السبت، 20 فبراير 2010

طَـرحتـي والقلـم !




مذ 10 أشهر فقدتُ قلمي..

لا أدري أين رحل ؟


يا تُرى أأسقطته طرحتى البيضاء أرضاً

ودفنته بين وريقات زهوري الحمراء تلك التي كُنت أحتضنها يوم عُرسي ؟


أم أنه أندس بين ثنايا ألماس خاتم الزواج واستراح !


أم حملته فيروز على جناح موشحاتها الأندلسية التي تغنت بها في ليلة زفافي الى فضاءات أخرى ؟


جاري البحث عنه لمدة أسبوع شهرزادي مجنون

ترقبوا التفاصيل !


الثلاثاء، 9 فبراير 2010

اعترافات على اريكه مُخمليّة !







حلمتُ مذ أول عطسة أن أكون مُحامية !

أرفلُ برداءٍ باذحٍ حالك السواد تُضاهي حلكته كُحل جدتي الذي تحتفظ به في دولابها الخشبي الصغير, أسيرُ بخطىً حثيثة للأمام بُغية الحق, أرفعُ جبهتي دائماً للشمس لتظفر بقُبلةٍ من نور, أترافع عن كل ما هو ساطعٌ/ جليٌ/ مُشرق, فروحي قد جُبلت على تقصي الوضوح وإزالة كل شائبةٍ تُخربشٌ آيات الجمال, أحبُ أن أكون كما خلقني الله, كما فطرني الله, واضحة/ بيضاء/ ناصعة, أقول ما أريدُ قوله بعفويه الصغار, وأعبر عن مشاعري بانسيابية الماء, وأدع إيماءات جسدي تُحكي عن بواطني كيفما تشاء.

تارةً وبشقاوةٍ ممزوجةٍ بالأدب أتحدث وكأنني أستاذةً جامعية مُخضرمة ترتدي كرفتة سوداء فاخرة ونظارة طبيّه سميكه تُمطر تلاميذها بفلسفاتٍ كونفوشيوسيه وتصم آذانهم بكلماتٍ تحملُ في أذيالها خيوطاً عنكبوتيه على شاكلة: براغماتيه.. دوغمائيه.. ابستمولوجيا.. امبرياليه.. انتلجسنيا,, هه ! إلى إلخ من مُصطلحات مُدعي الثقافة وآكلي قشور الكُتب.

وتارةً أخرى أبدو كطفلةٍ غضّه قد لطّخت وجهها للتو ببقايا كريما كعك ميلادها في غمرة انسجام والديها بحديث حبٍ حميمي , تتفتقُ عيناها شقاوةً وتتسعُ دهشة, تترنم بكلمات كأحجية مُبعثرة وتملأ المكان بضحكات جذلى استرقتها خلسةً من عيون رفيقها الأثرم الذي تصحبه مساء كل أربعاء إلى المكتبة لتشتري مجلة ماجد وتُسابقه في إيجاد العم " فضولي", و الذي ما ان تُغازل الشمس جبهته كل صباح حتى يقول: ثمث..ثمث ..ثمث, فتقهقه وكأن الدنيا قد حيزت في يدها .

ومراتٍ كثيرة أُحب أن أتدثر بالحكمة وأتزيا بالوقار, فأُخضب شعري الغجري ببضعِ شيبات وأقول بملأ ثغري الكرزي لمن يتندر بحالي: عيّرتني بالشيب فقلتُ: وقارُ, يا ليتها عيرتني بما هو عارُ ! ,, أتخذُ لي ركناً قصيا في الدار ,أطرزُ ثياب الصغار بانتشاءٍ صوفي, وأرتلُ بخشوع تراتيل قرآنية من سورة مريم التي تفتنني أكثر في كل مرةٍ أقرأها.

أقفُ مشدوهة عند آية ~* وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً *~.
ثمةٍ شيء يتحركُ في داخلي.. ينتزعُ الـ آه ه ه عنوةً, استشعر آلام المُخاض والوحده والظلام, أُبدد شعوري هذا بجمالية الصورة القرآنيه التي رسمها لنا القرآن لـ مريم العذراء المُتبتله في محراب الطُهر والشفافيه والبياض والصفاء والنقاء والعفاف, فكلما احتجت شيئاً من هذا أغترفت من محرابها حفنةً تلو حفنه حتى ترتوي روحي وتنبض مُجدداً.

