل ضائعة



" أو كان الصبي الصغير أنا ؟
أم ترى كان غيري ؟
أحدق
لكن تلك الملامح ذات العذوبة
لا تنتمي الآن لي
و العيون التي تترقرق بالطيبة
الآن لا تنتمي لي

أمــل دنــقل


نعم كنت طفلا .. لا يملئ عقلي شيئا .. إلا كما يفعل الأطفال،
كنت هانئا لا أبكي إلا كما يبكي الأطفال ..من اجل دمية .. أو غيرة من أخي الأكبر .. أو شجار على من يجلس على حجر أبي

كان قلبي لا يعرف إلا السكينة و لا تعريف للسكينة لدى قلبي حينها إلا أبي و أمي .. كان أبي مصدر السكينة لأمي ثم لنا و كانت أمي - و مازالت - منبع السكينة لنا جميعا تكفي بسمتها و دعوتها - أطال الله عمرها - أن تطمئن قلوبنا و لا تترك فيها شيئا يعكر صفونا ..

 كنت طفلا لا أعرف الخوف إلا من أصوات الحيوانات في آخر الليل أو من خيالات طفولية ينسجها عقلي الصغير ، و كان إستيقاظ أبي لصلاة الفجر و صوت المياه أثناء وضوءه نغم يملك قلبي .. كنت أتاكسل عن الصلاة و لكن أسمع أقدام أبي حين يذهب إلى المسجد و حين يعود و حين يفرك يديه ملتمسا بعض الدفء في أيام البرد ..


 كان صوته الرخيم و هو يقرأ القرآن حتى تشرق الشمس يخالط مسامعي و أنا نائم في الغرفة المجاورة . فلا أعرف الحقيقة من الحلم و لكني أعرف صوت ابي .. كما كنت أحفظ صوت أمي و هي توقظني نشيطة من أجل الذهاب إلى المدرسة ..

هذه سكينة الأطفال .. لله درّ هذه الأيام .. أيام العمر الأول .. كنت صغيرا و كان كل خميس كأنه عيد حين أنتظر عودة أخي الأكبر من المدينة الجامعية فنلتف حوله قبل أن يبدل ملابسه لنستمع إلى حديثه المبهج الذي لا نمله أبدا ..

كنت صغيرا .. عقل صغير لا يفقه شيئا في السياسة ، فقط يريد لتوشكى أن تكون خضراء و قلب صغير طيب يدعو لولي الأمر و لا يدري عن ظلمه شيئا ..
في ليالي الشتاء حيث يصيبني الأرق كنت أستمع لصوت أبي و امي يتسامران فتهدأ نفسي فانام هانئا مطمئنا .. آه على الايام ..

لم أعرف معنى السكينة و راحة البال التي كنت أنعم بها طفلا إلا حين صرت راشدا .. ربما في أيام الجامعه .. بينما لم أدرك منبعها الاصلي إلا يوم فقدت أبي - نوّر الله قبره - فليسامحني إخوتي إن تحركت مشاعرهم عند قراءة هذه الكلمات لكن صدقوني لا أجد متنفسا فيما يخص شوقي إليه إلا في الكتابة عنه.

الآن أجد السكينة في زوجتي و دعاء أمي و حب إخوتي  بينما نفتقد جميعا سكينة و حنان أبي.

مصطفى أبوزيد | أول ديسمبر 2011






لقد وقعنا في الفخ .. لماذا !!

لقد وقعنا في الفخ ..

اليوم 19 نوفمبر مرت تسعة أشهر كاملة على جمعة النصر (18 فبراير) التي و بعد إنتهاء فعالياتها إطمئن أعضاء المجلس العسكري  - المعين - و صافحوا بعضهم و تبادلوا التهنئة و وضعوا في كروشهم - المليئة فسادا - بطيخة صيفي أن الشعب قد إقتنع بنجاح ثورته و وضع ثقته في المجلس و كلل هذا بالهتاف الشهير الجيش و الشعب إيد واحدة.

