الصورة دي
, بالبصّة ومسكة النظارة والحاجبين المرفوعين .. ظلّت تمثل لي عقلية قائمة
بذاتها.. عقلية الحرس اللي قاعدين على البوابات مهمتهم الوحيدة أن يحولوا بينك
وبين أي شيء يخلي حياتك أسهل أو أكرم أو أكثر آدمية .. مهمتهم جعل حياتك جحيم
مستعر .. بيدفنوك في حفرة عميقة من اليأس و كراهية الذات ..صورة بتختزل معاني كتير
من العند والصلف والتحجر
عقلية
(لن تمرّ) .. كان غيرك أشطر
أنظر
لوجوهكم المتعصبة فأمتعض , وأتمنى فقط أن أراكم تتألمون .. وتتطوحون من فوق
كراسيكم هلعا بحثا عن نجاة مستحيلة.. وتتبدد ابتسامة الثقة الكريهة من على سحنكم
الغبية عندما تنقلب الموازين , فهي – لعمري - تتبدل ,لكنكم لاترون أبعد من
عشب الحقل القريب
أنتم
تريدون النظام IN ORDER WE TRUST ..فجحيمكم هو مالاتتوقعون , والنظام هو جنتكم ,جنة الحمقى
الشامخين كجبل, جبل من التفاهة قام ركامه على البلادة والنطاعة وتحلل الضمير
أنتم
متصلبون , ككتلة دهن متحجرة في شرايين عجوز تكاسل فيها الدم وركد , وأرسل نذيرا
متكررا بالجلطة الموعودة لكنكم لاتعبئون
أنتم
فظّون مقززون , لكن قناع التحضر هو الشيء الوحيد الذي يحول بيننا وبين أن نتقيأ في
وجوهكم قرفا
لسان
حالكم ,لن تمرّ من هنا (احنا مش نايمين على وداننا)..فأنتم حماة الحمى
وصمامات الأمان
يسترخون
في كراسيهم وينظرون لك من فوق النظارة بتعال ويخبروك بالمادة 52 من قانون رقم 211
في شئون الحائرين للعام 1700 ق.م.. ثم يرسلون لك نظرات التحدي عبر المكتب المزين
بلافتة المنصب المهم ... لن تمرّ , لن تمرّ
يغلقون
ملفك ويدفنون أوراقك في غياهب الأرشيف .. ويتثائبون قائلين (اللي بعده) .. لينتصب
فرّاش المكتب وينتفش ساحبا إياك من حيز النفوذ ,فلقد نلت فرصتك وسلّطت عليك الأضواء , And U Got Your
15 Min . Pal
!!
لن تمرّ
.. لن تمرّ
يصمّون
آذانهم عنك , فالسمع ضعف وابتلاء .. كما أنك منفذ سيطرتهم الوحيد .. ومتنفسهم من
الهزائم والأحقاد التي غصّت بها مكاتب ولاة الأمور , ..هؤلاء المفعمون بروائح
التبغ , المزينون بالنظارات السوداء المهيبة وزجاج السيارات (الفاميه)
والألف حارس وحارس يتقاطرون حول مواكبهم ويهرولون كسعي الحجيج .. بصدورهم العريضة
, وقد اعتمروا جميعا سماعات (الناب الأزرق) المخيفة والتي
تكفي همسة فيها كي تجد نفسك خلف الشمس ,في مستعمرات العصاة
لن تمرّ
..لن تمرّ
وحده
الموكب يمر, وأنت واقف تنتظر تحت شمس حارقة ..والأرض تغلي تحت قدميك تاركة علامة
على الأسفلت الطري الساخن .. والعرق نهر يتدفق دون بهجة .. وبحكم الواقع أنت في اللازمن
.. خارج السياق .. واقفا بانتظار همزة وصل تسترسل بعدها كلماتك .. لكن الكلمات
تتوقف في حلقك ,فترى نفسك جملة منسية في جمع مهيب أصم , لايصغي حتى لصوت الأفكار
.. فلا أفكار تحيا في هذا الجحيم .. يبس عقلك كلقمة خبز متحللة .. وأدركت أن لعنة
الجمود قد أصابتك وأهدرت وعيك في انتظار وشجار .. صرت متصلّبا مجنونا.. أثاروا فيك
الغريزة ثم جبّوا ذكورتك .. ومن كتلة الغضب الهادر .. خرجت بلسانك وسلاحك على أضعف
رفاقك وأقلهم بأسا .. وهتفت به في شجاعة حيوان جريح
لن تمرّ
.. لن تمرّ
سيبيعون
أجزاءك , ويغلّفونها ,متاعا مستباحا .. ستصرخ مستجديا لكنهم لايسمعون ..
فالسمع ضعف وابتلاء كما عرفت .. ستحاول استعادة أجزاءك المباعة وبقاياك المبعثرة
على طاولة العرض .. ستضرب رأسك بالجدران حتى تنزف دما ودخانا .. ستحاول الوصول
إليهم .. محاولا الظفر بعفشك وكراكيبك.. لكنهم سيحولون بينكم بالحرس والمتاريس ,
سترى أجزاءك تتبدد في أيدي الزبائن بينما البضاعة تعرض وسط الأناشيد والمهرجانات
الملونة .. وستقطر الحكمة من أفواه الباعة وترفرف الأعلام فوقهم ,ويصدح المكان
بموسيقى التهنئة والمصافحات الرسمية المصوّرة .. سيضحكون كأنما كتب لهم النصر
المبين .. يسخر منك جيرانك وزملاؤك وأولئك الذين وقفوا معك تحت الشمس بانتظار
الخلاص من الموكب الطويل .. يضربوك في حقد قائلين (اضحك .. اضحك يابن الكئيبة) ..
ستصيح بالحرس معترضا حانقا .. (أريد المرور .. فتلك أجزائي التي تبيعون) ,
سينظرون بذات النظرة من على مكاتبهم في استعلاء ..وينبعجون على
كراسيهم .. يرفعون النظارة بثقة وقد تكدست أمامهم أوراق الملكية ويقولون