ومعظم الأحايين, أُحب أن أتبختر برداء المرأة الناضجة التي تتسربل بالأنوثة والجمال والرقة والعذوبة والدلال, أقتفي بذلك أثر صاحبة الحرير الأخضر عائشة رضي الله عنها, التي امتلكت سلاحي الأنوثة الفتاكّة, سلاح: الجمال والعفّه والغنج والدلال في كفة, وسلاح: الأدب والثقافة والمعرفة في كفةٍ أخرى. أحبها كثيراً,,كثيراً,,كثيراً, ولفرط اعجابي بها حفظت معظم ما جاء في سيرتها عن ظهر قلب وعن قلب ظهر كما يحلو لكم أن تسموه" تفلتُ قهقه هنا ".

ولأنني اليوم أستلقي على أريكةٍ مُخملية تعج بنمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة, استعرتها من ليالي ألف ليلة وليلة, سأجسد دور شهرزاد وأحكي كلاماً مُباحاً قبل أن يُدركني الصباح:


- أعترف أن قلةً قليلة تظفر بأنشودة الصباح الشعرية التي أبتدر بها صباحي كل يوم, فأقول لمن يوقظني بانتشاء:

صباحُ الخير يا حُلوة
صباحُ الخير يا قديستي الحُلوة
مضى عامانِ يا أمي
عن الولد الذي أبحر
برحلته الخرافيه
وخبأ في حقائبه
قصائد بلاده الأخضر.

ولعل أكثر رفيقه تستمتع بذلك بصوتي المُنتشي فرحاً: وفائي :)

- أعترف أنني أكون في أوج شقاوتي عندما أقول في مساءٍ ما لأحدهم: صباحُ الخير ! وأبصر أمارات الدهشة على وجهه !..أقهقه, فأردفُ قائلةً : صبّحته عند المساءِ فقال لي: أتهزأ بقدري أم تُريدُ مُزاحا ؟,, فأجبته: إشراق وجهك غرّني حتى تبينتُ المساء صباحا . وأعترف أن والدتي المصون تخشي عليّ كثيراً عندما أتفوه بها في جمعةٍ أسرية حميميه تجمع بنات زهرة والمريخ.

- أعترف أنني لم أتخلص حتى الآن من فوبيا القطط, على الرغم من أنني أعشقُ شقاوة عيونها المُتلألأة, أهوى رقة فرائها الدافىء, تلويحة ذيلها الثائر, ولكن دون أن تقترب, أواااااااااه ..
إن اقتربت !
(( تفلتُ مني أصواتاً ودموع دونما شعور, تخلع رداء الهيبه الذي أتدثر به )).

ولازلتُ أدعي رب السماء مع كل فجر طريّ, أن لا يجلب " زوج المستقبل ", قطة معه ليلة زفافنا , يشنقها من رقبتها أمامي بيديه الخشنتين حتى أهابه ( تيمناً بعادات الشرقيين), لذا أقولها بملأ ثغري الكرزي من الآن: سأهابك ..أهابك..أهابك..دونما قطة ! .

- أعترف أن العيون العسليّه تُذكي شهيّه الكتابة لديّ, تبدو لي وكأنها وليمة عسلٍ أُعدت في طبقٍ من فضّه, أغمس بها ريشتي الشهرزاديّه بهدوء لأخط أجمل مخطوطه عشقيّه . فطوبى للعيون العسليه لأنها تظفر بنص أدبي مُترع بالجمال دون سابق إصرارٍ و تصميم. هه! يبدو لي أن شياطين الأدب ستُزين لقارىء هذا الإعتراف فكرة ارتداء عدساتٍ عسليّه لاصقة ليكون مُلهمي !, لا تحاولوا فعل ذلك البتّه البتّه, حتى لا تتحولوا إلى موضع قدحٍ ورثاء .

- أعترف أنني أحب أن أمارس شقاوتي كثيراً على جدتي ذات الوجه القطني, هه !, تعتريني رغبة كلما أقتربت منها..أن ألتهم شيئاً من خدودها , أشعر أنها تحملُ مذاق " خدود البنات " الهشّه الطريّه الرخوة, أو ربّما " كبدة الفرس " التي نتناولها في بلاد الأناضول كل صيف .

- أحب عالم جدتي كثيراً, تفاصيله الصغيرة تفتنني, المكحله الذهبيه التي تُخبئها بعناية في دولابها الخشبي,,قارورة دهن العود الأصيل,,الغلالة السوداء التي تلتفعُ بها,, فساتينها الرحيبه جداً, أما حقيبتها الصغيرة فقد تفوقت على مصباح علاء الدين في تحقيق مطالبنا,, ما ان تحتاجُ شيئاً حتى تجده فيها ( قلم ..حبوب للصداع.. ماشة للشعر.. قطعة شوكولا فاخرة.. وصفة كبسة اللحم على الطريقه السعوديّه ) ..هه ! كل شيء .