لقد وقعنا في الفخ من البداية من يوم 11 فبراير .. لماذا ؟ من وجهة نظري بإختصار في النقاط التالية:

1- خطاب عمر سليمان و الإنسحاب من التحرير :

حين ظهر على الشاشة عمر سليمان - و الراجل اللي وراه - و ألقى بيان التنحي عمّت الفرحة جميع الوطنيين و عميت بصائرنا أيضا حين غفلنا عن النصف الثاني من البيان حين قال " و كلّف - أي المخلوع - المجلس الأعلى للقوات المسلحة بإدارة شئون البلاد " و اليوم فقط سئلت نفسي لماذا قبلنا من شخص خلعتاه أن يقرر و يكلّف .. شخص مخلوع لا يجب أن يتخذ القرار الذي سيحدد مرحلة مصر الإنتقالية و هو الذي فشل في إدارة مصر لثلاثة عقود .. لماذا إنسحب الثوار من الميدان يومها و قبلنا أن تكون مصر في يد مجلس عينه مبارك فردا فردا و يرأسه وزير دفاع حافظ على مكانه لعشرين عام و فاسد كمبارك لا يعطي الثقة لشخص ليكون وزير دفاع لعشرين عاما إلا و كان فاسدا مثله .. لماذا رجع الناس إلى بيوتهم و عادوا في جمعة النصر - كان يجب أن يستمر الإعتصام و يرضخ المجلس لقرار الثوار بوجود مجلس رئاسي مدني يشارك العسكر في إتخاذ القرارات و لكن كان ما كان و وقعنا في الفخّ.

2- ماسبيرو :

أغرب من الخيال ما حدث بعد ذلك .. التلفزيون الرسمي الذي ضلّل نصف مصر و تحدى ببجاحة كل الفضائيات و أصرّ حتى آخر لحظات المخلوع متهما للثوار بالبلطجة إستمر حتى اليوم على عهده عبدا للسلطة و لم تفلح الثورة في تطهيره .. بل أكثر من ذلك فنفس مذيعي الأخبار في أيام الثوار ما زالوا يذيعونها حتى الآن و يكرروا نفس الإتهامات و الثورة تقف مكتوفة الايدي لا تستطيع تطهيرا و لا تدبيرا أمام جناح الدولة الباطش بعقول العوام من الناس و حدث و لا حرج من أول إستفتاء مارس المشبوه و مرورا بأحداث ماسبيروا و نهاية بأحداث اليوم عن إستمراره في عهره السياسي لصالح النظام و ما زالت الثورة مكتوفة الأيدي أمامه و وقعنا في الفخّ.

3- الداخلية .. بلطجية

الداخلية إتكسرت .. حالتهم صعبة .. نفسيتهم مدمرة .. هكذا إنبرى وزير الداخلية و بعض مهادني المجلس العسكري في وصف حال ذراع البلطجة الرسمي للنظام في مصر .. إنفلت الأمن و في أكثر من مناسبة على مرّ 9 أشهر مارست الداخلية البلطجة و التصعيد ضد الشعب و التجاوزات و التخلي عن مسئولياتهم و ترك البلطجية على الشعب .. و لم يفلح رئيس الوزراء الحاضر الغائب في كل المشاهد أن يتخذ قرارا رجوليا بتطهير جهاز بوليسي فاسد من وزيره لعساكره و في ظل حالة الإقتصاد الصعبة في البلاد تم تزويد الجهاز بأنواع جديدة من الغازات المسيلة للدموع أكثر فتكا من تلك التي كانت ايام الثورة و أدوات فضّ التظاهر و اليوم يبدوا أن الداخلية قد إستعادت عافيتها ليس على حفظ الأمن لكن قدرتها على البطش و التعدي ببجاحة وكأنهم يتلقوا أوامرهم من حبيب العادلي .. عادت الشرطة كما كانت و وقعنا في الفخ.

4- الإستفتاء و صراع الايدولوجيات

مصر التي إتحدت كلها ضد عبث مبارك و نجحوا في خلعه و إسقاط حكمه و - ليس نظامه - و بعد مرور شهر واحد على جمعة النصر - الوهمي - إستطاع المجلس العسكري و بخبث شديد أن يفجر الصراع الذي يعلم بوجوده بطرحه إستفتاء 19 مارس .. الصراع بين الأيدلوجيات في مصر كان سيحدث عاجلا أم آجلا و لكن المجلس عجّل به لأنه لا يطيق ان يتحد الشعب أكثر من ذلك لأن إتحادا كهذا و تلاحم كان سيطال - بلا شك - مجلسهم الموقر الفاسد و لكنه طرح الإستفتاء و بإستخدام الآلة الإعلامية الفاسدة و فلول النظام فجرّوا الصراع الفكري بين الإسلاميين و الليبراليين و اليمين و اليسار و الشرق و الغرب و وسط هذا الصراع إستفتى المجلس الشعب على 6 بنود مررّ من خلالها إعلان دستوري تجاوز الـ 60 مادة و أطلق شرارة النزاع الأيدلوجي الذي عانينا منه على مدار الأشهر الماضية و إستخدمته قوى الثورة المضادة في تفجير قضايا مثل أطفيح و إمبابة التي زادت الإنقسام إنقساما و وسط هذه الظروف إستطاع المجلس أن يحيد القوى الرئيسية و ضاعت أفكار نشطاء الثورة الاصليين بين إختلافات القوى السياسية و ضاعت معها همّت الشعب و أصيب العوام بالإحباط و وقعنا في الفخ.