- أعترف أنني مازلتُ أبحثُ عبثاً في خارطة شجرة العائلة المُوقرة, علّي أصل في النهاية إلى أن أصولنا تعود لـ جدي الأكبر " أبو الطيب المُتنبي ", فأفرح / أسعد / أزغرد, أن كروموسوماتي تحملُ شذرات من قصائده فتبضُ مُجدداً في روح أحد أحفادي وفقاً لقوانين الجينات التي أنهكتنا دراستها في المدرسه. هه ! وحتى أُكنى يوماً ما بجدة: المُتنبي الصغير .

-

- هههه " أعلم أن هذا الأسم بعثركم وتداعى لكم على الفور اسم: الأعمش الصغير الذي يقبع في ذاكرتكم ! ولسان حالكم يقول: تباً لتلك الصغيرة المُشاكسه, تختلق الأسماء/ الأماكن/ الموجودات, لفكرتها, فكرتها فقط وما تُريد . نعم / أُحب أن أصنع لي عالماً جميلاً أسكنه ويسكنني فيغدو يوماً حقيقة تتربع أمامي بطولها وعرضها .


- أتلهف لكل صباحٍ جديد بشغف, فالصباحات عادةً ما تزج في نفوسنا حفنة حب وخير وجمال, يأتي الصباح ليمسح على القلوب الطيبه ويُطمئنها قائلاً: مازالت الأرواح البيضاء تغمر الأرض جمالاً والسماء إشراقا. يأتي الصباح ليفسح للخير مساحة ليتنامى في أرواحنا ويغدو أكوانا صغيرة جنباً إلى جنب, كوناً للمساكين, كوناً لليتامى, كوناً للمنكوبين, كوناً للفقراء والبسطاء , كوناً للمجانين, كوناً للأطفال الضريرين, كوناً للمُحتاجين .
- نعم / الصباح منحة وفسحه من رب السماء لكل حبٍ/ خيرٍ/ وجمال.

- يُبهرني الليل المُتشح بالصمت, لأنه يُرخى أخيلته على أجفان الأغنياء والفقراء على حدٍ سواء بذات العدل والحكمه, يُصور للفقير المُدقع في أحلامه أنه ملك الزمان يعيش في أبهى القصور بتدلهٍ وجمال, ويُصور للغني المُدلل أنه أسحق كادحي الأرض, يعمل بيديه/ يتعرق جبينه حتى تطيب له لقمة العيش. أعترف أن نشوة العدل السماوي تعتريني كل ليله وتجعلني أغفو بسلام !.

- كل شيء أبيض يملأ روحي بالجمال, بياضُ كُراس المدرسه قبل حشوه بالأرقام والمعادلات والقوانين, بياض حليب البقر الطازج قبل اقحام المواد الحافظة والكيمياويات, بياض اللؤلؤ المنزوع من محارةٍ نادره, بياض ندف الثلج في حديقة المنزل, بياض فروة خروف العيد, بياض قلب ماما, وحتى بياض لحية عمي الزمخشري " وهي كُنية أطلقتها عليه للمُتشابهات السبع التي تجمعه بالعلامة الزمخشري ! "....يااااااااااااااه, كم تحبوا دس أنوفكم الغضّه في كل شيء يا بني يعرب, لن أفصح عن أوجه الشبه تلك, ابحثوا وستشبعوا ذلك بأيديكم .


- أعترف انني أحتفظُ بزهرةٍ مُجففة في كتاب, من كل دولةٍ زرتها, من كل حضارةٍ اعتليتُ عرشها يوماً, , لأنني أؤمن أن الأزهار وحدها تحتفظ بروح السماء التي تلمست نورها مذ ان شقشقت أكمامها, وروح الأرض التي وُلدت/ شربت/ أكلت/ كبرت في جنباتها, صافيّة دون أي شائبةٍ تطمس جمالها الذي خلقت عليه, فتراني كلما اشتقتُ لأرض عبرتها يوماً هممت بتلمس وريقات الزهرة التي اقتطفتها منها, لأسكب روحها مجدداً في روحي وأشبع الحنين.

- قهقه ! أُريد أن أوشوش في آذانكم بشيء: وأنا أكتب هذه المقطوعه باغتني حنين لمدينة دير القمر اللبنانية التي تغنت بها جارة القمر: فيروز " نحنا والقمر جيران ", فجلبت الكتاب الذي يحمل زهرة تلك المدينة, غمرتها بلمساتٍ حانيه وأودعتها ثانيةً / شعور خلاب حقاً .

-أعترف أنني أُحب أن أحيل كل شيء من حولي إلى وترٍ من أوتار الجمال, أحب أن أجعله يبدو أجمل من قصيدةٍ شعريه , لوحةٍ فنيّه, سمفونية موسيقيّه, فإن لم تكن عنصر جمال, فأنت على الدنيا زائدُ, زائدٌ, زائد.

-أعترف أنني أتماهى بجذل مع كل ما يحملُ فناً جميلاً وإرثاً ثقافياً, قد يكون قطعة قماشٍ مُطرزة بعناية في جبال بلاد الأناضول / أقراط ليلكيّه ممزوجه بالعسجد من قصر تاج محل المهيب/ خفين منسوجين من زهر الكستناء في روابي سويسريّه/ لوحة من مُخلفات المُستشرقين / خاتم مزخرف بأبيات شعريّه من مكناس / أو حتى مزيج عطورٍ شرقيّه, أي شيء يحملُ فناً وجمالا, يختصر حضارة وثقافة, يموج بتقليد اجتماعي او فلكورٍ تراثي, يُطربني, يُسكرني, يُشعرني بأهليته للاحتفاء بجماله والتحليق بأبعاده الثقافيه.

- أجمل صباح يبتدأ عندي بملعقة عسل من يد " ماما ", وملعقة عسل رديفه من يد " بابا ", أرتشفهما على عجالة مع ترديد أدعيه الخروج من المنزل مع بابا وأنا ذاهبة لعقد علاقة حبٍ جديدة مع يوم جديد, وحلمٍ جديد وإنجازٍ جديد.


- عندما أُهدى فرداً كتاب, هذا يعني أنني أقول له: هنيئاً لي بك صديقاً, فالكتاب بالنسبة لي خير ميثاق لعقد علاقة صداقة/ حب. فلاشيء يُضاهي قيمة ما يحتويه في إبرام هدنةٍ كهذه.


- أصدقائي الأدباء الأموات منهم والأحياء, لهم عادات غريبة في الكتابة, فألبير كامو لا يكتب إلا وهو واقف على رجليه, وجدي الأكبر المُتنبي لا يكتب إلا على وقع خطواته, وفولتير لا يخطُ حرفاً إلا بعدما تحتشد أمامه صفوف أقلام الرصاص, وأبو تمام-تممّ الله عقله- لا تتنزل عليه شياطين الأدب إلا في غرفة حارّه يرش أرضها بالماء, وواحداً لا يحلو النظم عنده إلا وهو جائع, وآخراً يكتب في زحمة قطارات المترو فقط, لذا فإني أعترف أنني بتُ أغار كثيراً بعدما تعرفتُ على طقوسهم, فاستحدثت لي طقوساً خرافيّه لأسير على خطاهم.



فلا أكتب عن حضارة الأندلس إلا على وقع موشحات أندلسية, ولا أكتب عن الدولة العثمانية إلا بعدما أرتدي شروالاً واسعاً و طربوشاً عثمانياً وأتناول " دندرما مٌطرزة بالفستق ", ولا تحلو الكتابة عن الأدب الانجليزي والفرنسي إلا بقبعة دانتيل فاخرة على الطراز الفيكتوري, أما إذا أردت أن أكتب عن مذكراتي في البندقيّه فلا أمسك مدادي إلا وبيتزا الفصول الأربعة قد اشبعت عصافير بطني, وأجمل شيء عندما أكتب عن (( لورا )) بطلة روايتي " التي لم تصدر بعد ", ذات الجذور المغربيّه تُراني أستلقي في حوض حمامٍ مغربي مليء بالأعشاب الطبيعيّه, تحدوه الشموع العطريه, ومع ارتشاف الشاي المغربي أنسج وقائع الرواية. ههههه ! " للقهقهات ليس إلاّ " .


- أعترف أنني عندما أهيمُ بلحظة تجلٍ أدبيه, لا أعرف سوى أن أكتب , ولا أشعر إلا أنني أود أن أكتب, ولا أهدأ إلا بعدما أكتب ! .
-
- أكتبُ في كل مكان, حتى على أهداب طفل, وشيب كهل, وعصا مكفوف, وأنامل عاجز, وعقل مجنون, وجدائل غانيه, هه ! وحتى على منديل أم كلثوم الذي بيع في المزاد والذي أغرقته دموعاً عندما تغنت برائعه أبو فراس الحمداني " أراك عصيّ الدمع شيمتك الصبر أما للهوى نهيُ عليك ولا أمر** بلى انا مشتاق وعندي لوعة ولكن مثلي لا يذاع له سر ! ".