5- التباطؤ و التواطؤ و صبر أيوب.

ثورة قامت ضد نظام بوليسي قمعي بلطجي .. تم تنحية الرئيس و خلعه .. تم القبض على أبناءه بتهم فساد مدعومة بالأدلة .. تم توجيه الإتهامات بقتل المتظاهرين إلى قيادات في الداخلية .. شيء عظيم جدا .. و لكن الأعظم منه هو التباطؤ المتعمد و الإحترافي جدا من قبل القضاء في تعطيل القضية و إهدار الوقت و تمييع الأمور حتى اصبح مبارك بظلمه بريء حتى تثبت إدانته و يدخل القاعه متبجحا نائما على سرير وثير منتفخه أوداجه و بيلعب في مناخيره .. حتى هذا المشهد إستكتروه علينا و أوقفوا بث المحاكمات ثم تم تأجيل القضية و الآن يبدوا أن القاضي سيتم تنحيته و نعود لنقطة الصفر في القضية و أمهات الشهداء لم تجف دموعهن و نحن مراراتنا ستنفجر من شهادة المشير طنطاوي .. ليس هذا فقط بل أن معظم المتهمين من الداخلية ما زالوا في أماكنهم بل و تمت ترقية بعضهم و هم رهن المحاكمة و يستعدوا للحصول على البراءات كل هذا و الشعب يتحلى بصبر أيوب غير مبرر بالمرة و تم فرض إرادة قانون باطل وضعه مبارك و مجلس باطل عينه مبارك على ثورة كاملة و وقعنا في الفخ.

6- فشل المجلس العسكري المتعمد و الممارسات القمعية:

تعمد المجلس العسكري الفشل في إدارة الأزمات الإقتصادية و الأمنية في البلاد حتى أن العوام تعلقوا بالمجلس كأنه المنقذ الوحيد - رغم فشله - و لعنوا الثورة و أيامها و لم يتوقف على ذلك بل و مارس قمع تجاوز أو كاد ما كان يفعله مبارك من سجن و اعتقالات و محاكمات للنشطاء ، المجلس و الحكومة العاجزة فشلوا في إدارة أزمات كثيرة تجدونها في هذا الموضوع مفصلة ( هنـــا ) و أزمات أخرى كثيرة على رأسها الملف الأمني الذي تتقاعس الداخلية في حله بل تزيد تأججه ثم الأدهى مدّ العمل بقانون الطوارئ و ضرب بإستفتاء مارس عرض الحائط و المماطلة في تسليم السلطة و الفشل متعمدا في منع الفلول من الترشح للإنتخابات و الطامة الكبرى المحاكمات العسكرية التي طالت القاصي و الداني و تلفيق التهم و قضية علاء عبدالفتاح الملفقة أبسط مثال ، و وقعنا في الفخ.

هناك أسباب أخرى و لكن الأفكار تهرب من راسي ، وقعنا في الفخ و لا مجال للخروج منه إلا بفرض إرادة الثورة فالمؤسسة العسكرية لا تعرف التفاوض و لا تقبله بطبيعتها العسكرية ، يجب تعيين حكومة ثورية بها رجال و ليس أذلاء تابعين ، يجب إجراء إنتخابات رئاسية في منتصف 2012 ،  يجب أن تصدر القرارات التي تحدد مستقبل مصر من الميدان يجب ألا يحدث إنقلاب ناعم على السلطة من قبل الجيش.

الثورة في الشارع .. و المجد للشهداء .. و لا نامت أعين الجبناء


مصطفى ابوزيد | 19 نوفمبر 2011