- أحياناً تعتريني رغبة مجنونة... أن أحيل هذا العالم إلى كلمات..كلمات..كلمات ! .. تضجُ فتنة وعذوبة ورقة , وتجعل العالم أجمل مما هو عليه , أليس لي الحق في ذلك ؟ !



-كل كتابٍ أنهي قراءته أستودع فيه جلّ تأملاتي, أزجه بحب في مكتبتي الكلاسيكيه, , أدعه يغفو على أحد الرفوف لحين إيقاظ أحدهم له, أتساءل بيني وبين حالي: يا تُرى هل سيدرك أبنائي وأحفادي قيمة هذا الإرث الثقافي الذي خلفته لهم, هل سينال العلم شأواً عظيماً في نفوسهم كما نال من نفسي, هل سيصبح الكتاب أنيس لياليهم, وفاكهه موائدهم؟.

أعترف أن مكتبتي أثمن ثروة أمتلكها, فيها أودعت تواريخ عصور قديمة, وأحداث أزمنة تليدة, وعقول حكماء, وتجارب علماء, وعقائد أنبياء, وشرائع فقهاء, ونثار أدباء, وبذار شعراء, سافرتُ عبرها إلى أزمانٍ غابرة, تقلدت مناصباً عديدة, مرةً كنت وزيرة ومرة أخرى أميرة, قرأت فيها سير الأولين وأخبار الأقدمين, جبتُ حضارات, واقتحمتُ ثقافات, صافحتُ فلسفات, وعانقتُ رؤىً وخبرات. أحببت/ تألمت/ عشقت/ تغنيت/ فرحت/ بكيت/ حلمت/ كبرت/ تعلمت.
كل هذا عشته بين وريقات كُتبي, فتشكلتُ ~ سارّه ~ الماثلة أمامكم !

وسكتت شهرزاد عن الكلام المُباح, عندما أدركها الصباح !

الاثنين، 11 يناير 2010

حكايات شهرزادي الصغيرة -1-


تتهادى إليّ بخفةٍ ودلال كالحمائم اللندنيه في أعياد الميلاد,
تحملُ على جناحيها كومة من التساؤلات والأمنيات
تطرحها أمامي, وتنتصب كقاضيه في محكمة عدل تستجلي الحقائق والأسرار ..

تقول لي صغيرتي الجميلة ذات الشعر الغجري المُتمرد :


ماما / أريد أن أتلمس النور, من شموس الكتب التي أحتضنها بين يدي الطريتين .. أريد أن أتلمس العالم من حولي ..أستقرأ الموجودات..الكائنات..الكلمات..كل شيء, كل شيء يُشبع حواسي المُتلهفه لاكتشاف فضائنا الصغير والكبير .

ماما / أريد أن أندس في أحضان المدن التي ترصع خارطة العالم, أستكشف أغوارها, أغوص في أعماق ثقافتها , أهيم في أراضيها, شوارعها, حاراتها, أسواقها , أريد أن أتعرف على عادات وتقاليد شعبها, وأزور أهم المعالم التاريخيه فيها, أود أن أغوص في تاريخها و أتعرف على ملامحها الحضاريه وتاريخ نشأتها وتطورها الزمني, أحب أن أطّلع على سياستها الداخليه وأتعرف على وجوه حكامها, أحب أن أتذوق نكهات مطبخها التقليدي وأجرب تحضير بعض أطباقها الشهيره, أريد يوماً أن أطرق أبواب بيوتها العتيقه, أحل ضيفه على إحدى أسرها الأصيله أتسامر معهم, وأنغمس في ثقافة مختلفة في حضرتهم .


ماما/ أنا أحب أن أعيش كما علمتيني, أعيش أكثر من حياة في حياةٍ واحده, أتذوق كل يوم ثقافة جديدة, وأسبر أعماق حضارةٍ أخرى, أتعايش مع مختلف الشعوب والأجناس البشريه لا أنكفأ على نفسي في ظل جغرافيتي المحدوده, ألم تقولي ذات مساء من قبس قرآننا الكريم " وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا " .

ماما / قبل أن أغفو ذات ليلة قلتِ لي أن الليل ملك العدل في الأرض, فهو يُصور للفقير المُدقع في منامه وأحلامه أنه ملك الملوك يعيش في أبهى القصور بتدلهٍ وجمال, ويُصور للغني المدلل أنه أسحق كادحي الأرض يعملُ بيديه/ يتعرق جبينه حتى ينال لقمة العيش !

بت أفكر في ذلك كثيراً, وأتمنى لو كان يومنا كله ليلاً, ولكنك قلتِ لي من قبس كتابنا المجيد " وجعلنا النهار معاشا ", وبينتِ لي أهميه العمل والكدح والكسب الحلال, فحتى ننال شرف الحياة لابد أن نعمر الأكوان من حولنا, ونُحيي فيها خيرات السماء التي تهطل علينا بمعيّه إلهنا الكريم .

ماما / قال لي " بابا " ذات مرّه ونحن على متن الطائرة نناظر الأرض من فوق سماوات عدّه, : انظري يا صغيرتي الحلوة إلى أراضي الله الواسعه وأقرئيها, فكل شيء فيها قابلٌ للقراءة, حتى ولم تتعلمي القراءة بعد !

وتركني وحدي أصارع أمواج أفكاري, أحاول أن أفكك ما قاله لي!, وأتفرس في وجه كل شيء يدور حولي, لعلي أقرأ شيئاً من سبورة الحياة, أقرأ السماء, أقرأ الأرض, أقرأ اليابس والحي, أقرأ الإنسان والحيوان والنبات, بت أقرأ في دفاتر الموجودات, حتى أصل للحقيقه بنفسي بفعل الفطرة والطبيعه, فلا حقيقة أنصع من تلك التي يشتمها الإنسان ويسمعها ويراها بنفسه بفعل حواسه التي وهبها الله له للتعلم والمعرفه .


يتبع مع أحاديث صغيرتي 2


الجمعة، 8 يناير 2010

قالت لي انعام ..



* قالت لي انعام ..


· كلّما منحتِ الرجل ثقة أكبر, اقترب منكِ أكثر .
· لا تُكبليه في قفصكِ, بل اطلقي سراحه, فإن كان لكِ سيعود, وإن لم يعد فهو لم يكن لكِ منذ البداية.
· دعيه دوماً يحتاج لإشباع حاجة ملحة لديه تتوافر فيكِ أنتِ دون غيركِ .
· كوني مُشوقة ومُتجددة كشهرزاد, في كل يوم لديها حكاية مثيرة ينتظرها .
· لا خجل مع الحب, فلا تكوني أبداً خجوله في الحب معه .


- قد تتساءلون من تكون انعام تلك ؟

أنعام الخفش هي أديبة فلسطينيه التقيتها على مائدة عشاءٍ شامي في دمشق في غرّه سنة 2010,

وقد شاقني حديثها الذي ينم عن ثقافة واسعه ممتدة مُدعمه بتجارب وخبرات قيّمه عاشتها .

يُقال (( أن تستمع لتجربه خير لك من أن تقرأ مكتبه )) .


أظن أن تلك المقولة تصدق في بعض الأحيان !


شهرزاد

دمشق-2010

الاثنين، 4 يناير 2010

روز لن تموت !


صبيحة السبت
2/1/2010
دمشق القديمة






أغرسُ نفسي ياسمينة في قلب فناء بيت " روز " الدمشقي العتيق الذي أقطنه

هذا الصباح..

أُصافح كل شيء حولي بسلام..

شجرة النانرنج.. بحرة الدار.. شجرة الميلاد.. الكراسي الخشبيه العتيقه..
صوت فيروز.. ديوان نزار .. مشربيات البيتالزهور الحمراء التي تشي بحضور نزق في كل الزوايا






بيت " روز " هو بيت دمشقي عتيق بني في القرن الثامن عشر ويقع في دمشق القديمة عند باب توما , ذلك الحي المسيحيّ المُطرز بتراتيل راهباتها وقديسيها, والذي يتزين هذه الفترة بأشجار الميلاد المضيئة وهدايا " بابا نويل ".









ما يميز بيت روز هو احتفاظه بالشكل التقليدي العتيق للبيت الدمشقي الأصيل .. البحرة التي تتوسط الدار وتهبك ماؤها العذب.. شجرة النانرنج التي تقف على استحياء في زاويه البيت تهبك من ثمارها الصفراء الحامضة الممزوجه بشيء من مذاق المر " توازن طبيعي غريب ينبأ بطبيعه الحياة التي تحمل مذاقاات متناقضة في آنٍ واحد " . تستشعر في غرف البيت بحميميه لا تقاوم, ودفء لم أذقه في أي مكان من ذي قبل, فالنقوش التي تزين أسقفها .. واللوحات التي تعتلي جدرانها.. والرائحة التي تصطبغ بها تخلق فيها سحراً غريباً .. حتى حماماتها التي تمزج بين الطراز العثماني القديم والشامي العتيق .














بيت روز هو بيت صغير لسيدة دمشقيّه أصيلة تُدعى " روز مقصود ", وقد كانت معروفه جداً في دمشق القديمة لذا سُمي البيت على أسمها بعد موتها وتحويله الى فندق يقصده عشاق الزهر والجمال من العالم أجمع .

المثير في البيت أن روح روز مازالت حاضرة في المكان, تعبق بها الزوايا والجدران, ووجهها لايزال مستودع في ذاكرة المكان .

فقد رأيتها بإحدى الصور التي ترصع المكان, وهي تبدو بوجها الجميل ذو الملامح الدقيقه القريبه إلى ملامح النساء الفرنسيات .. الأنف الأرنبي الدقيق .. والثغر الناعم الحلو.. والعيون الممتلأة كبرياءً وغرورا ..

أينما يممت شطر وجهي في بيتها رأيتها فيه .. هناك تحت الشجرة أراها وهي تقطف ثمار النارنج لتحضر بيديها مربى شهيه طبيعيه.. في مجلس الدار أشتم رائحة القهوة التركيه التي ترتشفها وهي تثرثر مع " نسوان الحارّه " .. على الدرج أراها منكبة على قطعه قماش ناعم تُحيكه بعنايه لولادة حفيدها الأول..



روز تمتثل أمامي في كل بقعه .. في كل زاويه وتمنحني جمالاً دمشقياً أصيلاً, يحتفظُ بخصوصيه الثقافة الشرقيه التي نشأ في رحمها .

تخيلوا معي هذا الصرح العذري وقد امتدت إليه أيادي العولمة ودشنت فيه مظاهر العصر الحديث ماذا سيكون عليه ؟

بتُ أوقن يوماً بعد يوم, بأن كل ثقافة يجب أن لا تتماهى مع ثقافة أخرى, يجب أن تعيش بملامحها الطفوليه ولا تشيخ أبداً, يجب ان تبقى مُحتفظة بنكتها الأصليه دون توابل دخيلة لا تتوافق مع طبيعتها .

قد تستغربون فكرتي هذه , ولكن ماأراه وأحسه وأشمه يُبرهن لي أصالة ذلك, فأنا هنا لا أعارض فكرة " التعارف والإندماج " مع الثقافات والحضارات الآخرى, وإنما أستنكر فكرة " الإنسلاخ " من الثقافة الأصيلة والذوبان والإنصهار بثقافة أخرى هجينة . كل ثقافة تحتاج أن تحمل هويّه تُميزها عن غيرها, كل ثقافة يجب أن تحتفظ بجعبتها الحضاريه النفيسه ولا تُفرط بجواهرها أبدا . فمقدار أصالة أي حضارة إنسانيه يتوقف على مقدار احتفاظها بثقافتها الأصيلة .


يأتيني النادل الشامي , يقول لي بمنتهى الذوق والكرم الدمشقي ..


- يسعد صباحكِ صبيّه, شو بدّك تشربي ؟

أمتلأ بإحساس جميل, وأجيبه قائله ..

- بدّي أهوة مرّه
" فلا حاجة للسكر في مكانٍ كهذا رسولاً للجمال.


ههه ..
أتعلمون ماذا ؟

أرى ملامح روز مرتسمة على وجه فنجان قهوتي المره!

أُردد بيني وبين نفسي قائلة:
روز لن تموت ..
روز لن تموت ..
روز لن تموت ..


أخيراً أقول لمن كان يُثرثر معي في هذا الصباح الدمشقي:
ليست هناك لغة عظيمة بلا حُبٍ عظيم, فكن حبيبي حتى أستحق مجد الكتابة, فلا مجد لكاتبٍ لا يعشق !
-نزار-

شهرزاد
دمشق القديمة- 2010

الأحد، 6 ديسمبر 2009

لماذا التايلنديّه ؟





من المُثير جداً أن تكون متن باخرة فاخرة تضم وجوهاً تختصرُ لك خريطة العالم وأنت جالسٌ تتفرج !

كنت أتناول الغداء مع زوجي في الباخرة على مائدةٍ تتطاير منها روائح ثقافاتٍ عدة, على يميني تجلس سيدة أربعينيه هنغاريّه تشتعل عيونها غيرة على زوجها الأسترالي الوسيم, وعلى يساري عجوزاً إيطاليّه تكتنز شحماً كثيراً.. لا تنفك عن الثرثرة والتبرم من عالم الرجال, و أمامي تجلس إمرأة ذات أنفٍ أفطس وعيونٍ يخشى النور أن يدخلهما لفرط سوادها وصغرهما, كل شيء فيها ينبأ أنها إمرأة تايلنديّه من الطراز الأول, أثارت فضولي حقاً مذ أن رأيتها .. فقد كانت تتناول الغداء مع رجلٍ أشقر ذو عيون خضراء من بلاد التشيك, تُصغي لحديثه بإمعان, وترشقه بابتساماتها الهادئة بين الفينة والأخرى, تساءلنا عن ماهيّه علاقتهما الغريبة, فأجاب قائلاً: هذه زوجتي !!!, تزوجتها مذ عامين, فقد كان حلم الإقتران بإمرأة تايلنديّه يجتاحني مذ زمن, لأنني أرى أنها تتميز عن المرأة الأوروبيه بأمورٍ عدة:


1. المرأة التايلنديّه مُمتلئة بالأنوثة, فهي تمارس أدوارها كأنثى/ كزوجة/كأم كما يبنغي أن يكون دون إحساس بالدونيّه والهيمنة الذكوريه . فلن تجدها يوماً تمتعض من العناية بعشك الصغير الذي يجمعك بها , ولن تجد شياطين الغضب تطفو على وجهها إثر تكدس الثياب المتسخة التي يستوجب غسلها, ولن تراها تتأفف إثر تقطيع حبات البصل والثوم لتحضير وجبة الغداء لأبنائك, ولن تتوانى يوماً عن ابتكار أساليب جديدة تزيد من الحب بينكما . فهي تقدس الزوج والأسرة أيما تقديس.

2. تعنى بزوجها بامتياز وتُدللـه بما أودع الله في الأنثى من مهارات ساحرة لتدليع الرجل فهي تحبه, تحن عليه, تمطره بلمساتها الأنثويه الحانية , وتثير فيه كل ألوان المتعه الحسيّه بشغف .

3. تناغمها وانسجامها مع روحها يخلق حولها هالة من الجاذبية والسحر لا تقاومان, فتجعل الرجل ينجذب نحو فلكها بانسيابيه دونما شعور .

4. ابتسامتها المرسومة على وجهها دوماً, تبث الفرح في نفسك في كل وقت, وصوتها الخفيض الهادىء الذي ينساب الى أذنيك بهارمونيه مفرطة .

5. أداءها لأعمالها بمنتهى الهدوء والإتقان .

بعد هذا اليوم, باتت روح المرأة التايلندية تستهويني وتُحرضني على اكتشاف المزيد من أسرارها, ففي أحد الأيام زرت أحد دور المساج التايلندية وبعد قضاء ساعة مذهلة في رحاب المساج التايلندي, سألت العاملة التايلندية: ما سر المرأة التايلندية, فأجابتني بهدوء وابتسامة قائلة:

Smooth .. soft .. slowly .. smile


يا تُرى هل هذا هو الأنموذج النسوي الذي ينشده الرجل في المرأة ؟
والتي تحيله طفلاً مُدللاً في أحضان أنثاه ؟
رافقتكم المحبة:
شهرزاد

الأحد، 29 نوفمبر 2009

على طبقٍ زمردي إلى شهرياري



بعد أمسية عشاء رائقة, وجّه لي (( شهرياري )) سؤالاً , بنظرةٍ ملؤها شقاوةً وذكاءً :
هل سيكون لشهرزاد قيمة تاريخيّه واجتماعيّه لولا وجود شهريار ؟

بمعنى آخر :
من له الأسبقيّه في توهج الآخر : شهرزاد أم شهريار ؟

أممم ..
يبدو للناظر وللنظرة الأولى انه لغزٌ لعوب, أشبه ما يكون بسؤال : الدجاجة تلد البيضة أولاً, أم البيضة تلد الدجاجة ؟
أو قد يبدو لآخرين انه سؤال أدبي عميق, يحتاج الى إجابة مُخضرمة تشبه تلك التي يُطنب فيها أكاديميي الأدب العربي في كتب دراساتهم النقديّه الغزيرة !

ههه !

لن أمطرك يا شهريار بوابل فلسفات تسير على هذا المنهاج, بل سأكتفي بأن أوجه لك هذا السؤال :
هل يكتسب عقد الذهب قيمته عندما يُرصع عنق حسناء, أم أن قيمته محفوظة سواء تزينت به أو بقي لدى الصائغ محفوظاً جميلاً بقيمتة الثمينة , والذي لا يختلف على رونقه اثنان؟


ولكم أنتم الحكم على ما أقول ؟
;)
همسة أخيرة :
أُهديك موشح زفافنا الشهرزادي
http://www.youtube.com/watch?v=AKZOEFeZMiw

رافقتكم المحبه
شهرزاد